مراكز غسيل الأدمغة وكيف ننجو

07:12 2021/06/28

قبل أيام افتتحت مليشيات الحوثي مراكز للأطفال، وكما فعلت سابقًا في جرفهم بالقوة إلى الجبهات فعلت ذلك في إجبارهم على الحضور بطرق مختلفة.
 
مرَّت هذه الظاهرة دون أن تأخذ حقها الكامل إعلاميًا من قبل الشرعية والناشطين والإعلاميين.
 
كان يجب أن تصل هذه القضية إلى منظمات دولية وعالمية كونها عملية تفخيخ لأطفال سوف يتحولون إلى وقود حرب خلال أسابيع فقط، هذه التصرفات لم تصل لأننا متقاعسون ونجهل كيف نصل بها بشكلها ومضمونها وخطورتها إلى المجتمع الدولي والجمهور العام العالمي.
 
مليشيات الحوثي مثلما استخدمت الأرض وزرعتها بملايين الألغام استخدمت أيضا الأطفال كحقول ألغام مستقبلية ستنفجر مثلما تنفجر الألغام لا تفرق بين طفل ولا حديد ولا حيوان ولا شيخ ولا امرأة ولا صاحب ولا قريب، وكذلك الأطفال الملغمة عقولهم سينفجرون يوما في وجوه آبائهم وإخوتهم وفي وجوهنا جميعًا وسيذهبون للهلاك بطريقة مأجوجية يشربون البلد ويموتون بالنَّغَف وتأكل جثثهم الطير والسباع في صحاري مأرب وتهامة وجبال تعز والبيضاء ومريس.. سينفجرون بأفكارهم ويلوثون هذا الوطن بمخرجات العنصرية والسلالية والجهاد المعقود بالقضاء أولا على كل يمني كشرط للوصول إلى القدس.
 
لنتصور جميعًا حقيقة أن جيلا كاملا سينمو محشوا بخرافات البيت والتقديس والعبودية، هذا الجيل لن يتعلم الفن ولا الرسم ولا التجارة ولا اللغات ولا الحاسوب والرياضيات ولا الطب ولا الهندسة، فقط سيتعلم كيف يصرخ ويقتل ويهذي بما ورد في ملازم السيد عن مسيرة قرآنية جديدة جعلتهم يحرقون نصف اليمن.
 
هذا الجيل سنضطر للعيش معه وتقبُّل كل ما يمليه علينا من عبادات وأحكام وقضايا وحتى حكايات عن ماضيهم الطاهر وغزواتهم المباركة الملطخة بدمائنا ودماء أحبابنا، سنضطر لسماع زواملهم المشحونة بالقبور والقنابل والغبار والرماد.
كثير من الآباء أخفوا أبناءهم عن الحوثي وبعضهم قام بتهريبهم خارج حدود المناطق المحتلة وآخرون كثر استسلموا.
 
وفي الحقيقة نحن نستمر في تسهيل ذلك للحوثيين باختلاق معارك بينية واستمرارنا في إفساد ما بيننا البين وزرع الفتن بين الأخ وأخيه والجار وجاره.
 
كل المناطق خارج حدود المناطق التي استولى عليها الحوثي تلغَّمت ذاتيًا بالفساد والحزبية والأحقاد وخاست من الداخل وفسدت وأعطبت، حتى إن بعض الوطنيين أصبحوا أكثر خيانة من الخونة أنفسهم... حتى إن الفقراء الهالكة أمعاؤهم خرجوا يهتفون على المارة كالجبابرة في الشوارع.. حتى المغفلين أصبحوا يلقون محاضرات في التنمية الذاتية الشاملة... حتى السفهاء خرجوا يعدون دروسا في شرح الصحيحين... حتى الفاسدين أصبحوا يحاسبون الناس على ماكسبت أيديهم وعن أقواتهم التي لم تصل إليهم ولم يُشاركوهم إياها وعن الأخماس والأسداس وضعف الضعف الذي شرعنوه لأنفسهم من حقوق الناس... حتى السفاحون أصبحوا يمتلكون الجرأة الرهيبة في الحديث عن العشق والرومانسية وعن الحلال والحرام، يتحدثون كأنبياء ويتحركون كفسقة... حتى زعماء الحرب يتخشعون كثيرا وهم يتحدثون عن السلام..
 
كل هذه التصرفات جعلت من نطاق الشرعية شعبا مستباحا ومغفلا يحد الحوثي شفرته خلف الجبل ونحن نستمر في تسمين أجسادنا له، كل هذه التصرفات سهَّلت للحوثي جرف أولاد الناس إليه، كل هذه التصرفات أقنعت ضعفاء كثيرين من القاطنين في مناطق الحوثي أن الحوثي أفضل بكثير منا.
 
نحن فعلنا ذلك وخدمنا الحوثي بتصرفاتنا وخربنا بيوتنا بأيدينا، لم يرسل الحوثي إلينا جواسيسه لافتعال مشاكل لأننا كفيناه مؤونة ذلك وتكفلنا بفعل ما لم يخطر على بال إبليس نفسه.
 
العدالة وتثبيت الأمن والسير نحو طريق التنمية ولو في مربعات صغيرة ستشعر الناس بأحقية قضيتنا وباطلهم، لم نكن نحتاج لمحاضرات ولا قصص لنثبت أننا على حق حتى ابتعدنا كثيرا بسبب أفعال البعض.
 
نحتاج أن نفهم بعضنا لننجو وننجح ونتحصن ونحصن عقول وأدمغة أطفالنا من الضياع والتلغيم الممنهج.
 
سننجو إذا فهمنا الكارثة التي وصلنا إليها بسبب الأحزاب المتسكعة في الشوارع والحارات، سننجو إذا رفعنا أيدينا وألسنتنا عن شتم الآخرين بسبب وبدون سبب، سننجو حين ندرك أننا بشر يحق لنا أن نفكر لوحدنا خارج قوقعة حزب أو جماعة أو طائفة..
 
سننجو حين نهتف للوطن وحده ونترك المناطقية المقيتة والتحزب الأعمى.
 
أما الفساد فإنه يبدأ من أيدينا نحن حين نرضخ للنشالين ونعطيهم ما لا يستحقونه ونسمح للمرتشين أن يبتزونا ونحن نبتسم بحجة المُخارجة، ونصمت عن اللصوص ونحن نشاهدهم يسرقون حقوقنا أمام أعيننا.
 
الخلاصة؛ لن يستطيع الحوثيون أن يجعلوا منا وحوشا إلا اذا فتحنا الباب لهم وهيأنا أنفسنا لهم مثلما تُهيأ العروس.
 
نستطيع أن ننجو إذا أحسنا فهمهم وأحسنا فهم ديننا الحنيف.. فهل ننتظرهم حتى يستخدمونا أم نتعلم كيف نحتفظ بإنسانيتنا؟