شعر- التغريبة اليمنية

05:24 2020/11/23

على كوكبِ الأرضِ أنتَ ابتدأتَ البدايةْ
وأنت الذي اخترتَ فيها مكانكَ
قبلَ الجميعِ
وهيّأتَهُ بأدقِّ العنايةْ 
 
وسمّيتَهُ (يمنَ العز) أنتَ
فكان كما شِئتَهُ أنتَ 
في صفحةِ العزِّ آيةْ
 
على كوكبِ الأرضِ
قبل ظهورِ الحكاياتِ 
- كلِّ الحكاياتِ -
كُنتَ الحكايةْ
 
حكايةَ أوّلِ شعبٍ أقامَ الحضاراتِ 
واستوطنَ المجدَ تاجاً
ومُلكاً عظيماً 
ورايةْ
 
هُنا قبلَ أن يُخلَقَ المُلكُ
أنشأت للمُلكِ عرشا
 
هُنا قبل أن يُبعثَ الأنبياءُ
بُعثتَ نبياً حنيفاً 
وقبلَ انبعاثِ الشموسِ تألّقتَ شمسا
 
هُنا كُنتَ قصراً منيفاً
وحقلاً ورِيفاً
وحصناً منيعاً 
وسدّاً
ونقشا
 
فلا أمْرَ إلا بأمرِكَ يمضي
ولا سيفَ إلا سيوفُكَ تُخشى
 
هُنا كنتَ في الأرضِ أنت مليكَ الملوكِ 
وسلطانَ كلِّ السلاطينِ فيها
وكنتَ وليَّ الوُلاةِ عليها 
وربَّ الولايةْ
 
فيا نقطةَ البَدْءِ أين اختفتْ سورةُ الخلدِ فيكَ 
وكيف انحرفتَ عن الدربِ؟
كيف انجرفتَ؟
وكيف اقترفتَ النهايةْ؟
 
  *
 
بدأتَ الوجودَ على كوكبِ الأرضِ يوماً
فكيف اختفيتْ؟ 
وكيف اكتفيتَ من المجدِ
يا سيّدَ المجدِ،
كيف اكتفيتْ؟ 
 
وكيف تخلّيتَ عن كلِّ حقلٍ زرعْتَ
وعن كلِّ حصنٍ بنيتْ
 
وكيف تركتَ بلادَكَ للوافدين ليستعمروها 
وأنتَ انتفيْتْ
 
*
 
وسلّمْتَ عرشَكَ للأدعياءِ
وسلمتَ مجدَكْ
 
وأصبحتَ عبداً ذليلاً 
لمن كان بالأمسِ عبدَكْ
 
فألبستَهٌ التاجَ
ملّكتَهُ الأرضَ
أعطيتَهُ الحقَّ في ما بنيْتَ فهَدَّكْ
 
وأورثتَهُ مُقلتيكَ 
وأورثتَهُ جنتيكَ وسَدَّكْ
 
وبايعتهُ بالولاءِ
وأعلنتَ طاعتَهُ فاسْتبَدّكْ
 
وقدّستَ أجدادَهُ الوافدينَ من الشرقِ والغربِ
 بالرغمِ أنكَ نجْلُ القداساتِ 
أهملْتَ جَدَّكْ
 
وأهملتَ تاريخَكَ الأزليَّ العظيمَ 
ونحّيتَهُ جانباً 
وأعرضتَ عنهُ ليرضى عليكَ الدعيُّ
وصعّرتَ خدّكْ
 
وها أنتَ وحدكَ في قبضةِ الذلِ 
ها أنتَ في قبضةِ الذلِ وحدَكْ
 
*
 
وها أنت أصبحتَ إلا من الموتِ، خاوي اليدينْ
لكَ الموتُ ما بين فَيْنٍ وفينْ 
 
لكَ الموتُ لا أنتَ تدري لماذا
ولا الأرضُ تدري لماذا وأينْ
 
لكَ الموتُ إمّا بسيفِ يزيدٍ
وإما بسيفِ الحُسينْ
 
لك الموتُ يا مَن بدأتَ الحياةَ
كأنكَ تقضي إلى الموتِ دَيْن
 
فأين الدّمُ التُبّعيُّ الغيورُ
وغضبةُ عبهلةِ الغوثِ أينْ؟
 
*
 
وأنتَ!! 
متى تستفيقُ اقتداراً
وتصحو شعوراً 
ونوراً مبيناً
ونارا
 
وتصنعُ مستقبلاً مُشرقاً
تُعيدُ لماضيكَ فيه اعتبارا
 
تُسائلُ عنكَ ليالي بلادِكَ
يا من توارى
 
تُسائلُ عنكَ مساءاتُ صنعا 
فأَطْلِعْ عليها نهارا
 
تُسائلُ عنك الخيولُ الأصيلةُ منذ ترجّلتَ عنها 
لكي يعتليها القذارى
 
تُسائلُ عنك السيوفُ الصقيلةُ 
إذ أرهقتْها السنينُ انتظارا 
 
يُسائلُ عنكَ المسارُ اليمانيُّ
فاصعدْ 
وكنْ للمسارِ المسارا