مهدي منتظر قائم لكنه جالس!

12:00 2020/10/22

يقول المرجع الشيعي الأشهر أبو جعفر الصادق، لو رفع الإمام الغائب من الأرض ساعة لساخت بأهلها كما يموج البحر بأهله! وهذا الغائب هو عينه الإمام المهدي المنتظر، أو القائم- الحجة، كما يسميه الشيعة الإمامية.. لم يأت بعد ولا في أي ساعة، فما يزال غائبا راقدا أو جالسا في الكهف المزعوم.
 
الصادق يقول لو خلت الأرض منه ستين دقيقة ساحت! لم يره جعفر الصادق، وما أحد رآه أو عرفه، ولن يأتي، أو لن يعود، ولا ينبغي التطلع لمعرفته، إذا متى يمكن أن يعود ما ليس بموجود اصلا؟ مع ذلك يصر المؤمنون الشيعة الاثنعشرية- الإمامية، مثل إمامهم محمد بن علي الباقر – بأن ذلك الإمام الغائب- القائم سوف يعود من غيبته الكبرى في الزمن الذي يتشبه فيه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، وعندما تركب ذات الفرج على السرج، وعندما يخرج السفياني من الشام، ويخرج اليماني من اليمن، ويقتل غلام من آل محمد بين الركن والمقام اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية، فحينها يرون القائم، ويصيح فيهم صائح من السماء أن الحقوا بالمهدي، الذي سوف يقتلع سيفه من غمده ويمضي بهذا السلاح ليملأ الأرض قسطا وعدلا، بعد أن ملئت جورا وظلما.. وقد كلمنا أستاذنا عبد الناصر المملوح عن سيف المهدي المنتظر، فقال لنا: ما قيمته بين اسلحة هذا الزمان، يكشحه في مؤخرته؟!لقد تشارك الذكور والإناث في الأدوار، وحتى في بعض الملبس، وركبت ذات الفرج سفينة فضاء إلى القمر، وليس سرجا فقط، وسفياني الشام تبددت خرافته بعد أن هزمت عائلة العباس عائلة أبي سفيان، ومنذ سنين يولد الحوثيون اليماني توليدا عنيفا فلم يولد، وقبل ذلك كله قتل محمد بن الحسن في مكة، وبعد هذا كله غاب العدل والقسط عن إيران منذ تولى دعاة المهدي السلطة فيها.. خلاصته: لم تبق للشيعة حجة واحدة تبرر عدم عودة قائمهم أو غائبهم المهدي المنتظر! بفعل التراث الثقافي في الاسلام الذي كان وما يزال يقوم به فقهاء ومفكرون نقاد، اهتزت بعض المضامين اللاعقلانية والخرافية والاسطورية التي سيطرت على مساحة هائلة من موقع هذا التراث، وكانت تعتبر في مقام المسلمات.. ومع ذلك فأن أسطورة المهدي المنتظر الخرافية ما تزال سارية المفعول.. ونعتقد أن وجود هذه الاسطورة الخرافية في الفكر الديني الشيعي والسني معا، وفي ثقافة الفرس، وفي ثقافة عرب ما قبل الدعوة المحمدية أتاح لها البقاء إلى اليوم، حيث ازدادت فعاليتها بالإلحاح الشيعي الاثنعشري الذي يغلب على منابر الاتصال والتأثير الكثيرة.. ومن المفارقات العجيبة أن يشكو شيعة إيران من جور واستبداد طاغية جديد سموه الشيطان الأكبر، أي الولايات المتحدة الأميركية، بينما يتقبلون طغيان واستبداد كائن وهمي يدعى الإمام الغائب، والإمام القائم، و المهدي المنتظر، ويتقبل السكان هناك جور وكلائه الممسكين بمقاليد السلطة.من المهم أن يدرك كل صاحب عقل، أن المهدي المنتظر أسطورة خرافية، مثلها مثل غيرها من الأساطير التي نشأت نتيجة تعرض شعوب وقبائل لهزائم أمام الآخرين، فعوضت عن تلك الهزايم عن طريق التمسك بالأمل، وترحيل النصر القادم إلى المستقبل، والإلقاء به على عاتق قائد منتظر.. هذا القائد يعبر عنه بأسماء او ألقاب أو كلمات مختلفة، لكن لها معنى واحد يتحرك بين ثقافات الشعوب والقبائل المقهورة. إن أصل هذه الأسطورة الخرافية، يرجع إلى أسطورة أقدم هي أسطورة الفادي عند قدامى الفرس، وقد كان بمثابة الإمام الغائب أو المحتجب الذي سترسله السماء في الوقت المناسب، ثم انتقلت الأسطورة الخرافية الى اليهود بثوب جديد، من اليهود أخذ النصارى فصنعوا أسطورتهم المخلص، ومنهم انتقلت إلى العرب والمسلمين متخذه مسميات مختلفة، فهو عند الشيعة الإمامية أو الاثنعشرية الإمام القائم، أو الغائب، وهو المهدي المنتظر، كما أن المسلمين السنة يؤمنون بوجود مهدي منتظر، وهناك مهدي منتظر تقر به الزيدية الهادوية لكن بقدر أقل من المغالاة، إلا أن الحوثيين اليوم أعادوا أسطورة اليماني تأثرا بالمعتقد الشيعي الإمامي، واليماني الخرافي عندهم غير مؤسس الزيدية، على الرغم من أن بعض مثقفيهم يحاولون تسطيرة، وعلى استحياء، فقد كتب القيادي الحوثي عبد الملك العجري في كتابه( تأسيس الدولة الزيدية) يقول إن الإمام الهادي بن الحسين بن قاسم الرسي، ولد مزودا بخصائص بيولوجية، وبفضلها اصبح قائدا (أي لا دخل للعوامل الاجتماعية والثقافية والسياسية بذلك)، ويذكر من هذه الخصائص البيولوجية أن الهادي عندما كان طفلا حمل حمارا من باب دار ابيه وصعد به إلى السقف! ومثل الطوائف الدينية، كان لكل قبيلة عربية أو عائلة حاكمة مهديها الخاص، فهناك قحطاني القبائل اليمنية- القحطانية في الشام، والتميمي هو المهدي المنتظر لقبيلة مضر، والكلبي عند قبيلة بني كلب، والسفياني الذي كان ينتظره الأمويون قبل أن يدهمهم العباسيون، والفاطمي الذي توهمه الفاطميون بعد انكسار دولتهم.. إلا أن كل هؤلاء الغائبين لم يعودوا، أو لم يظهروا حتى الآن، على الرغم من قرون الانتظار الكثيرة، وقطعا لن يأتوا ولن يعودوا كما قلنا قبل، لسبب عقلاني بسيط، هو لأنهم غير موجودين سوى في رؤوس المتوهمين.
 
*(المقالات التي تنشر تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع)