حقائق- لنعترف بأن الفيروس لم تتم السيطرة عليه بعد: «متحور فيروسي آخر في الطريق»

  • جون كينغاسونغ | خدمة «نيويورك تايمز»
  • 09:58 2022/01/26

في كل مرة يظهر فيها شكل جديد من فيروس «كورونا»، يتبع العالم نمطاً مماثلاً. ويتشارك العلماء في هذا الاكتشاف، وتنتج حالة من الذعر. فلا يجري القيام بما يكفي بين كل موجة لمنع الموجة التالية أو الاستعداد لها.
 
فاجأ «أوميكرون» الكثير من العالم. ليس من خلال وجوده، هذا ما تفعله الفيروسات، لكن من خلال مدى وسرعة انتشار العدوى. حاولت البلدان وضع سياسات في الوقت الحقيقي كان من الواجب تطبيقها قبل ذلك بفترة طويلة، مثل التأكد من توفر إمدادات كافية من الاختبارات.
 
مع اقتراب العام الثالث من تفشي وباء «كورونا»، يتعين على العالم أن يتعلم أخيراً من أخطاء الماضي. ويبدأ هذا بالاعتراف بأن «ألفا» و«دلتا» و«أوميكرون» ليست تهديدات جديدة، بل إنها جميعاً أوجه مختلفة لنفس الفيروس. فبدلاً من زج مجتمعاتنا في الفوضى مع ظهور كل متحور جديد، لا بد من الاعتراف بأن الفيروس لم تتم السيطرة عليه بعد، وأن الدول بحاجة إلى استراتيجيات أفضل للتحضير والاكتشاف والاستجابة للموجات المستقبلية. كل المعرفة التي اكتسبناها حول كيفية الاستجابة لمتحور مُهلك مثل «دلتا» أو مُعدٍ مثل «أوميكرون» يمكن أن تُستخدم بشكل جيد.
 
سوف يواصل (سارس - كوف2)، فيروس «كورونا» المسبب لـ«كوفيد – 19»، التحور وإنتاج متحورات جديدة. ويصدق هذا بشكل خاص ما دامت هناك مجموعات كبيرة من الناس غير المطعمين في مختلف أنحاء العالم، يستطيع الفيروس إصابتهم واستخدامهم بسهولة مضيفين لإحداث نسخة مماثلة ثم التحور داخل أجسادهم. ولهذا السبب، يستحيل على بلد واحد أن يقضي على الوباء بمفرده.
وللتخفيف من تأثير المتحورات المستقبلية، يتعين على العالم إنشاء وتعزيز أنظمة لرصد الفيروسات ومراقبتها، ويمكنها تحديد المتحورات الناشئة سريعاً حتى يتمكن القادة من الاستجابة لها.
 
وإليكم طريقة عمله: يحصل العلماء بانتظام على عينات من الفيروس من الأشخاص المصابين ويسلسلون هذه العينات، ما يساعد العلماء على فهم التغيرات البارزة في الفيروس. ويمكن لارتفاع حالات الإصابة في مناطق معينة أيضاً أن ينبه العلماء إلى الفحص بشكل أعمق. عندما يجد الباحثون شيئاً بارزاً، يمكنهم تنبيه الزملاء لمزيد من الدراسة.
 
ينبغي تزويد شبكات المختبرات في جميع أنحاء العالم بالمعدات اللازمة لدراسة خصائص أي شكل جديد لتقييم أثره المحتمل على الاختبارات المتاحة وفاعلية اللقاحات والعلاجات.
 
تمكّن العلماء في جنوب أفريقيا وبوتسوانا، الذين يقومون بالفعل بهذا النوع من المراقبة الروتينية لفيروس «كورونا»، من تحذير شبكات أبحاثهم وإبلاغ العالم بسرعة حول «أوميكرون». وفي المستقبل لا بد أن تؤدي مثل هذه النتائج أيضاً إلى استجابة جماعية فعالة. وعند تحديد المتحورات، ينبغي التوصل إلى اتفاق عالمي بشأن الكيفية التي ينبغي بها للبلدان أن تتفاعل معاً للتخفيف من أي ضرر صحي واقتصادي. ولم تكن القيود المفروضة على السفر فعالة في الحد من انتشار أي من هذه البدائل.
 
كما يجب على كل بلد تكثيف بنيته التحتية الخاصة باختبارات فيروس «كورونا». والاختبارات السريعة التي يمكن إجراؤها في المنزل يجب أن تكون متاحة على نطاق واسع ويمكن الوصول إليها للحد من سلاسل الانتشار، خاصة في أثناء طفرات الإصابة المرتفعة. كما أن القدرة على إجراء الاختبارات في المنزل تمكّن الأفراد من معرفة حالة الفيروس وتجنب انتشاره في حال الإصابة.
 
والأمر الأكثر أهمية هو ضرورة تعزيز جهود التطعيم العالمية للحد من استمرار انتشار الفيروس. وهذا لن يحد من ظهور المتحورات المستقبلية فحسب، وإنما يساعد على تقليل عدد الضحايا بين السكان من خلال الإقلال من عدد المرضى بين الناس. وهناك فئات معينة، مثل الأشخاص الذين يعانون ضعف الجهاز المناعي بسبب علاج حالات مثل السرطان أو فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، وهم بحاجة لأن تكون لهم الأولوية بالنسبة للقاحات والحماية. فالأشخاص الذين يواجهون صعوبة في التخلص من عدوى فيروس «كورونا» لا يواجهون فقط مرضاً أكثر خطورة من الفيروس؛ إذ تتيح العدوى الطويلة الأمد الفرصة للفيروس كي يتحور بحرية أكبر، وربما يخلق متحوراً جديداً.
 
وخلال موجات الإصابة المرتفعة، تحتاج البلدان إلى زيادة إمكانية الوصول إلى التدابير التي يمكن أن تقلل من خطر العدوى. ويجب أن يشمل ذلك الناس في البلدان النامية. ويمكن تناول عقاقير مثل «باكسلوفيد»، الذي تنتجه شركة فايزر، عن طريق الفم، الأمر الذي يسمح للناس بالبقاء في منازلهم وخارج المستشفيات. والحصول على هذا النوع من العقاقير مهم بشكل خاص في البلدان، التي معدلات التطعيم فيها منخفضة والناس أقل حماية.
 
العالم حالفه الحظ مع «أوميكرون». لا يمكن تصور ما قد يحدث إذا كان هذا المتحور شديد العدوى قد تسبب في مرض بنفس شدة المتحور «دلتا». قد لا نكون محظوظين جداً في المرة المقبلة. ولا يستطيع العالم تحمل هذا القدر من عدم الاستعداد مجدداً.
 

ذات صلة