من الداخل - تفاصيل مرعبة من معتقلات الحوثيين يرويها أسرى محررون

  • الساحل الغربي، محمد سعيد:
  • 06:27 2022/06/21

يروي أسرى محررون من سجون مليشيات الحوثي تفاصيل مرعبة تعرضوا لها في معتقلات الانقلابيين أثناء ما كانوا هناك.
 
تعرضوا لمختلف أنواع التعذيب النفسي والجسدي، ومكثوا سنين طويلة يتمنون الموت لا العيش المذل تحت سوط المليشيات، منعوا من مشاهدة الضوء، وحرموا من أبسط حقوق الأسير والمختطف. 
 
.. من سجون الموت
 
عمر عبدالرقيب، أحد أبناء مديرية القبيطة في لحج، تعرض للأسر في إحدى جبهات المنطقة العسكرية الخامسة، وأفرج عنه في صفقة التبادل التي جرت في أكتوبر من العام الماضي.. سألناه عن السجن ووضعه هناك، بصوت متعب أجاب: "الله لا فتح عليك يا حوثي". كانت هذه أولى كلماته وإجاباته على سؤالنا، في أول لقاء لنا به بعد خروجه من المعتقل.
 
أضاف: "حرمونا من رؤية أشعة الشمس، وأنا اليوم أسمع أصوات الدراجات النارية لأول مرة منذ عامين". كان يجيب والحسرة بادية على وجهه، حسرة على سنتين من عمره سلبته إياهما مليشيات ظلامية خرجت من الكهف لتذيق اليمنيين العذاب.
 
 
أسير آخر تحدث إلينا، رفض الإفصاح عن اسمه لظروف خاصة، وهو الآخر عائد من معتقلات وزنازين الانقلابيين الحوثيين، أسر في إحدى جبهات المنطقة العسكرية الخامسة، ومكث في السجن أكثر من عامين، وكان إلى جواره أسرى آخرون من جبهات نهم والجوف ووادي جبارة وبعض المعتقلين.
 
 
التعذيب.. والتعذيب النفسي
 
يقول الأسير، إن الانقلابيين الحوثيين استخدموا معهم التعذيب النفسي: "كان وضعنا مزرياً وكارثياً من جميع النواحي. استخدموا معنا الحروب النفسية والمضايقات والتحرش، ورفع مكبرات الصوت وهي تصدح بمحاضرات سيدهم وزواملهم، وكانوا يجبروننا على الاستماع لقناة المسيرة طوال المدة التي قضيتها في المعتقل".
 
يضيف: "كنا نعاني من انقطاع الماء بشكل شبه مستمر، غير أنه وفي إحدى المرات انقطع الماء لمدة ثلاثة أيام بشكل متواصل وطالبناهم بإعادة الماء وأتى إلينا ما يسمى ضابط الأمن وأمر ما تسمى بمكافحة الشغب بالاعتداء علينا وضربنا، غير أن نزلاء العنبر قاوموهم واحدثوا ثورة في المعتقل، وقمنا برمي الحراسة بالقوارير، وبعد ذلك انسحبوا، وعندها ارتفعت تكبيراتنا في أرجاء السجن، إلا أنهم عادوا من جديد محاولين الاعتداء علينا بعد أن جلبوا تعزيزات، غير أن انتفاضة في بقية العنابر اجتاحت السجن، وقام السجناء بدق الأبواب ومحاولة كسرها والخروج لمناصرتنا ومنع الاعتداء علينا، وعندها توقفوا عن محاولة الاعتداء، وتم تهدئة الأسرى وإعادة المياه".
.. و فشل كلوي
 
بحسب حديث الأسير المفرج عنه، فقد أصيب البعض من رفاقه في معتقلات الانقلابيين بالفشل الكلوي، نتيجة حبسهم البول فترة طويلة. 
 
البرد نال قسطه من أجسادهم المرهقة، يتذكر وضعهم مع البرد: "عشنا مع البرد ثلاثة أشهر، قبل أن يتم نقلنا إلى معتقل آخر، بالإضافة إلى وجبات التغذية كانت هي الأخرى كارثية ومعاناة، وجبات مكررة وقليلة وغير صالحة للاستخدام الآدمي. خلال فترة السجن ذقنا مرارة الجوع والعطش، وكنا نشرب الماء من بالدي الحمامات.
 
 
أسامة الباشا، أسير سابق لدى مليشيات الحوثي، وأفرح عنه في ذات الصفقة، واستمر في معتقلات وزنازين الحوثي 26 شهراً. يصف وضع سجون الانقلابيين "بالمزري، حيث لا كرامة أو إنسانية لديهم. عشنا مهددين بالتصفية والقتل، ونتعرض لحرب نفسية ومعنوية وفكرية".
 
ذكريات سجن مرعب 
 
كبقية زملائه الأسرى يقول أسامة إنه تعرض للتعذيب الشديد بالضرب بالسوط والكهرباء ورش الماء البارد على جسده، والزحف على الأرض في أماكن خشنة دون ثياب، والعزل عن بقية السجناء. 
 
يتذكر أسامة تفاصيل المعتقل، ويصفه بالمرعب والموحش، ويسرد تفاصيل ما حدث له: "كان يتم وضعي في أماكن مخفية ومن ثم يقومون بتعذيبي وتهديدي بالقتل وسلخ الجلد، والمنع من الاتصال لأسرتي، ومنعي من دخول دورة المياه لفترة طويلة حتى يتم فقدان السيطرة على نفسي، ويتم إعطائي وجبة واحدة فقط في اليوم، والوجبة غير صالحة للاستهلاك. تركوني في زنزانة انفرادية بدون شيء استند عليه وأنام فوقه، وكنت أنام على الأرض، ولا يوجد في الزنزانة الانفرادية حمام لقضاء الحاجة أو ماء للشرب، تعرضت للتعذيب طوال فترة الأسر. ولا وقت للراحة سوى أسبوع واحد في بعض الأحيان".
 
عرف أسامة الحوثيين ومشروعهم الكهنوتي وفكرهم القاتل عن قرب، حسب ما قال، وعرف خلالها معنى الكرامة والحرية أكثر، وتعرض خلال مدة الأسر للتعذيب الشديد والذل والهوان والسب والتجويع والحرمان من أبسط الأشياء.
 
محمد الجبري كذلك شرح تفاصيل السجن بشكل مختصر، حيث قال إنه تعرض للأسر في إحدى الجبهات التابعة للحكومة الشرعية، ومكث في زنازينهم عامين ونصف العام، ووضع في أحد السجون في صنعاء يشرف عليه المدعو عبدالقادر المرتضى. ويصف محمد حال السجن بالمزري والصعب.
 
تفاصيل كثيرة غابت عن أذهان الأسرى أثناء المقابلة، غير أن معاناتهم في معتقلات الحوثي أكثر، تعرضوا للتعذيب الجسدي والنفسي، حتى إنهم أصبحوا غير قادرين على صياغة مفردات اللغة لينقلوا من خلالها وضع سجون الانقلاب البشع، والمعاناة التي تواجه الأسرى والمعتقلين هناك.
 
...وللقصة بقية
 

ذات صلة