ملف (3) - الحوثية تأكل أولادها: مهندسو الانقلاب وقيادات المهام القذرة.. تصفيات ووفيات غامضة

  • صنعاء، الساحل الغربي، خاص:
  • 07:04 2021/12/17

تفاقمت الصراعات وطالت التصفيات البينية الحوثية، العديد من قادة المليشيا الانقلابية، واتخذت الصراعات الداخلية للجماعة أشكالاً جديدة ومناحي عدة، واعتمدت المليشيا الموالية لإيران أساليب جديدة في عمليات تصفية قياداتها الذين انتهت مهامهم، فلم تعد التصفيات تقتصر على الاغتيالات المكشوفة التي تلقى فيها التهمة على مسلحين مجهولين، لكنها اتخذت أسلوبا جديدا فصار "فيروس كورونا"، هو المسؤول عن الوفيات الغامضة التي طالت مؤخرا العديد من قيادات الصف الأول للمليشيا، التي لا تعترف أساسا بتفشي هذا الفيروس في مناطق سيطرتها، ليكون "كورونا" هو الطرف الذي يتم تحميله تهمة مزيفة.
 
ورغم أن التصفيات البينية التي طالت بعض قيادات المليشيا، بدأت منذ ما قبل الانقلاب، لكنها تحولت إلى ظاهرة متزايدة، واكتنف الغموض أسباب الوفيات التي حصدت عدداً من القيادات الحوثية، وإعلان المليشيا عن وفاتهم بـ"فيروس كورنا" أو إثر "مرض عضال" دون ذكر تفاصيل أخرى، عن نوع المرض وأسبابه، ذلك ما دفع بالعديد من قادة المليشيا إلى التعبير عن تذمرهم وشكوكهم والمطالبة بالتحقيق في أسباب الوفيات. 
    
 
 
وبرزت الصراعات مؤخراً بشكل واضح داخل صفوف المليشيا، وهي في الغالب صراعات على المال والهيمنة والنفوذ والسلطة، وظهرت هذه الصراعات بشكل جلي على السطح، من خلال الاغتيالات والتصفيات البينية داخل المليشيا، ما يشير إلى بدء التفكك والتفتت للتركيبة الداخلية للجماعة الانقلابية.
 
وتنامت ظاهرة التصفيات البينية، والوفيات الغامضة لقيادات كبيرة في الجماعة الإرهابية، مع قدوم القيادي الإيراني حسن إيرلو إلى صنعاء، وسيطرته كحاكم عسكري للحوثيين، على كل قرارات الدوائر الحكومية الخاضعة لسيطرة المليشيا، حيث تنامت الخلافات الكبيرة بين الأجنحة الحوثية، والتي وصلت إلى مرحلة لا يمكن التراجع عنها، لا سيما وأن الأمر وصل بينها إلى التصفيات بعد حرب تكسير عظام دامت لسنوات.
 
ويؤكد المشرف الحوثي سلطان جحاف، أن خلافات حادة تعصف بصفوف المليشيا، وأن الوضع الذي تعيشه جماعته بسبب تصاعد الخلافات مثير للقلق، ويعرضهم للعودة إلى الخلف، تحديداً منذ تواجد الحاكم العسكري الإيراني الجديد حسن إيرلو في صنعاء.
 
من جانبها قالت الناشطة الحوثية أمل اليمني، إنه "يجب التركيز عن المستشفيات التي توفي بداخلها قيادات الدولة والبحث عن أسباب الوفاة".
 
ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن المليشيا وجهت ناشطيها بشكل غير معلن، بتكثيف الحديث إعلامياً عن تفشي "فيروس كورونا" في أوساط القيادات الحوثية، حتى تنتهي من تمرير أخبار مصرع كبار عناصرها، كضحايا لفيروس كورونا.
 
فاتحة الفيروس القاتل
 
في مارس/آذار الماضي، أعلنت المليشيا عن وفاة زكريا الشامي المطلوب الرابع على قائمة تحالف دعم الشرعية، والمعين وزيرا للنقل في حكومة الانقلاب، إثر إصابته بفيروس كورونا، بحسب ما روجته المليشيا عبر ناشطيها، وهو ما شكك فيه والده يحيى الشامي، مستشار المجلس السياسي للمليشيا، مطالبا بتشريح الجثة لمعرفة الأسباب الحقيقية للوفاة، مؤكدا أن حالة ابنه كانت مستقرة في المستشفى، وأن إصابته كانت طفيفة، جراء غارة لطيران تحالف دعم الشرعية استهدفت اجتماعا لقيادات حوثية في صنعاء، وقال "الشامي" الأب حينها، إنه لا يستبعد القيام بتصفية ولده زكريا في المستشفى، ورفض استلام جثة ابنه أو دفنها قبل تشريحها.
 
وبعد أربعة أيام من وفاة زكريا الشامي، أعلن عن وفاة والدته بسبب فيروس كورونا، وبعد شهر من وفاتهما الغامضة، يلحق بهما الأب، وتعلن المليشيا بعد تكتم، وفاة "يحيى الشامي" بفيروس كورونا، وقالت "إنه التحق بزوجته ونجله زكريا اللذين توفيا بفيروس كورونا" دون الإشارة إلى دوره في هندسة الانقلاب، والحرب على اليمنيين.
وكان اللواء "يحيى الشامي" الذي يعد أحد العقول المدبرة للانقلاب الحوثي واجتياح صنعاء أواخر سبتمبر/أيلول 2014، والمطلوب رقم (11) على قائمة تحالف دعم الشرعية، رفض قبل وفاته تلقي العزاء في حالتي وفاة نجله وزوجته، بحسب ما ذكرته مصادر مقربة، مشيرة إلى أن "الشامي" الأب عمد بعد مصرع نجله "زكريا" على استقدام الكثير من العناصر المسلحة لتتولى تأمينه، ما يعني أنه كان يبدي تخوفًا من أن يتعرّض للتصفية، وأنه كان يعتقد أن هناك تصفية قد جرت ضد ذويه، وبالتالي فإن التصفية ستطاله أيضاً لغلق هذا الملف تماماً.
 
 
وفيما رجحت العديد من المصادر أن تصفية "زكريا الشامي" ووالده، جاءت ضمن عمليات الاغتيالات المتبادلة بين أجنحة الحوثيين، والتي تصاعدت منذ تعيين القيادي في الحرس الثوري الإيراني حسن ايرلو، مندوبا لطهران في صنعاء، أكدت مصادر أخرى أن تصفيتهما جاءت بعد الخلافات التي حصلت بين اللواء يحيى الشامي والحاكم العسكري حسن ايرلو حول معركة مأرب.
 
يحيى الشامي مهندس الانقلاب
 
يوصف الهالك يحيى الشامي المنتمي إلى محافظة إب، بأنه الأب الروحي للمليشيا الحوثية المدعومة من إيران، وقد عمل على تنظيم صفوفها عقب سيطرتها على صنعاء، وهندسة الاستيلاء على كافة المعسكرات والأسلحة، حيث كان مصدرًا لدعمها بالمال والسلاح، كما أنه خاض صراعًا مع القيادات الحوثية ومراكز النفوذ القادمة من صعدة في إطار التنافس على المال والنفوذ.
 
 
كما يعد يحيى الشامي، أحد أبرز قادة الحوثيين الذين عملوا من خلال مواقعهم في الحكومة سابقاً، حيث شغل محافظاً لمحافظة صعدة، عقب الحرب الثانية في 2006، وقدم دعماً كبيراً للجماعة، في حين ظل يوصف بانه أبرز مدبري انقلاب الجماعة الفعلي ومخططها للاسيتلاء على مؤسسات الدولة.
 
زكريا الشامي لاعب الأدوار المتعددة
 
لعب الهالك زكريا الشامي أدوارا متعددة على المستوى العسكري، كأحد أبرز القيادات في اللجنة العسكرية للمليشيا الحوثية، ويصنف مع والده يحيى الشامي، على رأس القادة العسكريين الذين مهدوا للتمرد الحوثي على السلطات الحكومية، وصولا إلى الانقلاب واجتياح العاصمة صنعاء أواخر العام 2014
 
رشحته جماعة الحوثي عضوا في فريق "الجيش والأمن" بمؤتمر الحوار الوطني الشامل، 2013، وضغطت المليشيا على الرئيس هادي، لتعيينه في منصب نائب رئيس أركان الجيش، والذي عينه في 28 ديسمبر/كانون الثاني 2014، وعُين وزيرا للنقل في حكومة الانقلاب غير المعترف بها في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وحتى مصرعه.
 
قيادات المهمات القذرة
 
مطلع أبريل/شباط الماضي، وبعد أسابيع من التكتم الشديد، أعلنت مليشيا الحوثي الإرهابية، عن وفاة "سلطان زابن"، المدرج ضمن قوائم الإرهاب الأمريكية، ومجلس الأمن الدولي، وأحد قيادات الصف الأول للانقلاب، وأشار بيان صادر عن مسؤول القطاع الأمني للمليشيا، إلى أن موت زابن إثر "مرض عضال"، فيما روجت المليشيا عبر ناشطيها بأن موته بسبب إصابته بـ"فيروس كورونا".
 
وبعد يوم من إعلان وفاة "زابن"، أعلنت مليشيا الحوثي، عن وفاة أفراح الحرازي مسؤولة سجن النساء في صنعاء، الخاضع لسيطرة المليشيا، بفيروس كورونا، وذلك بعد ثلاثة أيام من اختفاء غامض، انتهى بها فاقدة للوعي وفي غيبوبة تامة، في مستشفى بالعاصمة صنعاء، حيث منعت المليشيا أسرتها من زيارتها، قبل إعلان خبر وفاتها.
 
 
ورجحت بعض المصادر أن يكون الإعلان عن وفاة "أفراح الحرازي" جاء في إطار مساعي المليشيا للتخلص منها، والاستغناء عن خدمتها، بعد توظيف من ينوب عنها من "الزينبيات".
 
وحمّلت المصادر القيادات الأمنية للمليشيا، التي تتلقى أوامرها من  الحاكم العسكري الإيراني في صنعاء، حسن إيرلو، مسؤولية مقتل سلطان زابن وأفراح الحرازي، مؤكدة بأن ‏‎كورونا أصبحت عذرا فقط، وأن مقتل زابن وأفراح محاولة لإنهاء الحديث عن جرائم متعلقة بالأعراض، كشفت عنها تقارير دولية مختلفة، في سابقة لم تحدث من قبل..
 
ونبهت المصادر إلى أن الخطاب الحوثي الذي رافق إعلان موت مدير البحث الجنائي بصنعاء "سلطان زابن"، اتجه نحو تحميل موظفي الأمم المتحدة في صنعاء تهمة نقل الفيروس لقيادات الانقلاب لدفن حقيقة مصرع القيادات، ولفت الأنظار إلى مربع ما بعد إعلان الوفاة بالبحث عن طرف لتحميله تهمة مزيفة.
 
سلطان زابن.. "قواد المليشيا"
 
ينحدر الهالك سلطان صالح عيضة زابن، المعين من قبل المليشيا مديرا للبحث الجنائي في صنعاء برتبة عميد، من مديرية "رازح" بمحافظة صعدة، المعقل الرئيس للحوثيين.
 
تركزت مهام عمله تحديدًا في اختطاف وإخفاء النساء في عدة مبانٍ مدنية، حولها إلى معتقلات وسجون سرية للنساء، كما يعتبر المسؤول عن الاغتيالات التي تحدث بحق المعارضين وخاصة النساء في صنعاء، وإيداعهن في سجون سرية، كما يتهم باغتصاب النساء المخطوفات لديه.
 
 
لعب "زابن" دورا خفيا في حروب صعدة الست 2004-2009، كواحد في قائمة تضم أذرعا أمنية متشابكة تدربت على أيدي الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، ومهّدت لتفكيك تحالفات المجتمع وإسقاط صنعاء عام 2014.
 
فتح سجنا خاصا للنساء وإيداعهن فيه، بعد مداهمة منازلهن ونهب ممتلكاتهن، وإلصاق تهم الدعارة بهن لمساومة أهاليهن بإطلاقهن، مقابل مبالغ مالية كبيرة، ويعتمد في ذلك على نساء حوثيات مسلحات يطلقن على أنفسهن كتائب "الزينبيات"، التي تولى "زابن" مهمة تأسيسها والإشراف عليها.
 
عمل على توسيع مجموعة "الزينبيات"، باختطاف واستدراج النساء والفتيات المراهقات، وطالبات في المدارس والجامعات، لتجنيدهن بالإكراه، وتولى إرسال فتيات إلى خارج اليمن، وإلى المحافظات المحررة وغير المحررة، وأسند لهن مهمات أمنية واستخباراتية وإلكترونية، لاصطياد المسؤولين والناشطين المناهضين للمليشيا.
 
أفراح الحرازي سجانة النساء
 
لعبت الصريعة أفراح الحرازي دوراً في اعتقالات النساء في صنعاء، وعملت مع مدير البحث الجنائي في حكومة المليشيا "سلطان زابن"، وشاركت في عمليات تعذيب المعتقلات.
 
 
عملت "أفراح" سكرتيرة في مصلحة السجون قبل انضمامها إلى مليشيا الحوثي، وعُينت بعد الانقلاب عام 2014، مديرة لقسم النساء في المصلحة، ومنحتها المليشيا رتبة "ملازم أول"، ثم عُينت مديرة لقسم النساء بالسجن المركزي، وكانت تشرف على التحقيقات السرية، وتستدعي النساء ليلا من السجن، ولها الكلمة الأولى والأخيرة في سجن النساء حتى مصرعها.
 
التصفية بالسم
 
في منتصف أبريل/شباط الشهر المشؤوم على قيادات المليشيا الانقلابية في عام 2021، أعلنت المليشيا عن وفاة القيادي الحوثي حسين زيد عقيل بن يحيى العلوي، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا، فيما كان هو أعلن قبل أيام من مصرعه عن تعرضه للتسميم من قبل المليشيا.
 
 
وأعلن حسين زيد العلوي، قبل وفاته على لسان أقرب أصدقائه الدكتور مهيوب الحسام، أنه "تعرض للتسميم، وطلب منه أن يعلن ذلك على لسانه وأنه سيبقي بيته مفتوحا"، بحسب تدوينة للأخير في 6 أبريل/شباط الماضي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر.
 
ينحدر "حسين زيد بن يحيى" من محافظة أبين، وهو أحد أبرز قيادات "حزب الحق"، وشغل منصب نائب وزير "وزارة الشباب والرياضة"، ثم عينته المليشيا محافظا لمحافظة أبين المحررة!!
 
وكان العلوي من القيادات التي تعرضت للإقصاء من قبل المقربين من زعيم المليشيا الانقلابية عبدالملك الحوثي أو ما يسمى "جناح صعدة" الأكثر ارتباطاً بالحرس الثوري الإيراني.

ذات صلة