دفعة إماراتية تاريخية تعيد رسم مستقبل الطاقة في اليمن

  • عمار حمود، الساحل الغربي:
  • 02:19 2025/11/27

جاء الإعلان الإماراتي عن حزمة دعم استراتيجية بقيمة مليار دولار كأكبر استثمار عربي–دولي في قطاع الطاقة اليمني منذ سنوات، وليتحول إلى نقطة انعطاف فارقة لا تقتصر على سد الفجوة الخدمية الراهنة، لكنها تمهد لنهضة طاقوية مستدامة تعيد تشكيل ملامح التنمية والاستقرار في البلاد.

الدفعة الإماراتية جاءت خلال لقاء جمع سفير الإمارات لدى اليمن محمد حمد الزعابي برئيس الوزراء الدكتور سالم بن بريك في العاصمة المؤقتة عدن، حيث أكد السفير استعداد بلاده للعمل مع الحكومة اليمنية لتنفيذ مشاريع استراتيجية تُرسخ الاستقرار الخدمي وتعيد بناء قطاع الطاقة على أسس حديثة ومتجددة.

وفي اللقاء، أشار رئيس الحكومة إلى أن الدعم الإماراتي –البالغ مليار دولار– يمثل «دفعة قوية لتنفيذ خطط الإصلاح»، وأنه سيُحدث تحولاً نوعياً في بنية قطاع الكهرباء خلال العامين المقبلين.

بالتزامن، احتضنت عدن أعمال المؤتمر الوطني الأول للطاقة تحت شعار: "الطاقة المستدامة من أجل تعافي اليمن".. وعلى هذه المنصة، أعلن رئيس الوزراء رسمياً أن الإمارات تعهدت بتقديم مليار دولار لقطاع الطاقة، مؤكداً أن الخطوة جاءت بتوجيه مباشر من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، باعتبارها «واجباً أخوياً وتاريخياً لا تراجع عنه».

وتعمل الحكومة على جعل عام 2026 "عام الكهرباء في اليمن"، عبر حزمة إصلاحات تتضمن تحديث البنية التحتية للطاقة، وزيادة الإنتاج، والتوسع في مصادر الطاقة المتجددة، والحد من الاعتماد على الوقود المستورد.

الدعم الإماراتي ليس جديداً، لكنه اليوم الأضخم والأكثر تأثيراً؛ فقد أنشأت الإمارات خلال السنوات الماضية عدة محطات طاقة شمسية في عدن وشبوة وحضرموت والمخا، بطاقة وصلت إلى 120 ميغاواط في محطة بئر أحمد وحدها، ما أسهم في تقليل الانقطاعات وتحسين الخدمة في المحافظات المحررة.

الخبير البيئي عبدالملك النمري يؤكد أن الإمارات «أحدثت نقطة تحول استراتيجية في أحد أعقد الملفات الخدمية»، مشيراً إلى أن الطاقة المتجددة أصبحت «ضرورة اقتصادية وبيئية وليست خياراً ثانوياً».

فوائد مضاعفة: اقتصادياً وبيئياً وخدمياً

1. توفير ضخم في الوقود

تقدر مصادر حكومية أن المشاريع الإماراتية ستوفر نحو 333 مليون لتر من الديزل سنوياً، ما يعادل 416 مليون دولار وفق الأسعار العالمية.

2. تخفيف العبء على الموازنة

يشير الخبير الاقتصادي وفيق صالح إلى أن قطاع الكهرباء هو «أكبر مستنزف لميزانية الدولة»، حيث تنفق عدن وحدها 19.8 مليون دولار شهرياً على محطات الديزل.

3. استدامة مالية طويلة الأمد

الاعتماد على الشمس والرياح يتيح للحكومة الخروج تدريجياً من دوامة الوقود المكلف والطاقة المشتراة.

4. آثار بيئية إيجابية

من المتوقع أن تساهم المشاريع في خفض 18 مليون طن من الانبعاثات خلال 30 عاماً، ما يمنح اليمن فرصة للوصول إلى التمويلات المناخية الدولية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي أشاد بالدعم الإماراتي ووصفه بأنه «فاعل وملموس ويعالج جذور الأزمة».. كما أكدت الحكومة أنها بصدد إطلاق خطة إصلاحية متدرجة تشمل: زيادة حجم التوليد، وتطوير الشبكات ونظم النقل، وتقليص الاعتماد على الطاقة المشتراة، وتحسين كفاءة الوقود، والتوسع في الطاقة الشمسية والرياح، وفتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار.

ووعد رئيس الوزراء بأن التحسن سيكون ملموساً بدءاً من العام القادم، مع دخول المشاريع الجديدة مرحلة التنفيذ خلال فترة لا تتجاوز 12 شهراً.

ويهدف الدعم الإماراتي إلى تحقيق ثلاثة أهداف محورية: تحريك عجلة التعافي الاقتصادي عبر توفير كهرباء مستقرة للصناعة والخدمات، إلى جانب تعزيز استقرار الدولة عبر تخفيف السخط الشعبي الناتج عن الانقطاعات، إضافة إلى فتح مسار جديد للطاقة النظيفة يجعل اليمن جزءاً من التحولات العالمية في هذا القطاع.

يمثل الدعم الإماراتي الملياري لقطاع الطاقة في اليمن أكثر من مجرد منحة مالية؛ إنه استثمار استراتيجي في مستقبل بلدٍ يطمح إلى طي صفحة مظلمة من أزماته.. ومع بدء التنفيذ خلال الأشهر القادمة، يقترب اليمن من لحظة مفصلية قد تعيد الكهرباء —أحد أكثر الملفات إلحاحاً— إلى مسار التعافي والاستقرار.

قد لا يكون الطريق سهلاً، لكن الخطوة الأولى وُضعت أخيراً على المسار الصحيح.

ذات صلة