"المدونة" الحوثية: ألا يعني ذلك شيئاً لمجلس القيادة الرئاسي؟

  • د. ياسين سعيد نعمان
  • 08:38 2022/11/12

ظلت مليشيات الحوثي تبحث عن وسيلة لتكريس تعاليم وتوجيهات "السيد" كمرجعية في إدارة شئون الحياة اليومية في المناطق التي يسيطرون عليها من اليمن فجاءوا بمسرحية "المدونة" التي انقلبت عليهم فيما عرف بالمسرحية المصرية الشهيرة "انتهى الدرس ياغبي".
 
نعم، لم يعد هناك ما يمكن لهذه المليشيات أن تواريه من مشروعها العنصري الشمولي بعد أن دونت على نحو واضح، لا لبس فيه، حقيقة مرجعيتها في الحكم في سطر واحد وهي: "خطابات ومحاضرات قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي". 
 
كل الكلام الباقي الذي حوته "المدونة" هو بمثابة غطاء وحواشي وغثاء وزبد،  يراد منه تمرير هذه المهزلة التي سيتم بموجبها تعديل الدستور والقوانين والمناهج الدراسية ومصادر المعرفة والثقافة والتربية، ويا "سارية جري الصنبوق".
 
يعني تريد هذه المليشيات أن تقول لليمنيين ما فيش معاكم غير هذا الخيار، لا تصدقوا المجتمع الدولي ولا غيرهم ممن أشبعوكم حديثا عن السلام والمرجعيات الثلاث، فإذا هناك سلام فلن يكون سوى على هذه القاعدة التي تضمنتها "المدونة".
 
والسؤال ماذا بعد وقد عمّدت المليشيات الحوثية مدونتها بقتل العاملين في ميناء "قنا" بشبوة يوم أمس بقصف المينا بالمسيرات الإيرانية في تحد لكل الادانات الدولية والعربية واليمنية لسلوكها الارهابي.
 
ألا يعني ذلك شيئاً لمجلس القيادة الرئاسي الذي قبل أن يتحمل الأمانة في أكثر اللحظات حرجاً ومرارة (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان).
 
ألا يعني ذلك أنه آن الأوان لمغادرة حسابات الماضي لصياغة مستقبل هذا البلد الذي وضع بين أيديكم؟!!
 
**
 
لا أدري ما الذي يجعل البعض ينفعل ويتصرف بذلك القدر من التجهم كرد فعل على إصدار المليشيات الحوثية الإرهابية ما سمي ب"مدونة السلوك الوظيفي". 
 
بالعكس إصدار هذه المدونة على ذلك النحو الذي شملته ما سمي "المرتكزات الأساسية" التي فيما لو استثنينا منها القرآن الكريم، فإنها تؤكد الطبيعة العنصرية لهذه الجماعة، حيث لا يمكن النظر إلى هذه الوثيقة إلا بأنها شهادة إثبات لخصت بايجاز كل ما كتب وقيل وعرض حولها. وفي حين ظل البعض يشكك في هذه الحقيقة بنظرة من يحاول أن يمسك العصا من الوسط، ها هي الجماعة تنزع عن نفسها ذلك الغطاء الشفاف الذي ظلت تضلل به الناس وتواري به سوءتها، وبذلك فإنها تضع مناصريها في دوامة الحقيقة، بعد أن ظلوا سنوات يسوقون الناس إلى محارق الحرب من أجل الدفاع عن هذا الفخ العنصري البائس الذي يراد لليمن أن ينزلق إليه.
 
هكذا هم أصحاب المشاريع الطارئة، لا يستطيعون الصمود أمام حقائق الحياة، فسرعان ما يفضحهم الوهم حينما يعتقدون انهم باتوا على موعد مع تطبيق خرافاتهم على أرض الواقع.
 
في هذه "المدونة" لخصت المليشيات الحوثية باختصار طبيعة "الدولة" العنصرية التي تريد أن تحشر اليمن فيها. 
 
وفي مضامينها التي تقرأ على نحو واضح، وبدون أي تحايل في المعنى، تكمن أيديولوجيا الإرهاب التي تنذر بالموت كل من يفكر بمعارضة هذه الأيديولوجيا العنصرية.
 
إنها خطوة في غاية الأهمية على طريق زوال هذا المشروع الكئيب. وما على اليمنيين سوى أن يقرأوا حقيقة ما ينتظرهم من مستقبل فيما لو طبقت هذه المدونة.
 

 

ذات صلة