في يوم وداع ريان سقط طفل آخر في بئر ومات

  • نوفل الشرقاوي | independentarabia
  • 03:36 2022/02/08

ضاعف دفن الطفل ريان، في قرية إغرن في ضواحي مدينة شفشاون في شمال المغرب، الحزن لدى أبناء بلده بعدما كانوا يأملون بإخراجه حياً من قعر البئر بعد خمسة أيام من وقوعه فيها.
 
تحكي أسرة ريان بحزن بالغ الخصوصيات التي كانت تميز ابنها عن أترابه في القرية، مشيرة إلى إصراره الشديد على عدم القيام بأعمال الرعي، ورغبته في متابعة الدراسة، وأنه كان يرغب في أن يصبح مدرِّساً، مشيرين إلى أنه كان يقوم بين الفينة والأخرى بجرد محتويات حقيبته المدرسية في انتظار التحاقه بالمدرسة في نهاية فبراير (شباط) الحالي.
 
أسباب محتملة
 
بعد انتشال الجثة، السبت 5 فبراير، نُقلت على متن مروحية إلى المستشفى العسكري في العاصمة الرباط، من أجل إجراء عملية التشريح لمعرفة أسباب الوفاة التي لم يتم الكشف عن نتائجها حتى الآن. ويرجح العديد من المتخصصين في الصحة وجود عدد من العوامل التي تسببت في وفاة ريان، وهي تداعيات السقوط من علو 32 متراً في مكان ضيق، ومن المحتمل أن تكون قد تسببت له بكسور وكدمات، بالإضافة إلى مشاكل تنفسية بسبب الاستنشاق المحتمل للغبار الموجود في قعر البئر، وهناك عامل البرد القارس الذي تشهده المنطقة خلال فصل الشتاء.
 
تشديد الإجراءات
 
عقب سقوط ريان في البئر، شرعت السلطات المغربية بتشديد الإجراءات بخصوص الآبار المفتوحة التي تشكل خطراً على المواطنين. ولتفادي كارثة مشابهة باشرت السلطات بحملة لإغلاق الآبار المفتوحة.
ويضم المغرب العديد من الآبار المحفورة تقليدياً، منها ما لم تعد تُستخدم بعدما جفت وظلت غير مغطاة. وفي الأثناء، نقلت الهيئة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان، خبر وفاة طفل ذي ست سنوات إثر سقوطه الاثنين 7 فبراير (شباط) الحالي، في بئر مملوءة بالمياه في ضواحي مدينة تيفلت (منطقة الغرب)، مطالبةً السلطات بضرورة التدخل العاجل ومسح كل الآبار غير المستعمَلة، وبالتالي طمرها، بالإضافة إلى فرض وضع أغطية حديدية على كل الآبار في البلاد لتفادي مثل هذه المآسي الإنسانية.
 
انتقادات
 
وكانت قوى الإنقاذ جاهدت على مدى خمسة أيام في سبيل إخراج الطفل ريان، إذ شرعت منذ الأربعاء في عمليات الحفر التي تطلبت جهداً كبيراً لنقل كم هائل من الأتربة، ودقة عالية لتحديد مكان الطفل عبر الاستعانة بخبراء في الهندسة. وتطلب الأمر تفادي عائق انجراف التربة، ما عطل أعمال الإنقاذ لمرات عدة.
 
وفي مقابل الإشادة الواسعة بعمل فرق الإنقاذ، ندد بعض المغاربة بالتأخر الذي عرفته عملية الإنقاذ، إذ شهد المغرب جدلاً بخصوص التقنية التي اعتمدت في تلك العملية، والتي تم خلالها القيام بحفر أفقي وإزاحة الأتربة باستخدام آليات الحفر. وانتقد عدد من المتخصصين في مجال الحفر والتنقيب تلك التقنية، معتبرين أنها تتطلب وقتاً طويلاً للوصول إلى مكان الطفل ريان. واعتبر البعض أنه كان من الأجدى حفر بئر موازية للبئر التي علق فيها، ومن ثم حفر منفذ أفقي للوصول إليه بشكل سريع، مشيرين إلى أن تلك العملية لا تتطلب سوى خمس ساعات للوصول إلى عمق 32 متراً. ولو تم اعتماد تلك التقنية، وفق أصحاب هذا الرأي، لتم إخراج ريان بعد ساعات قليلة من سقوطه في البئر.
 
من جانبها، تشير نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، إلى أن حادثة الطفل ريان جاءت لتزيد من آلام المغاربة الذين عاشوا العديد من الأزمات، كقضية اغتصاب الطفل عدنان وقتله، وغرق عاملين في مصنع للثياب بسبب مياه الأمطار. وتقول منيب "انظروا إلى حال أسرة ريان، وإلى حال طفل لا يملك لعباً، يعيش في منطقة لا يوجد فيها مساحات للأطفال، وهو سبب مباشر في خروجه للعب أمام منزله باعتبار أنه لا يملك خياراً، فهو طفل صغير يبحث عن لحظات اللعب بأي طريقة في منطقة تشهد الفقر والتهميش كالعديد من مناطق البلاد".
 
رجل المهمة الصعبة
 
في الموازاة مع تقديم العزاء لعائلة ريان، وجه المشاركون في الجنازة تحية إلى "عمي علي" المتخصص في حفر الآبار، الذي تطوع للحفر نحو ريان. ورد "عمي علي" بعد الإغماء عليه، بأن ما تم القيام به خلال عمليات الحفر يستغرق في الأحوال العادية شهرين من العمل، مشيراً إلى أن عملية الحفر الأفقي تلك كانت أصعب مما يتصوره كثيرون، نظراً إلى تساقط أكوام التراب داخل النفق على رؤوس فريق العمل أثناء الحفر الأفقي في اتجاه الراحل ريان.
 

ذات صلة