التحالف يضرب في الحديدة وفي طريق تحركات تجديد "الفيتو" وحماية الحوثي في الموانئ

  • الساحل الغربي، كتب/ أمين الوائلي :
  • 02:39 2022/01/20

الرهان الوحيد والناجز معقود على عزم وحزم التحالف وأن يمضي قدما بينما يستمع إلى وصايا ونصائح الغربيين والدوليين ويهز لهم رأسه ويلقي بها في السلة القريبة للمهملات 
 
استهدفت مقاتلات التحالف العربي في اليمن، في وقت مبكر من صباح الخميس ثكنات ومواقع عسكرية للحوثيين في الحديدة، ضمن سلسلة متواصلة من عمليات الاستهداف ضد مصادر التهديد في صنعاء ومحافظات أخرى. وصول الضربات إلى الحديدة يعطي إشارة مهمة إلى عزم التحالف وجديته في تنفيذ ماسبق ووعد به وتوعد المليشيات. كما يأتي بعد ساعات من إعلان الأمم المتحدة، الخميس، عن تولي جنرال أيرلندي مهامه رسميا كرئيس لبعثتنها في الحديدة هو الرابع وخلفا للجنرال الهندي غوها الذي انتهت ولايته قبل ثلاثة أشهر (..). عزم وحزم التحالف يمكن قراءته خلال أسطر الضربات في صريق مساع وغداة تحركات تفيد باستشعار خطر يتهدد الوجود والامتيازات الحوثية التي ثبتها ستوكهولم ومقتضياته بقرار دولي لإنشاء بعثة أممية وقعت في يد الحوثي أيضا ضمن الغنائم التي "استولت عليها" المليشيات بتعبير مندوب اليمن الدائم بالأمم المتحدة.
 
قال التحالف صباح الخميس، إن الضربات استهدفت تخزين أسلحة بمعسكر القوات البحرية في الحديدة، تم نقلها بغطاء تجاري من ميناء الحديدة. التطور الأجد يتسق وينسجم مع مجمل خطاب وتوجهات وإعلانات التحالف المتصاعدة، وخصوصا منذ اختطاف السفينة التجارية التي ترفع علم الإمارات "روابي"، وذهبت ترجيحات وقراءات خلال التطورات العسكرية في الجبهات المختلفة ومع إعلان تدشين مرحلة جديدة "حرية اليمن السعيد" وتصريحات قائد القوات المشتركة بالتحالف في نفس الصدد وتجاه عسكرة ميناء الحديدة. والإعلان الأخير عن التحالف يتقصد أن يؤكد مؤكدا وعلى وجه التشديد.
 
سيناريو: تحركات الساعات الأخيرة
 
بقيت الجهود والقنوات الأميركية والغربية والأممية إزاء الحرب في اليمن وتداعياتها على المنطقة مجمدة تماما خلال الأسابيع الممتدة منذ أواخر 2021 وبدايات 2022، وبتحديد أكثر وأدق خلال فترة استئناف محادثات فيينا والورشة الأميركية الغربية المكرسة لمصير النووي الإيراني، بما يعني ويعطي دليلا جديدا وزائدا عن الحاجة لإثبات ما هو مثبت سلفا من أن اليمن ملف مقايضة أميركي مع غيران وملف ضغط وابتزاز إيراني مع الغرب وضد العرب والخليجيين خصوصا.
وفي توقيت متفاقم وحرج جاءت التطورات العسكرية والتصعيد الخطير في البحر وتجاه الملاحة الدولية واختطاف السفينة "روابي" وتوجه التحالف نحو التصعيد المقابل والتركيز على عسكرة الموانئ وتهريب الأسلحة وتهديد الملاحة وإطلاق الهجمات، على إثر إثبات عسكرة مطار صنعاء وتورط حزب الله ووكلاء إيران الإقيليمون بصورة مباشرة وبالتالي تورط الحرس الثوري الإيراني، بالتوازي مع التصعيد العسكري لعمليات تحرير شبوة ورد وردع الهجوم الوحشي على مأرب والذي يدخل عامه الثاني في ظل التساهل والتجاهل الأممي والدولي، وأخيرا الهجمات العدائية ضد الإمارات وتكرارها ضد السعودية، بتقنيات وإمكانات إيرانية لا تخطئها خبرة من يملك القليل من الخبرة والاطلاع على إمكانات وظروف وأوضاع المليشيات الحوثية كما العراقية وغيرها من المليشيات الإيرانية، وأمام هذا الكم الكبير والخطير من التطورات والتداعيات المحسوبة والاحتمالات المفتوحة، تحركت فجأة وبتزامن قنوات وأدوات الجهود الأميركية والأممية والغربية باتجاه الحديدة وباتجاه التحالف وعمليات التحرير المتقدمة، لكن لا أحد يريد أن يفترض بداية أن التصعيد العابر للحدود لا يشكل مفاجأة للدوائر الغربية بقدر ما شكل دافعا وتوقيتا لمغادرة كواليس البيات الشتوي على هامش كواليس فيينا والتحرك - ليس باتجاه إيران ومليشياتها كما تقول المقدمات وتفرض الحيثيات، وإنما باتجاه التحالف والسلطات اليمنية (الشرعية).
 
 
ومرة أخرى نرى الحماية والرعاية الدولية والغربية التي منعت تحرير الحديدة وموانئها من البداية تتحرك وتحرك أدواتها على الأرض وفي الأجواء والأرجاء لتثبيت المليشيات على ما تحت يديها وتجديد الفيتو المضروب دون الحديدة والموانئ وسواحل البحر الأحمر، في وجه اللهجة المتشددة والخطاب المتصاعد للتحالف باتجاه الموانئ وعسكرتها والقرصنة الإرهابية وخطف السفن ورفض التجاوب مع دعوة وبيان مجلس الأمن.
فجأة تذكر الأوروبيون الحديدة وميناء الحديدة وبعثة دعم تنفيذ (بالأصح عدم تنفيذ) اتفاق الحديدة وكان هناك لقاء نادر لرئاسة البعثة الأوروبية لدى اليمن والسفير الألماني مع السيدة كروسلاك نائبة رئيس بعثة الحديدة (القائمة بالأعمال) وسمعنا أو قرأنا للمرة الأولى منذ ستوكهولم كلاما أوروبيا بشأن أهمية ميناء الحديدة ومجددا بالتركيز عليه كمنفذ رئيس للإغاثات الإنسانية (..) لكن لا شيء حول القرصنة والخطف للسفن ولا روابي ولا بيان مجلس الأمن ولا عسكرة الموانئ ولا بيانات وإنذارات التحالف ولا إعلان الحكومة اليمنية المتكرر وأخيرا أمام مجلس الأمن بتقويض المليشيات لاتفاق ستوكهولم واستغلالها له للاستيلاء على مدينة وموانئ الحديدة وفشل البعثة في تنفيذ أي من بنود والتزامات الاتفاق.
 
وفجأة عاود تيم ليندركينغ الظهور والاتصالات بعد شهرين من البيات والصمت بأمر حسابات فيينا أميركيا كأولوية بذلت لها الإدارة وفي طريقها مبكرا إلغاء التصنيف وتأليف المليشيات وتشجيعها على التفرعن والطيش بالتصعيد العسكري في كل اتجاه، ويتحدث الوسطاء عن خفض التصعيد وعن الحالة الإنسانية والإغاثات (التي تسرقها المليشيات وتوثق التقارير وتتجاهل المنظمة الدولية والوسطاء) ولكن لا شيء عن الهجمات العابرة للحدود والتحول الخطير في معادلة الحرب وموازين الصراع والأمن الإقليمي.
 
وفجأة الأمم المتحدة وبعد ثلاثة أشهر من فراغ رئاسة بعثتها (الفارغة) في الحديدة منذ انتهاء ولاية الهندي غوها تتذكر البعثة وترسل على وجه السرعة جنرالا أيرلنديا ليتولى رئاسة (أُنمها) بعد أسابيع طويلة من تسميته، "وترحب البعثة ترحيبا حارا" في بيان بالمناسبة برئيسها الرابع تباعا وتعدد خبراته وسيرته المهنية، ولكن لا شيء عن عمل البعثة المنتهي والمعطل سلفا وبحكم الواقع والتنغيذ لإعادة الانتشار من طرف القوات المشتركة فيما تحرس البعثة وفي قبضة الحوثيين مخالفة وتعطيل الحوثيين للاتفاق والتزاماتهم غير المنفذة ولا عن الموانئ والإيرادات والملاحة وتهريب السلاح وشن الهجمات والإيرادات والمدينة وفتح الطرقات وعوجة السلطة المحلية ... الخ.
 
 
النتيجة في بطن المقدمات
هذا العرض لا يأتي بجديد أو يضيف تفصيلا من خارج السياق والمجرى العام للأحداث. فقط يعيد ترتيب وعرض التفاصيل في سياق مقدمات ونتائج تقول في المحصلة الأخيرة وقيد الحدوث أن التحركات الغربية والأممية تتبنى غاية وحيدة وصريحة ، على الأقل تجاه الحديدة، وهي تعيد تأكيد الحماية وتجديد الفيتو وتثبيت وكلاء الحرس الثوري ومليشيات إيران على ما تحت أيديهم من سواحل وموانئ ومناطق ومنطلقات تهديد للملاحة واستقواء بالأسلحة والقرصنة والهجمات. يحدث هذا كله، بينما محمد علي الحوثي يظهر محاطا بالمسلحين ويرتدي بدلة الغطس في رصيف ميناء الحديدة تحت بصر وسمع المراقبين والبعثة والأمم المتحدة والمجتمع الدولي الذي يحاضر لعوالم أخرى عن ميناء يتيم لتدفق الإغاثات الإنسانية وأنقاذ ملايين الجوعى (..).
هذا هو المجتمع الدولي؛ الذي منع تحرير الموانئ والحديدة بحجة الحالة الإنسانية والأسباب الإنسانية، ولم يفعل شيئا تجاه الهجوم الحوثي المتفاقم على مأرب وضرب المدينة والأحياء المكتضة ومخيمات النازحين بالصواريخ والطائرات المسيرة والمدفعية، ويهرع عندما يندحر الحوثي وهجومه من شبوة ومأرب وعندما ترتفع أصوات التحالف والحكومة اليمنية تجاه الحديدة والموانئ.
 
الرهان الوحيد معقود على عزم وحزم التحالف وأن يمضي قدما بينما يستمع إلى وصايا ونصائح الغربيين والدوليين ويهز لهم رأسه ويلقي بها في السلة القريبة للمهملات .

ذات صلة