«فتوى إلى غير مالك» : الإمامة في مهبِّ القصيدةِ البردونيةِ
صنعاء، الساحل الغربي، عبدالولي مجيب:
04:53 2023/09/22
"فتوى إلى غير مالك"، هذه القصيدة التي كتبها البردوني في عام 1948 م، و التي تشف عن شجاعة البردوني و تصدره المبكر لمقارعةِ الإمام و اتخاذِ موقفٍ من الإمامةِ التي أهلكتِ الحرثَ و النسلَ و اكتوى بنيرانِ حقدها الأحرارُ و الثوارُ و لم ينجُ من سطوةِ بَطشِهَا حتى الشاعر الأعمى / عبدالله البردوني.
و في القصيدة " فتوى إلى غير مالك " التي تأخر نشرها و تمَّ استبعادها من ديوان الشاعر "لعيني أم بلقيس" حرصاً من الأستاذ / علي الجندي المشرف على طباعة الديوانِ ؛ على حياة الشاعر اليمني/ عبد الله البردوني..
القصيدة ذاتها "فتوى إلى غير مالك" لم تنشر ضمن أي ديوان من دواوين البردوني الشعرية الأولى، وبقيت بعيدة كل البعدِ عن القراءِ حتى تسنى نشرها بعد قرابةِ أربعينَ سنةً من كتابتها ؛ إذ كتبت القصيدةُ في عام 1948م و لم تنشر إلا ضمن المجموعةِ الشعريةِ للشاعر البردوني "جواب العصور" أي في عام 1989م فما الذي أبقى هذه القصيدة بعيدةً عن النور كل هذه الفترة الزمنيةِ.
"فتوى إلى غير مالك" قصيدة تهكمية جريئة تعكس قدرة البردوني على مجابهةِ الإمامةِ و النيل منها بذكاءِ و كشفِ العديدِ من التفاصيلِ المتعلقةِ بالتناحرِ بداخلِ الأسرةِ ذاتها متهكماً بالإمامِ أحمد ساخراً من صنيعهِ كقوله:
سأظل أسأل (أحمداً) لا (مالكاً)
كيف استطبتَ بأهلك الإجحافا؟
كما يتعمد الشاعر/ عبدالله البردوني همز و لمزِ شخصيةِ الإمام أحمد يحيى حميد الدين كاشفاً من طرفٍ خفي ارتضاءِ الإمامِ أحمد بقتلِ أبيهِ حتى لا يظهر فيما بعد من ينازعهُ على الإمامةِ يقول البردوني:
هل قال قَتْلُ أبيك: ترقى بعدهُ
تُفني وتسجن بإسمه الآلافا؟
أتَركْتَهُ بالأمس يلقى قتلهُ
كي لاترى للأمر فيك خلافا؟
و من خلال الوقفةِ عند العتبة الأولى للقصيدة / العنوان "فتوى إلى غير مالك" سيكتشفُ القارئ أن الفتوى موجهة إلى غير "الإمامِ مالك" ليحضر للتو بقية أئمة المذاهبِ و على رأسهم الإمام أحمد و حتى لا نفهم تورية البردوني في وضع عنوان القصيدةِ على أنها جبن، فقد وضع على عتبة القصيدة الثانية / الإهداء إلى الإمام أحمد حميد الدين، من طالب معرفة! فماذا تقول القصيدة؟ و كيف استطاع البردوني أن يعصفَ بفكرة الإمامةِ و يكشفَ الكثير من خَفاياها و مؤامراتِ البيت الواحد.
و القصيدةُ تكشفُ مدى هشاشةِ فكرةِ الإمامةِ التي لا تقوى على الوقوفِ في مهبِ الغضبةِ البردونيةِ..