ما بين رسائل البرلماني علوي الباشا بن زبع وكلمات الكاتب همدان العليي، تتجلى ملامح خطاب يمني متزن، يتأرجح بين الوفاء والشعور بالخذلان، بين الامتنان التاريخي والنقد الصريح، في لحظة فارقة من عمر العلاقة بين اليمن ودول الخليج.
يكتب علوي بن زبع بلغة الابن الذي يعرف قدر محيطه ويحرص على أواصره، مشيداً بدور الكويت في دعم التنمية باليمن منذ السبعينيات، مقدّراً واقع قطر الجيوسياسي وظروفها، ومؤكداً الثقة في الموقف السعودي والإماراتي والبحريني الذين اختلط دعمهم بالدم والتضحيات من أجل استعادة الدولة اليمنية.. ومع ذلك لا يغفل عن تقديم نصيحة وطنية لكل يمني: لا ننجر وراء التباينات الخليجية فدول الخليج أبناء عم، ومحيط لا غنى عنه.
في المقابل يرفع همدان العليي نبرة الصوت ليس من باب الاصطفاف بين الدول وإنما من قلب الوجع الوطني؛ يحذر من اختزال اليمن بجماعة عنصرية طائفية لا تمثل إلا نفسها، ويشدد على أن تصوير العلاقة مع بعض الدول الخليجية الداعمة للحوثيين باعتبارها خلافاً إقليمياً هو تضليل، فالمسألة وطنية خالصة تتعلق بوجود وهوية لا بتحالفات آنية.
العليي لا يرفض سعي الدول لمصالحها لكنه يطالبها بقدر من الأخلاق السياسية عندما يتعلق الأمر بشعب شقيق يعاني حرباً طويلة؛ ويستنكر محاولات تقديم الحوثي ممثلاً لليمن، واصفاً ذلك بأنه تزوير فج للتاريخ والواقع واستهتار بتضحيات الملايين.
ما يجمع بين ما تطرق إليه الباشا والعليي هو إدراك عميق أن اليمن لم يعد يحتمل مزيداً من التجاهل أو التعامل معه كورقة في لعبة مصالح؛ فالموقف اليوم ليس رفاهية دبلوماسية وإنما قضية وجود يفرض فيها اليمني على نفسه الدفاع عن كرامته، دون أن ينسى من وقف معه ودون أن يصمت عمّن استغل ألمه.
إنها رسالة مزدوجة: نحب الخليج ونحرص على عمقه ولكننا لن نُسلم رقابنا لعصابة إرهابية ولن نقبل أن تُرضخ وتُسلم اليمن كجائزة ترضية في مائدة تفاهمات إقليمية.
فمن يحب اليمن حقاً لا يخذله حين يكون في أمسّ الحاجة إلى من ينصره، لا من يساوم عليه.