فيصل الصوفي يكتب لـ"منبر المقاومة" عن: الحوثية قبل 21 سبتمبر وبعده

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/03/14

كان عبدالملك الحوثي، زعيم الجماعة وموجه قيادات ميليشيتها، يخطب مرة كل ثلاثة أيام تقريبا قبل اجتياح صنعاء في سبتمبر 2014.. كان يقول إن الحكومة فاشلة.. الأحزاب السياسية لا يمكن الرهان عليها.. الخارج لا يمكن الرهان عليه أيضا.. ولذلك تحركنا نحن.. تحركنا، وعلى الجميع أن يمنحنا فرصة لكي نبرهن لشعبنا، أننا سوف نخلصه من الفقر والجرعات، ومن الهوان، والإذلال، ومن القوى التي تسومه سوء العذاب.. وقال يومها: نحن لسنا انتهازيين، ولا نحن جماعة مستغلة، ولا مناطقية، ولا مذهبية، ولا طائفية، وليس لدينا نوايا خفية، ولا نحن ذوي أهداف غير مشروعة، ولا نستهدف الجمهورية، ولا نعتزم اسقاط صنعاء، ولا محاصرة سكانها.. هكذا تحدث عبد الملك في ذلك الوقت.
 
وكان يؤكد: نحن تحركنا.. فقط.. وفقط.. وفقط.. من أجل تحقيق مطالب ثلاث ليس غير.. هذه المطالب هي إلغاء الجرعة.. اسقاط حكومة السبت الفاشلة.. وقف الانتشار الكبير للتكفيريين والدواعش والقاعدة صنيعة الاستخبارات الأميركية.. وقال نحن نفعل ذلك بوسائل مشروعة.. وبطريقة سلمية.. وبأسلوب حضاري كما ترون.. وكل ما في الأمر فقط.. وفقط.. وفقط.. أن هناك اجراءات مهمة ستنزل يوميا عبر اللجان التنظيمية الخاصة بنا! هذا قوله بأمانة. والعلة هنية- كما يقول المثل الصنعائي- فمن خلال تلك اللجان التنظيمية.. المشرفون يعني.. وهي قيادات مدربة عسكريا في الحقيقة.. سطت الجماعة الحوثية على السلطة يوم 21 سبتمبر2014، وساعدها على ذلك رئيس فشل في إدارة التناقضات لمصلحته، ولم يحسن مراقصة الحيات.. وفي الأخير حاصرته ميليشيا الجماعة الحوثية داخل داره في شارع الستين، ولم ينج منها إلا لما دبر له مدبر حاذق حيلة الهرب إلى عدن بملابس نسوان كما قيل. تلك الأماني الملاح لزعيم الجماعة الحوثية كانت قبل السطو على السلطة بأيام.. فإلى أين آلت بعد ذللك التاريخ وحتى اليوم؟ جربوا إجراء مقارنة بسيطة مثل التالية: كان عبد الملك يقول إن جماعته لا تراهن على الأحزاب السياسية.. وفي هذه صدق- والحق يقال- ولا عجب لأن كوكب النحس يسقي الأرض أحيانا.. صدق زعيم الجماعة في هذه بدليل أن جماعته أنهت الوجود الحقيقي للأحزاب، وصارت الاحزاب المعتبرة خارج الرقعة الجغرافية التي تسيطر عليها الجماعة، وخلقت لها 21 مسخا في صنعاء، باستثناء حزب المؤتمر الشعبي الذي طال ما حاولت الجماعة نخره من الداخل وترويضه و فكفكته، فأدركت أنه لا يقهر. كان زعيم الجماعة يقول في ذلك الوقت أن جماعته لا يمكن أن تراهن على الخارج.. وفي هذه – كما في غيرها- أثبت أنه كذاب أشر.. إذ أنه وجماعته باقون على حالهم بفعل ولائهم للخارج، وتحديدا إيران التي لم يخفوا خفية كبيرة يمكن أن تدفع عنهم العمالة لها والولاء لها.. قال زعيم الجماعة قبل21 سبتمبر: امنحونا فرصة لكي نبرهن لشعبنا عن صدق حبنا له.. أما بعد 21 سبتمبر فقد برهن للشعب عن القدرة المكينة التي تتملكها جماعته.. قدرة رفيعة المستوى في إفقار الأغنياء، ناهيكم عن متوسطي الدخل، وشجاعة في حرمان نصف مليون موظف مدني، ومثلهم من رجال الأمن والجيش، من الرواتب.. وزيادة على ذلك إهانات وهتك المحرمات، وتخويف، ومصادرة حريات، لدرجة أن الجماعة صارت تتدخل في خصوصيات الرجال والنساء.. صارت تحدد لهم طريقة لبس البالطو أو التحزم بالنطاق، وحلق شعر الرأس.. وجرمت عزف الموسيقى والطرب في حفلات الأعراس بدعوى أن ذلك لا يجوز ما دامت الجماعة تحارب، وتدفن مقتولا في كل دقيقة واحدة. وباقي كثير.. فقد كان زعيم الجماعة يقول لنا إنه وجماعته ليسوا انتهازيين، ولا هم مستغلين ولا هم بالمناطقيين، أو انعزاليين، ولا يعرفون الطائفية، وأنهم فوق المذهبية.. فأثبتوا عكس ذلك تماما.. ومذهب الكاتب يلزمه تجنب الخوض في تفاصيل هذه المسائل العفنة كي لا نسقي الفواحش ونزيد فعاليتها على الانتشار . كان عبد الملك الحوثي يقول في ذلك الوقت إنه وجماعته لا يستهدفون الجمهورية، ولا الديمقراطية.. ولا ولا ولا.. الآن ظهر للجميع أنهم يستهدفون كل شيء يتعارض مع عقيدتهم المتخلفة، ومنهجهم الدكتاتوري.. تذرعوا بالجرعة الواحدة وجرعوا اليمنيين – عمدا- جرعات مؤلمة ومسمومة.. وصار احتكارهم للتجارة بالمشتقات النفطية أمرا حيويا بالنسبة لهم، مثل الاتجار بالمخدرات وبأراض الدولة والأوقاف. كانوا يقولون نحن خرجنا.. فقط.. وفقط.. وفقط.. لنوقف انتشار التكفيريين والدواعش والقاعدة، فصاروا يكفرون ويدعشون، ويدعوشون، ويرهبون مثل إرهاب تنظيمي داعش و القاعدة، بل صاروا والقاعدة وداعش ثلاثة خلان. وقالوا نحن سلميين.. ووسائلنا مشروعة.. واسلوبنا حضاري.. فإذا السلمية حرب، وألغام، ومتفجرات، ومسيرات مفخخة، وقتل وتشريد في كل مكان.. وأحلوا التخلف مكان التقدم.. أما الخصومة للعصر ولحضارات اليمن والدنيا كلها فقد صارت مذهبهم الثاني.
 

ذات صلة