في أوكرانيا: فضائح فساد وإقالات واستقالات تطغى على "معركة الدبابات"

  • وكالات :
  • 05:19 2023/01/24

إقالات واستقالات لمجموعة من كبار المسؤولين وستولتنبرغ في ألمانيا لحثها على تقديم أسلحة ثقيلة لكييف
 
على وقع التجاذبات بين الحلفاء الغربيين والضغوط المستمرة على ألمانيا لمد كييف بدبابات مقاتلة ثقيلة، دوت في أوكرانيا فضحية فساد أدت إلى سلسلة إقالات واستقالات في صفوف كبار المسؤولين، في وقت تواصل روسيا هجومها العسكري على البلد.
 
وفي التفاصيل، أعلن عدد من كبار المسؤولين الأوكرانيين استقالاتهم، اليوم الثلاثاء، بعد أن كشفت وسائل إعلام عن عمليات شراء إمدادات للجيش بأسعار مبالغ بها وفق ما يعتقد. ومن المتوقع تغيير مزيد من الموظفين في الأيام المقبلة قبل حلول الذكرى السنوية الأولى للهجوم الروسي، الذي أدى إلى تجميد السياسات الداخلية إلى حد بعيد مع تنحية الخصومات السياسية جانباً للتركيز على نجاة أوكرانيا.
 
ومن بين المسؤولين المستقيلين، نائب وزير الدفاع فياتشيسلاف شابوفالوف الذي كان مسؤولاً عن الدعم اللوجيستي للقوات المسلحة، ونائب مدير مكتب الرئيس كيريلو تيموشينكو، ونائب المدعي العام أوليكسي سيمونينكو.
 
 
وجاءت الاستقالات بعد إعلان زيلينسكي، أمس الإثنين، "قرارات تتعلق بالموظفين، بعضها اليوم وبعضها غداً". وقال ميخايلو بودولياك، أحد كبار مستشاري الرئيس، إن "قرارات زيلينسكي المتعلقة بالموظفين تشهد على الأولويات الرئيسة للدولة... الرئيس يرى المجتمع ويسمعه. وهو يستجيب مباشرة لمطلب عام رئيس، العدالة للجميع".
 
الفضائح
 
وقال مكتب الرئيس، إنه قبل استقالة كيريلو تيموشينكو من منصب نائب مديره، ولم يذكر هذا الأخير أي سبب لاستقالته، بل اكتفى بالقول على "تيليغرام"، "أشكر رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي على الثقة وفرصة القيام بأفعال صالحة كل يوم وكل دقيقة".
 
وعمل الشاب البالغ من العمر 33 عاماً، في الحملة الانتخابية لزيلينسكي وظل يشغل منصب نائب مدير مكتب الرئيس منذ عام 2019، وكان يشرف على المناطق والسياسات الإقليمية في أوكرانيا.
 
وبرز تيموشينكو، الذي أشرف بشكل خاص على مشاريع إعادة إعمار المنشآت التي تضررت من القصف الروسي، في عدد من الفضائح قبل هجوم موسكو وخلاله. ففي أكتوبر (تشرين الأول)، اتهم خصوصاً باستخدام سيارة دفع رباعي منحتها مجموعة "جنرال موتورز" لأوكرانيا لأغراض إنسانية. وبعد الكشف عن ذلك، أعلن تيموشينكو نقل السيارة إلى منطقة قريبة من خط المواجهة.
 
وقال مكتب المدعي العام إن نائباً له هو أوليكسي سيمونينكو أقيل من منصبه "بناء على رغبته". وتعرض سيمونينكو لانتقادات بعد أن قالت وسائل إعلام، إنه أمضى عطلة العام الجديد مع أسرته في مدينة مربلة الإسبانية لمدة 10 أيام في حين يحظر على الرجال الأوكرانيين في سن القتال السفر إلى الخارج إلا لأغراض مهنية. وبحسب صحيفة "أوكراينسكا برافدا" الأوكرانية النافذة، ذهب على متن سيارة مملوكة لرجل أعمال أوكراني يرافقه الحارس الشخصي لهذا الأخير.
 
وقال زيلينسكي في خطابه، الليلي الإثنين، إن المسؤولين لن يكون بوسعهم بعد الآن السفر إلى الخارج لأغراض لا علاقة لها بالعمل الحكومي.
 
وقدم نائب وزير الدفاع فياتشيسلاف شابوفالوف استقالته بعد أن اتهم تقرير إعلامي أوكراني وزارة الدفاع بأنها تدفع أسعاراً مبالغاً فيها للحصول على إمدادات الغذاء.
 
وقالت وزارة الدفاع في بيان، "وإن كانت هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة"، فإن مغادرة شابوفالوف "ستسمح بالحفاظ على ثقة المجتمع والشركاء الدوليين وكذلك ضمان موضوعية" الجهود الرامية إلى الكشف عن ملابسات هذه القضية.
 
إقالة 5 حكام مناطق
 
كما استقال نائبان لوزير تنمية المجتمعات والأقاليم الأوكراني، هما فاسيل لوزينسكي المشتبه في تلقيه رشوة بقيمة 400 ألف دولار "لتسهيل إبرام عقود شراء معدات ومولدات بأسعار مبالغ فيها"، بينما تواجه أوكرانيا نقصاً في الكهرباء بعد الضربات الروسية على منشآت الطاقة.
 
ويقول زيلينسكي، إنه يعتزم تنظيم حكومته التي تقود البلاد في وقت حرب، والقضاء على الفساد.
 
وأعلن الوزير أوليه نمتشينوف، على "تيليغرام"، إقالة الحكومة خمسة من حكام المناطق تنفيذاً لأمر أصدره زيلينسكي.
 
وقال ممثل الحكومة في البرلمان تاراس ميلنيتشوك، إن حكام مناطق دنيبروبتروفسك (وسط) وزابوريجيا (جنوب) وسومي (شمال) وخيرسون (جنوب) والعاصمة كييف سيغادرون مناصبهم.
 
وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ (أ ف ب)
وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ (أ ف ب)
 
"معركة الدبابات"
 
قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الثوم الثلاثاء، إنه واثق من التوصل قريباً لحل بخصوص تسليم دبابات مقاتلة ثقيلة إلى أوكرانيا، وذلك بعد اجتماعه مع وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس.
 
وصرح للصحافيين في مؤتمر مشترك مع الوزير الألماني، "في هذه اللحظة الحرجة من الحرب، علينا مد أوكرانيا بنظم أثقل وأكثر تقدماً وعلينا أن نفعل ذلك على نحو أسرع". وأضاف "لذلك أرحب بنقاشنا اليوم، ناقشنا مسألة الدبابات المقاتلة، المشاورات مع الحلفاء ستستمر وأنا واثق أننا سنتوصل إلى حل قريباً"، مؤكداً أنه "لا مؤشر" على أن روسيا "غيرت أهدافها" في الحرب.
 
وزير الدفاع الألماني قال من جهته، إنه لا يوجد خلاف بين الحلفاء في شأن إرسال دبابات ثقيلة إلى أوكرانيا. وشدد على أن برلين ستتحرك سريعاً في حال اتخاذ قرار إيجابي للقيام بذلك. وأضاف بيستوريوس أنه يتعين ألا يصبح حلف شمال الأطلسي طرفاً في الحرب في أوكرانيا.
 
وفي السياق نفسه، قال المفتش العام لوزارة الدفاع الألمانية إيبرهارد تسورن، اليوم الثلاثاء، إن قرار إرسال دبابات "ليوبارد" إلى أوكرانيا سيتخذ على المستوى السياسي فحسب. وأضاف في مؤتمر للدفاع من تنظيم صحيفة "هاندلسبلات" في برلين، "هذا قرار سياسي بحت".
 
الكرملين يحذر
 
في المقابل، حذر الكرملين، الثلاثاء، من أن تسليم كييف دبابات "ليوبارد" "سيترك أثراً لا يمحى" على العلاقات مع برلين.
 
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف خلال مؤتمره الصحافي اليومي، "عمليات التسليم هذه لن تأتي بأي خير على العلاقات" بين روسيا وألمانيا مستقبلاً، مضيفاً "سيترك ذلك أثراً لا يمحى".
 
وارسو تطلب موافقة برلين
 
ويأتي ذلك فيما أعلن وزير الدفاع البولندي ماريوش بلاشتشاك، الثلاثاء، أنه طلب موافقة برلين لإرسال دبابات "ليوبارد" إلى أوكرانيا.
 
وكتب بلاشتشاك على "تويتر"، أن "ألمانيا تلقت طلبنا للموافقة على إرسال دبابات ليوبارد 2 إلى أوكرانيا"، داعياً برلين أيضاً للانضمام إلى "تحالف الدول الداعمة لأوكرانيا بدبابات ليوبارد 2".
 
وسبق أن أعلنت بولندا أنها مستعدة لإرسال 14 دبابة ألمانية الصنع إلى كييف في إطار تحالف دولي، لكنها اصطدمت بتردد برلين. وأشارت وارسو إلى أنها تجري مناقشات مع نحو 15 دولة في شأن هذا التحالف، إذ إن عدداً كبيراً من الجيوش الأوروبية يملك مدرعات من هذا الطراز.
 
ومن المتوقع أن يكون لدبابات "ليوبارد" تأثير كبير على النزاع في أوكرانيا في مواجهة الهجوم المكثف للقوات الروسية.
 
مناورات عسكرية للقوات الأوكرانية في زابوريجيا (أ ب)
مناورات عسكرية للقوات الأوكرانية في زابوريجيا (أ ب)
 
إصلاحات في الجيش الروسي
 
في غضون ذلك، قال رئيس هيئة الأركان العامة الروسية الجنرال فاليري جيراسيموف، إن الإصلاحات العسكرية الروسية الجديدة تأخذ في الاعتبار التوسع المحتمل لحلف شمال الأطلسي واستخدام "الغرب مجتمع" كييف لشن حرب بالوكالة على روسيا.
 
وفي أول تعليق علني له منذ تعيينه قائداً للقوات الروسية في أوكرانيا يوم 11 يناير (كانون الثاني)، أقر جيراسيموف بوجود مشكلات تتعلق بتعبئة القوات الروسية بعد أن أجبرت انتقادات علنية الرئيس فلاديمير بوتين على توبيخ الجيش.
 
وقال جيراسيموف لموقع "أرجومنتي أي فاكتي" الإخباري، في تصريحات نشرت في وقت متأخر الإثنين، إن الإصلاحات العسكرية التي أعلن عنها في منتصف يناير، وافق عليها بوتين ويمكن تعديلها للرد على التهديدات المحدقة بأمن روسيا. وأضاف "اليوم، تشمل هذه التهديدات تطلعات حلف شمال الأطلسي للتوسع إلى فنلندا والسويد وكذلك استخدام أوكرانيا أداة لشن حرب بالوكالة على بلدنا".
 
وتقدمت فنلندا والسويد العام الماضي بطلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي بعد هجوم روسيا على أوكرانيا. وبموجب خطة موسكو العسكرية الجديدة، سيضاف فيلق عسكري إلى كاريليا في شمال روسيا على الحدود مع فنلندا.
 
وتدعو الإصلاحات أيضاً إلى منطقتين عسكريتين إضافيتين، موسكو ولينينغراد، اللتين كانتا موجودتين قبل دمجهما في عام 2010 لتكونا جزءاً من المنطقة العسكرية الغربية.
 
وفي أوكرانيا، ستضيف روسيا ثلاث فرق بنادق آلية كجزء من تشكيلات الأسلحة المشتركة في منطقتي خيرسون وزابوريجيا، اللتين تزعم موسكو أنها ضمتهما في سبتمبر (أيلول).
 
وقال جيراسيموف، "الهدف الرئيس من هذا العمل هو ضمان حماية سيادة بلادنا ووحدة أراضينا". وأضاف أن روسيا الحديثة لم تشهد "قتالاً بهذه الضراوة"، مما أجبرها على تنفيذ عمليات هجومية من أجل استقرار الوضع. وقال، "بلادنا وقواتها المسلحة تعمل اليوم ضد الغرب مجتمعاً".
 
وخلال 11 شهراً من الحرب، حولت روسيا خطابها في شأن الحرب من عملية "نزع السلاح" من جارتها إلى تصويرها بشكل متزايد على أنها دفاع في مواجهة هجوم الغرب العدواني. أما كييف وحلفاؤها الغربيون فيصفون العملية بأنها عمل عدواني غير مبرر، ويرسل الغرب على نحو متزايد أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا لمساعدتها على مقاومة القوات الروسية.
 
وواجه جيراسيموف وقيادة وزارة الدفاع انتقادات حادة بسبب انتكاسات متعددة في ساحة المعركة وفشل موسكو في تحقيق النصر في حملة كان الكرملين يتوقع ألا تدوم طويلاً.
 

 

ذات صلة