8 سنوات مجزرة حوثية مفتوحة.. إنهاك تعز !

  • تعز، الساحل الغربي، حسين الفضلي:
  • 11:03 2022/07/24

تنزف وترزح تعز - مدينة ومحافظة - منذ ثماني سنوات تحت وطأة مجزرة حوثية مفتوحة؛ حرب، وخنق، وتنكيل، وقصف، وقنص، وحصار جائر يخنق سكانها ويفاقم من معاناتهم بشكل يومي في كل جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، مخلفاً آلاف الأسر التي تعيش في هذه المدينة تحت مرارة التأثيرات التي يقاسونها بشكل يومي طوال هذه السنوات.
 
سنوات عجاف خلفت الويلات لسكان تعز جراء الحرب والحصار الحوثي للمدينة، أنهكت المواطنين فيها وجرجرتهم في طوابير المعاناة المستمرة وألحقت الأضرار البالغة في مجالات الحياة الصحية والاقتصادية والنفسية للمواطنين ومزقت نسيجهم الاجتماعي وقطعت أواصر الأسر.
 
فرضت المليشيا في حصارها على المدينة تباعداً أسرياً تاماً، واتخذت من ممتلكات المواطنين الواقعة على حواف المدينة في مناطق سيطرتها ثكنات عسكرية، وشردت الكثيرين من منازلهم وأسرهم في حربها الهمجية التي تقودها تجاه المدينة.
 
في هذا الصدد يقول علي سعيد (اسم مستعار) للساحل الغربي: شردني الحوثي من بيتي واستخدموها ثكنة عسكرية فهربت بزوجتي وأبنائي إلى مدينة تعز، أرى منزلي من مكان إقامتي الآن، لكن الحوثي حرمني منه بإجباري على تركه.
علي سعيد، أحد سكان شارع الستين شمالي محافظة تعز، لكن المليشيات هجرته من منزله أثناء حربها وحصارها لمدينة تعز، فنجا بأسرته هارباً من بطشها، واضطر أن يستأجر لأسرته في المدينة على مقربة من بيته الرئيسي الذي تتخذه المليشيات ثكنة عسكرية.
يضيف: "أرغب في العودة لمنزلي وجيراني وممارسة حياتي الطبيعية هناك". فالمليشيا هجرته من منزله الذي يشير إليه أمام سكنه الحالي ويغالب دموعه أثناء الحديث عن بقية أسرته التي تقبع هناك والذي يعيش بعيداً عنهم منذ بداية الحرب. 
 
ثماني سنوات عاش فيها علي سعيد بعيداً عن أسرته والتي لا يقدر على زيارتها بسبب الحصار الذي تفرضه المليشيات الحوثية على المدينة، فهو يحتاج إلى مبلغ كبير والمخاطرة في السفر لأيام من أجل أن يصل إلى مسافة تبعد عنه مئات الأمتار.
محمد سرحان، هو الآخر من أبناء شرعب والتي تقع تحت سيطرة المليشيات يقول للساحل الغربي: مع بداية الحرب رفضت العيش تحت فكر المليشيا، فعشت في تعز التي أعمل فيها وتزوجت فيها ورزقتُ ببنت عمرها الآن ست سنوات ولم تعرف أقرباءها إلى الآن"، سرحان يغمره الحنين لأسرته لكنه لا يستطيع السفر وتكلفته وعواقبه جراء المرور في طرق بعيدة وعرة وشاقة للغاية.
 
 
لم يكن سعيد وسرحان الوحيدين اللذين قطع الحصار لقاءهما بأسرهما وحرمهما منها لسنوات طويلة، فهناك الآلاف في هذه المدينة المحاصرة لهم أهال يقبعون تحت سلطة المليشيات، والحصار هو من يقف حاجزاً منيعاً أمامهم ويحرمهم من أسرهم أو التنقل لزيارتهم، فالمليشيات بحصارها على تعز تسببت في قطع الأواصر الأسرية ومزقت النسيج الاجتماعي وخلفت نوعا من الاغتراب الاجتماعي.
 
إنهاك المجال الاجتماعي
 
يقول محمود البكاري أستاذ علم الاجتماع بجامعة تعز: الحرب والحصار على مدينة تعز أدى إلى تأزم الوضع العام بأكمله، وأنهك المجال الاجتماعي بشكل كبير، حيث تزداد الآثار الاجتماعية لمدينة تعز جراء تعرضها لويلات الحرب والحصار، والقصف المستمر وسقوط ضحايا من الأطفال والنساء وكبار السن.
 
وأوضح البكاري، في حديثه للساحل الغربي، أن هذه الآثار فرضت المعاناة اليومية على سكان تعز، حيث قطعت أواصر العلاقات الأسرية وحرمت أبناء تعز بمختلف مديرياتها من التواصل أو التزاور وإن حدث ذلك فيكون بمجهود ومشقة وكلفة عالية لا يستطيع تحملها أغلب الناس، بالإضافة إلى حالة النزوح والتشريد للسكان وانتشار ظاهرة الفقر والبطالة والترمل، وتدهور الحياة المعيشية لأغلب السكان.
 
آثار الحصار الاقتصادية على تعز
 
تسببت الحرب والحصار الحوثي على مدينة تعز في خلخلة مداميك البنية الاقتصادية وألحقت بها أضراراً بالغة في القطاعين العام والخاص، حيث تعمد المليشيا الحوثية من خلال إطباق حصارها التام وإنهاك ما تبقى من القطاع الخاص ومحاصرته إلى فرض سياسة التجويع لسكان المدينة من خلال هجرة رؤوس الأموال إلى مناطق أخرى.
 
 
خنقت المليشيات الحوثية طيلة فترة حربها وحصارها الجاثم على مدينة تعز، المجال الاقتصادي وألحقت به أضراراً كبيرة، الأمر الذي انعكس على المواطنين وضاعف من المعاناة التي يعيشونها في ظل صمت دولي، وصوت أممي وحقوقي خافت لا يكاد يسمع إلا بشكل بسيط من خلال مطالبة المليشيا برفع الحصار.
 
يقول محمد سعيد للساحل الغربي: تهدف مليشيا الحوثي في ظل حصارها على تعز إلى إنهاك المواطنين اقتصاديا، حيث عملت على قصف المنشآت وقطعت الطرق وأطبقت الحصار الهمجي. فالحصار الذي تفرضه المليشيا على تعز جعل الكلفة الاقتصادية مضاعفة على المواطن وبات خارج مقدرته شراء أكثر المتطلبات الأساسية.
 
 
من جهته يقول إبراهيم عبدالله -اسم مستعار لتاجر داخل المدينة- انه اضطر جراء الحصار إلى إيقاف تجارته داخل المدينة والانتقال إلى مكان آخر بعد أن لحقت به أضرار كبيرة تسبب بها الحصار وإقفال الطرق أمام المواطنين وشاحنات النقل للمواد الغذائية وغيرها، حيث تعرضت شاحنة مليئة بالمواد الغذائية للانقلاب في أحد الطرق الوعرة والشاقة والتي يسلكها مواطنو وتجار المدينة بدلا من التي أغلقتها المليشات، وألحقت به خسائر مادية جسيمة ما اضطره إلى إيقاف التجارة داخل المدينة.
 
 
وفي ظل الحرب والحصار الذي تفرضه المليشيات الحوثية على المدينة قامت بتدمير البنية التحتية ونهب المؤسسات، وإغلاق الطرق مما سبب بشلل شبه تام لحركة المحافظة، كما قامت بتدمير المنازل والمنشآت وتهجير المواطنين من منازلهم وقطع خدمتي الماء والكهرباء وفرض ومضاعفة الجمارك والجبايات على البضائع التي تدخل المدينة وتمر بالمناطق التي تفرض سيطرتها عليها.
 
وبحسب مراقبين اقتصاديين، فإن الأمر لم يقف عند هذه الآثار الظاهرة للحرب والحصار الحوثي للمدينة وإنما يتخطى إلى الحرب الاقتصادية السرية التي تقودها المليشيا ضد المدينة، وإضافة إلى تعمدها حرمان المدينة من عائداتها المالية وتدمير بنيتها التحتية، تعمل المليشيات على تدهور العملة الوطنية وإضعاف الاقتصاد من زوايا عدة على رأسها خلق السوق السوداء والتلاعب بقيمة العملة من خلال شركات صرافة تعمل داخل المدينة لصالحها، كما تضيق الحصار على التجار ورؤوس الأموال من أجل هجرتهم تجاه مناطق سيطرتها.

ذات صلة