معركة صالح.. من الداخل

04:48 2021/12/04

بوجود صالح، فشل الحوثي في تذويب التركيبة الاجتماعية، فشل في استعباد القبائل وحشدهم للجبهات، كان صالح الجدار الذي يستندون إليه، فيحميهم منه، ولذا كان خياراً مهماً للكهف تصفية صالح، مهما قدم التنازلات!
 
ذات مرة، بوجود صالح، حاولت المليشيات إهانة الشيخ محمد منصور الشوافي، اجتمع مشايخ تعز وغالبيتهم مؤتمر، حشدوا وذهبوا ناحية خدير بموكب كبير من الرجال بالآلاف لفك الحصار عن قريته بالسلم أو بالحرب لولا أن شعرت المليشيات بالخطر وفكت الحصار وحكّمت واعتذرت للقادمين وللشيخ الشوافي.
 
هذه الحكاية تشرح الحال والمقال وكيف يجمع علي عبدالله صالح الناس حوله، وكيف يواجه بهم الكهنوت والتحويث ويحارب بهم الحوثي بنعومة ويحمي النسيج وكان الناس يحتمون به حيث ظن الكل أنه يحتمي بهم.
 
ذات مرة أتى الجندي، وكان المحافظ آنذاك، ومكتبه مغلقاً بأمر المشرف فصاح بهم وقال لهم افتحوا المكتب أو سأخبر دهمش يكسر مناخيركم، ففتحوه بخوف، وبعد استشهاد صالح بأيام وكان الجندي يتغدى في مطعم وحارسه بالخارج، قتلوا الحارس دون مشكلة وهي انتقام ورسالة أن صالح لم يعد موجوداً. 
 
بقاء صالح قلل من سيطرة الكهنوت، عجز الحوثي عن أخذ مجند واحد للجبهات بوجود صالح، عجز عن عزل أي مسؤول حكومي من منصبه، كان الصراع السياسي بالمستوى الأعلى هو الحاكم للمرحلة، شعر الكهنوت أن وجودهم هش بوجود صالح، في المجتمع!
 
وبعد ثلاث سنوات وقد ظن الحوثي أنه يستطيع ترغيب أو ترهيب الجموع تفاجأ أن شعب ومشايخ ووجهاء البلاد يصعدون إلى السبعين كلٌ على حسابه تلبية لدعوة صالح الذي لم يعد حاكماً ولا بنكاً للمال، وحضروا بكثرتهم رغم ترهيب الحوثي لهم، ورغم أن نذر أي مذبحة كانت تلوح في الأفق، لكنهم صعدوا.
 
في الطريق إلى صنعاء كانت نقاط الحوثي تمنع المواكب من المرور، فيشهر الرجال بوجه النقاط بنادقهم وكادت تحصل ألف معركة في مسيرة الوصول إلى صنعاء ورأيت بأم عيني كيف موكب عفاشي صدم بسيارته المدرعة برميل النقطة ومر الناس من بعده، بالغصب.
 
صعدوا لأنهم يدافعون عن وجودهم، شعر الحوثي بالهزيمة، هزيمة كبيرة، وقرر تصفيته.
 
بقاء صالح في الداخل كان معركة كبيرة ومواجهة اجتماعية للسلالة، بعد تصفيته تمكن الحوثي من فعل كل شيء، تغيير المناهج والخُمس والعملة وإجبار القبائل على القتال.
 
لم يستطع مواجهة القبائل كل على حدة بوجود صالح، كانت ستجتمع كلها ضده بهيبة صالح، قرر تصفية صالح وبتلك سوف ينهي قوة القبيلة والمجتمع وقد نجح بذلك، نجح.
 
ذات مرة قال أحد مشرفي تعز، والله العدو العفافيش مش الدواعش، قالها بوجودي، قالها بحنق كونه لم يستطع تمرير صميله بحق أحد القيادات، قالها ومشى، مهزوماً مذلولاً مندحراً.
 
لهذا بقى صالح في الداخل، والبقاء بالداخل أهم للجمهورية والمكتسبات الوطنية، وأحفظ.