ويقول: لا تيأسوا

12:00 2020/05/08

قبل يومين لفت انتباهنا خبر مخيف، ومزعج للغاية، حول قضية حساسة مقترنة بكورونا، ففي ظل أزمة اليمن بالفايروس الذي قتل وأصاب 26 مواطنا من الجنسين في غضون أيام قلايل، فلت ما يمكننا وصفه (سر عسكري) في غاية الخطر، من لسان أحد رجال الرئيس هادي المرموقين والفاعلين، وهو علي منصور مقراط، الذي تحدث إلى موقع عدن الغد بصفته رئيس تحرير صحيفة وموقع الجيش والناطق الإعلامي العسكري.. أكد أن جنودا وضباطا - بعضهم من ذوي الرتب الرفيعة- أصابتهم آفات حمى الضنك، والملاريا، والمكرفس، وفايروس كورونا، دون أن يحظوا بأي مساعدة علاجية، وأنه منذ بداية شهر رمضان وحتى اليوم توفي عدد منهم، دون الاعلان عن معظم الوفيات في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، ولا تعازي لذويهم حتى، وقال مقراط أيضا إن وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان لا وجود حقيقي لهما في عدن وبعض المحافظات الجنوبية التي تخضع لإدارة الرئيس هادي وحكومته أو هكذا يفترض، وتقلص وجودهما(الدفاع وهيئة الأركان) إلى مكتب في عدن مهمته إحصاء عدد الوفيات.
 
وما عسى أن تقوم به الطباخة الحاذقة في البيت العطل؟! فمستشفى با صهيب في عدن مثالا، ففي الحين الذي فيه أغلقت المستشفيات العامة والخاصة ليموت ناس عند أبوابها، بقي باب باصهيب العسكري مفتوحا، لكن افتقاره للدعم والتجهيزات اللازمة جعله غير قادر على تقديم خدمات طبية.وعندما يمسي رجال المؤسسة العسكرية، وبالتبع المؤسسة الأمنية، على هذه الحالة، فكيف سيكون حال المواطنين الفقراء؟ وليس الفقراء فحسب، بل حتى الأغنياء، فقد كان أمامهم خيارات متنوعة لم تعد متاحة، فمثلا كان الغني في الظروف العادية يستطيع الحصول على عناية صحية مميزة في البلاد، أو يسافر إلى بلد آخر في أي وقت شاء، الآن صار ذلك مستحيلا بسبب الظروف السائدة.. وأسوق لكم شاهدا، أصيب الرجل الثاني في أحدى كبريات المؤسسات التجارية والصناعية العائلية، ومات نبيل درهم بين يدي أهله في عدن، بعد أن ابدوا عروضا بملايين الريالات مقابل أن يحظى صاحبهم بخدمة طبية كلفتها لا تتجاوز مائة ألف ريال، لكن مستشفيات المدينة المفتوحة- بما في ذلك المحجر الصحي في البريقة- تخلت عن مداواته بدعوى أنه مصاب بفايروس كورونا.هكذا هو الوضع على الأرض، وزيدوا تأملوا كيف تفكر حكومة هادي أمام جائحة كورونا.. تفكير يثير القلق والرعب، واليأس منها أيضا.. فبسبب النزاع مع المجلس الانتقالي مثلا تخلت عن عدن ولحج، وفيهما قد وصلت أعداد المصابين بالفايروس إلى نحو عشرين إصابة حتى ظهر الأربعاء الماضي، وهي الإصابات المسجلة رسميا، أو ما تسمى المؤكدة، ناهيكم عن إصابات أخرى محتملة انتهت إلى موت صامت، فحكومة الرئيس تركت أمرهما إلى المجلس الانتقالي الجنوبي لكي تختبره فيفشل في الاختبار وتفوز هي بحسن ظن المواطنين في أقصى طموحها! وإلى جانب ذلك بطء في الحركة وبيروقراطية تمرض وتقتل كالفيروس نفسه.. فقد اعتمدت حكومة الرئيس هادي ستين مليون ريال لمركز الحجر الصحي الرئيسي الواقع في عدن الصغرى، ولم تسلم الستين لإدارة المركز إلا بعد خراب جزء من البصرة، وخصصت خمس مائة مليون ريال للمحافظات الجنوبية، لكن المبلغ سوف يبقى في البنك المركزي إلى وقت العوزة! كما يقول اخوتنا المصريون.وإذا اتجهنا نحو بقايا حكومة معين، رأينا عجبا، على سبيل المثال هذا وزير النقل المقال صالح الجبواني يقترح على الرئيس هادي- الذي لا يستطيع معالجة الوضع الصحي في صنعاء وعدن بسبب عدم وجود سلطة له عليهما كما قال- اقترح عليه اعلان حالة الطوارئ، وعزل المحافظات والمدن الموبوءة التي تقع تحت سلطة المليشيات عزلاً كاملا، وترك أمر إدارة الأزمة الصحية فيها إلى الأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، والمملكة العربية السعودية، وأنه يجب على هذه الأخيرة وضع خطة لمجابهة شاملة مع فايروس كورونا في المناطق المحررة، فبحكم أن السعودية دولة حليفة في الحرب، إذن تقع على عاتقها مسئوليات منصوص عليها في القانون الدولي(لاحظوا هذه المسحة القطرية)، وزاد إلى ما سبق مقترحات من الضرب نفسه، وهي بالجملة كيد سياسي من رجل كان وزيرا ذات يوم وتحول إلى مكايد للرئيس هادي نفسه بحكم أنه قد غدا قطري الهوى.. مقترحات الجبواني التي تتسم بالخفة تظهر بجلاء نوع البضائع التي جلبها الرئيس إلى سوقه فصارت وبالا عليه بعد كسادها، مع ذلك لا نبخس الرجل، فرسالته إلى الرئيس تنم عن شعور بمخاوف حقيقية من فايروس كورونا، ومن خذلان الحكومة وتخبطها، ومرد تلك المخاوف إلى ما خبره وزير سابق عن عجز هادي وحكومته أمام آفة كورونا الكبيرة، حتى دفعته خبرته في العجز، إحالة مهمة التصدي للوباء إلى كل من السعودية والأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية.. وبعد هذا كله يأتي متفاءل يقول لنا: لا تيأسوا!
 
*(المقالات التي تنشر تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع)