من هم خصوم ثورة 2011.. لماذا يتكثرون؟

12:00 2020/10/27

واحد من قيادات أحزاب اللقاء المشترك الذين كانوا يضعون على وجوههم أقنعة، ثم يعتلون مختلف منابر التأثير ليدغدغوا عواطف الغاصبين بعبارات وشعارات ملهبة، الفساد، التوريث، الجيش والأمن العائليين، حروب صعده العبثية، هتك نسيج الوحدة اليمنية، وغير ذلك من الأساطير الجديدة التي انتجوها ووظفوها دون اقتناع حقيقي بوجودها.. نقول: واحد منهم كتب قبل أيام يلوم مهاجمي ما يسمى ثورة فبراير2011..
 
لقد لفت الأمر انتباهه، إذ أصبحت أعداد المهاجمين تتضاعف يوميا، وقد فسر الظاهرة تحت تأثير رهاب النظام السابق.. أدعى أنهم من اتباع النظام السابق.. بينما أولئك المهاجمين الذين يحسبون على السابق لا يمثلون عشر العدد.. لكن الرجل نظر لظاهرة الهجوم بعين حولا، أو قل غض نظره عن الأكثرية التي تنتمي لأحزاب اللقاء المشترك، كما غضه عن النشيطين اليساريين والقوميين المستقلين الذين أبلوا في إثارة حماس جمهور2011 الذي سار خلف المحرضين- المحركين، بعواطفه لا بعقله في تلك الثورة التي باتت موضوعا للهجوم.. المهاجمون معروفون لدى صاحبنا، ويدرك أن أكثريتهم أدباء وصحافيين وسياسيين كانوا منخرطين فيها إلى النهاية، لكنهم اصبحوا من أبرز مهاجميها.. ولا يكاد يمر أسبوع دون أن يظهر واحد منهم يعلن عن ندمه، وعن اعتذاره بسبب مشاركته في تلك الثورة.أزعم أن الرجل اللائم كان سيتخذ نفس الموقف لو بقي في اليمن، ولم يعينه الرئيس هادي سفيرا في بلد له فيها مصالح تجارية!. لقد كان بعض المتعصبين يسمون نظام ما بعد2011 بالجمهورية اليمنية الثالثة(!)، لكنهم سرعان ما خنسوا بعد انكشاف الواقع، الذي لا يحتمل محاكاة التجربة الفرنسية، فقد عرفت فرنسا منذ العام 1792 وحتى اليوم خمس جمهوريات، وإنما سميت كذلك لأن كل واحدة منها نشأت نتيجة حدث ثوري وتحديثي، شكل نقلة جديدة، فالجمهورية الأولى نشأت ثمرة للثورة الفرنسية التى ما تزال تلهم السياسيين والمفكرين والمؤرخين في كل جهات الدنيا حتى هذه اللحظة، وهي التي طوحت بالملك لويس وألغت النظام الملكي، وهي التي جاءت بالإعلان المدوي عن حقوق لإنسان والمواطن، وجاءت الجمهورية الثانية في العام 1848 بالنظام الانتخابي لأول مرة.... وهكذا وصولا إلى الجمهورية الخامسة عام 1958 التي رسخت البنية الدستورية والقانونية والمؤسساتية الفرنسية التي وصلت ذروتها اليوم.. بينما جاءت ثورة2011 بالإرهاب والتخلف والفساد المالي والإداري والفقر والخوف والتشرد والحوثية أيضا.. فالمقارنة بين الحالتين عورة كبيرة معيبة ومثيرة للسخرية.إن المثقفين وعموم الناس لديهم كل الحق في الهجوم على ثورة فبراير2011، وجلد ضمائر السياسيين ورجال الدين الفاسدين وقيادات الاخوان المسلمين التي حرضت المساكين ودفعتهم إلى مواقف ضد أنفسهم وضد مصالحهم لمصلحة هذه القيادات التي خسرت هي الأخرى.. الشعب يا صاحبنا صار خصيما لها، وليس شريحة معينة، فينبغي احترام حق الوافي في الترحم على ما سمي بالنظام السابق.. وأولئك المحرضين لا ينبغي منهم أن يستكثروا على الناس قدراتهم على النقد والاستنتاج وأجراء المقارنة بين السابق واللاحق، كأن يقارنوا مثلا بين مظاهر الفساد وسوء استغلال السلطة وانتهاك حقوق الإنسان والظواهر الاجتماعية والاقتصادية والأمنية خلال فترة حكم صالح وحزبه الطويلة، وبين ما حدث ويحدث من فساد منذ 2011 وهي فترة قصيرة.. فأبسط مقارنة تظهر أن السابق كان أقل تصالحا مع الفساد، وأكثر مكافحة له، بينما تظهر أن الفبرايريين يمارسون الفساد الكبير على مستوى المال العام، وعلى مستوى الوظيفة العامة، واشتركوا في تدمير الوحدة الوطنية تدميرا لا يحتاج إلى برهان، وأن ما كان يسمى التوريث في عهد صالح وحزبه لمجرد الكيد السياسي، صار اليوم حقيقة في كل وزارة وسفارة وهيئة حكومية.. واشتغلوا لأنفسهم وعائلاتهم وتركوا الشعب يئن.. لم يبنوا مدرسة جديدة ولا شقوا طريقا بطول ذراعين حتى، فما ينتفع به الناس اليوم هو ما تبقى من منجزات عهد صالح، التي نجت من تدمير الفبرايريين.
 
*(المقالات التي تنشر تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع)