عن "المومري" الذي أسقط بيروقرطية الحشود في صنعاء

  • الساحل الغربي، كتب/ عبدالسلام القيسي:
  • 06:40 2020/11/15

لا يعجبني المومري، قبل شهر كتبت تعليقاً على فيديو ماكرون بقناة المومري "أنت يا مصطفى تمثل أزمة الإسلام التي تحدث عنها ماكرون، فأنت تشبه دون كيشوت الذي حارب لسنوات طواحين الهواء كما حاربت أنت صورة ماكرون على الجدار وركلته مئات المئات فأوجعتك قدماك ولم تصب الفرنسي".
فقط، من جانب آخر، جانب لغة التفاعلية المثيرة، والحتمية التكنولوجية التي تتدخل في فرد الألفية الثالثة يمثل المومري حالة صحيحة عن العالم الذي أصبح قرية واحدة والوطن الذي أصبح قرية واحدة خاصة في بلد له خصوصياته الاجتماعية والطبوغرافية مثل اليمن ترجم المومري عولمة هذا البلد بل يمننته اشتقاقاً من لفظ عولمة.
 
ميدان الجميع، الميدان لمن؟ لمالك الصوت الجهور، لمن يستطيع جمع القطيع حوله في صفحة فيسبوك أو على حساب تويتر أو في قناة يوتيوب، فالعالم تجاوز النمطيات، يحضر لدى المومري على قناته ملايين المشاهدين من كل الدول ويجمع في حفلة زفافه آلاف الناس بفيديو واحد، فيديو هوشلي ويتجاوز الحدود، كل الحدود، ميدان السبعين بعد أيام فقط من احتفالية المليشيات بمولد الرسول في ذات الميدان، ويلاشي بفعلته كل عظمتهم التي قالوا إنهم رسموها للعالم، تخلص منها المومري ببساطة، دون دعم، أو حشد، أو بدلات سفر، أو بترول ودون تخويف وترهيب وتنظيم ودون عمل سلطة وحالة مليشاوية، وبلا مناصرين ولا يعرف أحد سوى صاحب بقالة الحارة ورفاق الصبا، فقط.  
 
 
المومري أسقط بيروقرطية الحشود في صنعاء 
 
قبل حالة المومري في اليمن كانت الحشود مناطة بالأحزاب الكبيرة وتعجز حتى الصغيرة عن الحشد ليس خوفاً بل لعدم ثقتها بالجماهير وكيلا تظهر على حقيقتها فتنكشف أمام البلاد.
 
فجأة، توافدت الحشود وهي بالآلاف إلى صنعاء، لحضور حفل زفاف الأغبري الذي دعا الناس لحضور زفة عرسه لكونه وحيداً، وهذه قبل سنة كاملة، ثم تكرر الأمر في عدن لزف الكفيف بآلاف السيارات، ولكنها كانت زفات فقط في الشوارع وفيها تعاظمت الزفة لأنها هذه العادة موجودة لدى اليمنيين في كل عرس، بكل حفل زواج. 
 
المثير في المومري أن الآلاف، بل عشرات الآلاف احتشدوا إلى أمام صالة العرس، لم تكف، أخذهم إلى السبعين، وهنا تكمن الإثارة، فالمفترض تتناقص الحشود إلى السبعين فاليمني ليس مستعداً للبهذلة في الطرقات من أجل حالة كيف، ولو أن الحوثي أثناء حشد الجماعة في السبعين بذكرى المولد أمرهم بالذهاب إلى الجراف لتناقص الحشد، ولكن في حالة المومري تكاثر الناس في السبعين، عكس الحالة الطبيعية للناس، وعندما منعته المليشيات من إكمال احتفاله بميدان السبعين وأخذته عادت الحشود إلى أمام الصالة أو بيته وتنتظره كما تنتظر سبأ مليكتها أو بابل تنتظر جلجامش ليرد عليهم تحايا التشريع الأول.  
 
لماذا خافت المليشيات؟ 
 
في مخيلتي أن السفير الإيراني، هو من منع الزفاف في السبعين، ايرلو الحاكم المطلق للمليشيات الذي ظهر في صنعاء بين حشود المولد ويعتقد أن تلكم الصفوف إنما له ولا يعلم حجم الترهيب والترغيب وقوت الناس الذي صرف من أجل تنظيم المولد، ولكنه فجأة بعد أيام يرى أن السبعين يكتظ من أجل فرد لا يعرفه، ولا يسمعه من قبل، واعتقد أن ثمة انقلابا، بل ثمة حدث جلل فلما سأل عما يحدث قيل له: عرس يوتيوبر يمني، وهنا ركل المشاط بقدمه، إذا كان هذا مجرد عرس يتيوبر فماذا لو كان حزب ما دعا أنصاره إلى مظاهرة؟ وأمرهم بفض الحفل ومنع التجمعات. 
 
لم تخف من حدوث فوضى، فقط خافت من تفشي ظاهرة الحشود، لقد كشف المومري حقيقة أن اليمنيين يستطيع أحدهم وبلا أدب مثل المومري جمعهم خلفه ولو تفشت هذه الظاهرة سيتبدى للجميع أن لا قيمة لحشود الحوثي وقبله لحشود كل الأطراف أمام شعب يخرج من أجل حفل زفاف تناهت شهرته بشتيمة أطلقها عبر الهواء لماكرون، فاكيو.
 
بعد حالة المومري سيكثف الحوثي من منع التجمعات في مناطق سيطرته، بدأ بفرض عدم الاحتفال بالتخرج من الجامعات وسينتهي بعدم الاحتفال في حفل زفاف على الطريقة المعهودة، لأن جماعة الحوثية تقوم على مبدأ لا حرية إلا حرية الكهف ومتى أتاحت ولو ثقبا صغيرا لحرية مدنية سيجابه الناس هذه الجماعة بالرقص والأغاني أولاً. 
 
الغناء.. حالة ثورية في صنعاء 
 
تداول الجميع قبل شهر فيديو لدفعة من كلية اللغات وهم على غير العادة يغنون كما لم يحدث من قبل أغنية "أرواحنا دماؤنا نفديك يا يمن.. سلاحنا وكفاحنا للشعب والوطن.. ولا مكان بيننا لعابد الوثن.. وليس في صفوفنا من يزرع الفتن".. كانت هذه الأغنية التي غنها طلاب دفعة اللغات نوعية ثورية جديدة فالأغنية تخص الجيش اليمني الذي أسقط الكهنوت والذي أسقطه الحوثي، والوثن الذي تتحدث عن الأبيات هو الكهف الذي يحكمهم الآن، ومن وسط صنعاء يجلجلون بها: ولا مكان بيننا لعابد الوثن، أمام الحوثي.
 
على نظر الاستبداد الحوثي تتوالد الحالات الثورية للتعبير عن رفض الجماهير للحوثي الذي منع المومري من الزفاف ومنع مؤخراً إقامة حفلات التخرج حسب وثيقة الأمس، فيا ترى أجماعة الحوثي هشة كل هذه الهشاشة؟

 

ذات صلة