تبحث عن أسرى من فئة مخصوصة

04:22 2021/03/17

اتفاق ستكهولم بين حكومة الرئيس هادي والجماعة الحوثية، دخل حيز النفاذ في منتصف شهر ديسمبر 2018، كما هو معروف.. وإذا كان البند الأول منه لم ينفذ كما ينبغي، بسبب ملابسات مفهومة، من بينها تراخي الأمم المتحدة مع الجماعة الحوثية، فإن عدم تنفيذ البند الثاني بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين، والبند الثالث بشأن التفاهمات التي جرت بين الطرفين بخصوص مدينة تعز، يبدو غير مبرر طول هذه الفترة وهي فترة طويلة، خاصة وأنه لا توجد عوائق خارجية جدية أو قهرية تحول دون ذلك.
 
إن الجزء المتعلق بتبادل الأسرى في ذلك الاتفاق، يحتمل سهولة التنفيذ، وتشهد لذلك عملية تبادل الأسرى التي جرت في شهر أكتوبر من العام الماضي، فهي تشير إلى إمكانية تنفيذه لولا المساومات بمصائر الأبرياء أو الضحايا.. حقاً تكاد المساومات تكون السبب الرئيس في طول فترة التفاوض التي جرت المرة السابقة في سويسرا ثم في المملكة الأردنية بين ممثلي الحكومة وممثلي الجماعة الحوثية.
 
على الرغم من تلك السهولة، إلا أن ملف الأسرى لم يغلق بعد.. ما يحدث بالضبط هو أن أعداد الأسرى ترتفع كل يوم.. قبل يومين، مثلاً، أضيف إلى أعداد الأسرى ثمانية عشر أسيراً جديداً من الجماعة الحوثية التي أرسلت صبية إلى جبهة القتال في عبس بمحافظة حجة.. واضح أن الجماعة هي المستفيدة من تنفيذ الاتفاق، بحكم أن الأسرى منها أضعاف أعداد الأسرى الذين بحوزتها.. قد يسأل سائل: ما دام الأمر كذلك، فلا بد أن هناك أسباباً غير ظاهرة لعدم تنفيذ الاتفاق بشأن الإفراج عن الأسرى.. فما هي يا ترى؟
 
سوف نحيل السائل إلى ما دار في آخر اجتماع عقد بين ممثلي الحكومة الشرعية وممثلي الجماعة الحوثية.. وما دار بين الطرفين ليس هو عين ما تحدثا به إلى الجمهور، كما قال لنا مصدرنا!
 
في اليوم الواحد والعشرين من شهر فبراير الماضي انفض اجتماع ممثلي الطرفين دون أي تقدم في ملف الأسرى، وذلك بعد نحو شهر من المشاورات التي أجريت في العاصمة الأردنية عمان.. لقد اجتمعت اللجنة الثنائية المعنية بمتابعة اتفاق تبادل الأسرى، في ظل رعاية الأمم المتحدة لتنفيذ الفقرة الثانية من اتفاق عمَّان الذي وقع عليه ممثلو الطرفين أوائل العام 2020، وطلب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيثس في البداية من ممثلي الطرفين إجراء مناقشة ومراجعة حول أسماء الأسرى والاتفاق عليها، وتمنى عليهم مارتن أن يتفقوا على تبادل عدد من الأسرى أكبر مما هو محدد مسبقاً، وفاءً بالتزامات الجانبين بموجب اتفاق ستوكهولم.
 
كانت الفقرة الثانية من اتفاق عمان تقتضي الإفراج عن 300 أسير من الطرفين (مائتين أسير من الجماعة الحوثية: 150 من مارب، و50 من الساحل الغربي والجنوب)، وبالمقابل تفرج الجماعة الحوثية عن شقيق الرئيس هادي، وهو الأسير اللواء ناصر منصور هادي، ومائة أسير آخر من القوات الحكومية.. أي كان يتعين أن تفرج الحكومة عن مائة مقابل مائة، ومائة أسير مقابل أسير واحد هو اللواء ناصر منصور.. ولكن اجتماعات اللجنة الثنائية انتهت دون أي اتفاق نهائي.
 
قال  ماجد فضائل أحد  ممثلي الحكومة في اللجنة: رغم التنازلات التي قدمها الوفد الحكومي، فإن ميليشيا الحوثي مستمرة في تعنتها، وترفض مبادلة الصحافيين.. هي أيضا تطالب بأسماء لا وجود لها، أو قد يكون أصحابها قتلوا في جبهات القتال أو أنهم وهميون.. هذا القول قريب جداً من حقيقة ما جرى في اجتماع عمان، فقد ذكر لنا أحد أعضاء الوفد الحكومي أن رئيس فريق الجماعة الحوثية في اللجنة الثنائية عبد القادر المرتضى لم يوافق على معظم الأسماء التي قدمها الجانب الحكومي.. المرتضى طلب أسماء معينة لأسباب سلالية، كما رفض ممثلو الحوثي أسماء الأسرى من أبناء القبائل، وقال المرتضى لا نريد المبادلة بأسرانا في مأرب، فسوف نحررهم نحن بطريقتنا، أي عبر صفقات ثنائية تتم بوساطات محلية كما جرت العادة.. بهذا الصدد حاول وفد الجماعة التفاوض مع بعض ممثلي الحكومة حول عمليات تبادل خاصة، خلافا لما يجري البحث فيه رسميا، حسب ما ذكر مصدرنا، والذي قال أيضا إن ممثلي الجماعة طلبوا أسماء أشخاص قتلوا أو فقدوا في العام 2015، أثناء اجتياح ميليشيا الجماعة لعدن على ما يبدو.. وأضاف: عند محاولة توسيع قائمة التبادل ليصل عدد الأسرى المتعين الإفراج عنهم إلى 1700 أسير، ويشمل معظم الأسرى القدامى والشخصيات المهمة لدى الطرفين (ألف أسير حوثي مقابل 700) رفض ممثل الجماعة هذا العرض، وطالب بإطلاق 1500 مقابل 700، بذريعة أن الجماعة وممثلي جهات عسكرية قد توصلا -عبر وساطات محلية- إلى صفقات تبادل، وأن الجماعة ظلت تفرج عن مئات الأسرى، مقابل عدد قليل من أسراها لدى القوات الحكومية.. إن هذا يكشف لنا تبعات الصفقات الانفرادية.