ثلاثة مشاهد لقائد واحد

10:05 2022/07/26

المشهد الأول 
 
كنت في البلاد أنعي مصير الصالح،فقط، وأكره الجميع،الشمال والجنوب،الشرق وكل الجهات الى الغرب، ومن فرط خسارتنا لصالح كرهت الكهنوت الذي أكرهه من قبل وكرهت الشرعية وكرهت البلد والأشقاء والعرب..
تحولت الى كتلة حقد عليها أن تنفجر بوجه الناس،الناس كلهم، وفقدت آخر الآمال في جعبتي،
كنت آخر الفرسان الذين عليهم اعلان الهزيمة،واقناع الناس بالصمت،وان لا شيء يمكنه أن يعود بعد صالح،ولكني لم أعلن الهزيمة،
لم أستسلم،
بقيت هناك أفكر وأقدر وأوازن، وأنعي الخسارة،لا شيء بعد صالح،لا شيء،كنت كهارب من أشبيلية والمعتمد يساق الى أغمات،
كتارك غرناطة وكلما لقيت أحدهم وسألني عن غرناطة بصقته ومضيت،وكنت أشبه ملك توجته الرؤيا وسلبته الحقيقة تاجه، كمن سقط في بئر لم يصل القاع منذ ملايين السنوات،فقط يسقط يسقط يسقط ولا يصل، لم يصل منذ قرون،فهل يصل ؟
خطرت في بالي سيناريوهات كثيرة، وأخفهن أن نتلاشى،وأن ننسى وجودنا الى الأبد الا سيناريو واحد لم أتخيله البتة ..
هو هذا السيناريو،البزوغ الجبار للرجال من أنبل أماكن اليمن، رجال على رأسهم طارق!
 
أعترف لكم،لم أكن أدركه كثيراً،كان وللحقيقة لا يهمني كثيراً، أستشهد أو بقى،لا حيلة لديه أمام هذه الحيتان الكبيرة،وهو المثخن بالخسارة والخسارة القدر النبيل للشجعان، والذين يجهلون الخسارة يجهلون النصر، جرب ألا تخسر وستدرك أنك لن تنتصر،ولو في لعبة إلكترونية، الخسارة تعجن الرجال،وتزيد صلابتهم، وهذا ما حدث لطارق، ومعه ..
 
المشهد الثاني 
 
ظهر العميد طارق في شبوة،لم أعرفه بعد،أوجد سردياته الكثيرة،قتاله للحوثي في صنعاء وتأسيسه لقواته في عدن،وظهوره يقود معركة تحرير الحديدة في الساحل الغربي ويحقق الانتصارات،رغم الضباب الذي يحوطه،ودخان كثيف نفخته ماكينات اعلامية كثيرة لأجل تشويهه،والنيل حسداً منه وخوفاً من نجاته ورغم ذلك تعالى وكبر،بقى وكثر،وأصبح عنوان كل المراحل، ووحد بين الجهات،وأذاب الخصومات، وليصبح المركزية الوطنية في مدينة المخاء ورغم سنوات الخلافات،طارق لن يصمد أمام الحوثي لكنه صمد وإنتصر، 
طارق ستلتهمه المجاميع التي حوله لكن طارق بحنكته كان أمهر من يدير معركة تجمع هويات متناقضة،وبهذه اللحظات تعرفت عليه،أنتميت له،وهو يصارع الوحوش الكبيرة الممتدة عبر كل البحار فوثقت أكثر وآمنت أكبر أن طينة الرجل هذا خرافية،وسينتصر على منافسيه وليس انتصار الحرب،بل بالخلق والمبادئ والقيم، وأصبح طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي واللون الواحد الممتد في وجهات متفرقة من مأرب الى شبوة، الى عدن، ومدينة تعز، تعز مركزية النضال الوطني ..
 
المشهد الثالث 
 
لسنوات،كنت متهماً بخذلان مدينتي،كنت أتهم بكل لحظة أني أبيح وأنتمي للغرباء بلا شيء يمكنهم عبره إدانتي واللهم حيلتهم ومقولتهم : لا أحد يتخلى عن أهله،لا أحد..
عشت هذا الشعور المخيف،كنت مؤمنا ولا زلت بقائدي،ويستحق مني ذلك، ففكرتي الوطنية أعلى من تخندقات المدن ومن المعارك الصغيرة،ومن كل الفضاء بشحنه الرمادي،ومع ذلك كنت أحياناً وانا أكتب وأوضح أشعر بالمهانة،قليلاً من الأسف على نفسي،فأنا لا أأسف على ما قلته وأقوله بل أشعر أنني أفقد بعضي،وكلي،فبعض وكلي تعز،ولا أحد يريد أن يخسر مدينته،لا أحد..
 
ذات مرة،كنت أتحدث مع أحدهم،حدثته وحدثني،حاول إقناعي،قلت له: ربما لو أنني لم أعرف القائد لأقتنعت بك،مشكلتك معي أنني عرفته،وليست مشكلتي،عرفته ووجدت فيه الانسان القائد الثائر والرمز المختلف،ولا يمكنني تركه، وستظل لعنة سوداء في تأريخي انا الشاب الذي أقترب من قائد بحجم طارق ثم إنكفأ وغادر،لااا..
 
وأنا في تعز،قبالتي الشخص الذي تحدث معي،وحدثته،وعجز عن إقناعي وأقنعته السنوات المنصرمات في افتتاح فرع المكتب السياسي في تعز قبل أيام قلت له: أليس ما حدثتك عنه حقاً ؟ قال: هو كذلك، وتصافحنا ببهجة اللقاء بين العقل والقلب.. ما ضاع مني عاد،وما ضاع منه لقد وجده، فمصافتحي لصديقي هي مصافحة الجبل للساحل،وتعز للشاطئ،والمحور والوطنية، وجدنا بعضنا بعد سنوات من الخلافات، وما حدث بيني وبين صديقي،حدث بين الكبار من خلاف وسوء فهم ثم وتلك المصافحة..
 
عشت سنواتي بكل عزيمة أوضح للناس،في تعز،أن طارق الذي في عقولكم ليس هو الذي نعرفه، ولا تعرفونه بعد،هناك تشويه ممض للرجل،قلت لمن أعرف مشافهة ولمن لا أعرف كتابة: طارق صالح مختلف،كل جهده إزالة هذا اللبس في الذهنية،البدء بمرحلة جديدة تتخطى كل شيء وتعز في عين القائد،وقلبه،وفي عقله،وهاكم أدبياته، هي إمامكم، تمعنوا به وبما يقول،دققوا بأفعال القائد، ولتحكموا بعيداً عن النمطيات المسبقة بشأنه لشأنه !
 
وأنا أشهد العرس التلاحمي في تعز خطرت،ببالي،سنوات الشد والجذب،وكيف نجح هذا الرجل في تجميع ما فرقته المذاهب والجماعات والأحزاب وذهنيات عشرات السنوات،فجاوبني الصدأ: الاسماء تحمل مضامين الرجال، له من اسمه رسم..
اسمه طارق،وحري به لم وجمع الجميع .