خطاب الحرب.. الوقود المعنوي المفقود

02:08 2021/01/21

كل حربٍ مهما كانت قضيّتها عادلة يطول مداها الزمني تموت روح قضيتها وتبرد جذوة المعنى وحرارة التفاعل والتعاطف فيها ولا يبقى ماثلاً في ذهن الناس منها سوى أوجاعها وأوجالها وأوزارها ، والوجع والسأم كل واحدٍ منهما لوحده كافٍ لأن يقتل روح أيِّ قضيّة يؤمن بها الناس فكيف إذا جمعت حربٌ ما بين الوجع والسآمة ثم طال بهما على الناس الأمد فيها !
 
إنّ الحرب تحتاج إلى مواكبةٍ معنوية ومبدئية وروحيّة على طول امتداد الخط ، تحتاج إلى آلة إنتاجٍ للمعنويات كوقود روحي ومعنوي تستطيع معه نفسية المجتمع أن تعوض نقصها المادي في حياتها اليومية ، وبما أن الشرعيّة لا تملك ماكينة إعلام مبدئي تواجه بها قامة الزمن الطويلة الثقيلة على كاهل الشعب بالإضافة إلى أن شعارات الشرعيّة من مثل استعادة الدولة ومواجهة الإنقلاب وحتى تطبيق مخرجات الحوار كل هذه الكلمات الباردة الباهتة ليست في صميم الوجدان الشعبي ولا يتفاعل معها مطلقاً ولا هي من الأهداف العليا التي يطرب لها الناس وهم يقدمون التضحيات .
 
إنّ الدليل على أن أدبيات الشرعية ومفرداتها التي ترددها في خطابها ليس لها أساس في الوجدان الشعبي أن مقطعاً واحداً في دقيقة او اثنتين من أناشيد الفضول السبتمبرية تحرك وجدان شعبنا بأكمله أكثر مما تحركه كل مخرجات الحوار ، وإذا أردت أن تختبر قيمة تلك المخرجات فتعال إلى مواطنٍ من الذين يقاتل أولاده في الجبهات ضد الإماميين وخيره بين صورة الزبيري أو صدام وبين دفتر الحوار "الوطني" وسترى من يختار !
 
إن خطاب الشرعية خطاب سياسي من النوع الرديء وليس خطاب حرب ولا مواجهة ولا في نبراته ولا أدبياته مفردة من مفردات استنهاض الروح الشعبية ، والحرب لها خطابها وأدبياتها التي تختلف تمام الإختلاف عن خطاب مرحلة الوفاق ، وكذلك فإن الخطاب الموجه للشعب في الداخل غير الخطاب الموجه للغرب والأمم المتحدة .. أو هكذا يفترض أن يكون .
 
غائب
٤ يناير ٢٠١٨م