في تحقيق إستقصائي لـ"منبر المقاومة".. ملايين العمال يدفعون ثمن 6 سنوات من حروب الحوثي على الشعب اليمني - (صور)

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/06/14

خاص - منبر المقاومة - عبدالصمد القاضي: للعمال نصيب مما خلفتهُ المليشيات الحوثية جراء انقلابها على الدولة وجر البلد لحرب كارثية ساد خلالها ثالوث الموت (الحرب _ الجوع _ المرض) فقد الأطفال حق التعليم والموظف فقد راتبه والعامل فقد قوت يومه وما يسد به رمق أسرته، وفي ظل استمرارية حرب المليشيات الحوثية وانتهاكاتها المتتالية، أصبحت شريحة العمال، وعمال الأجر اليومي يواجهون خطرا حقيقيا يهدد معيشتهم اليومية بما في ذلك أطفالهم.
 
عدد كبير جداً من العمال فقدوا أعمالهم ومصدر الدخل اليومي نتيجة الحرب بمحافظات مختلفة ومنهم من تركوا أعمالهم نتيجة للمضايقات والأساليب التعسفية التى تمارسها المليشيات الحوثية بمناطق سيطرتها، حيث أن عددا من العمال تعرضوا لعمليات الاختطاف من مقرات أعمالهم بتلك المناطق. وبحسب احصائيات محلية تؤكد أن الملايين من العمال والموظفين فقدوا وظائفهم بسبب اندلاع الحرب والتي ادت الى اغلاق 95% من إجمالي الشركات العاملة في 6 محافظات يمنية، بحسب تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وأوضح التقرير أن الضرر الجزئي للشركات كان واضحاً في مدينتي عدن وتعز، نتيجة حرب المليشيات الحوثية، مشيراً إلى أن شركات المدينتين تعرضت لدمار واسع، تسبب بتسريح عدد كبير من العمال من وظائفهم، وأفاد التقرير بأن الشركات في محافظات تعز وعدن ومأرب تعرضت لدمار كلي بسبب القصف العشوائي من قبل المليشيات، ويشمل ذلك شركات تجارية، ومحطات الوقود، ومصانع، ومزارع ،متنوعة وحسب الاحصائيات، سرحت الشركات في صنعاء 71 % من عمالها وفي صعدة سرحت الشركات 80% من عمالها، و تعز 72 %، أبين 45%، والشركات في مدينة حجة (شمال غرب اليمن) سرحت 73% من عمالها. خلال السنوات الماضية أدى توقف الأعمال إلى ارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير وتفاقم الوضع المعيشي لدى الكثير من الأسر وانعدم مصدر الدخل اليومي لكثير من أصحاب المهن البسيطة، وبحسب تقارير اممية فإن 21 مليون يمني بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة منهم 9 مليون مصدرهم الرئيسي المساعدات الإنسانية، وقد أدى توقف تلك المساعدات لتهديد حقيقي لهم وبات الموت جوعاً خطرا وشيكا على حياتهم. واضافة لذلك تبين الدراسات أن أغلب من فقدوا أعمالهم كانوا من أصحاب المهن البسيطة أو عمال الطبقة الدنيا، إلى جانب عدد كبير من موظفي القطاع الخاص وعدد آخر من القطاع العام بعد أن سرحتهم المليشيا عن وظائفهم بقرارات فصل ظالمة. ليتجاوز عدد الذين فقدوا أعمالهم اكثر من 4 مليون عامل منذ أن أعلنت المليشيات الحرب ضد الشعب وبحسب التقارير الدولية فإن 72% من عمال اليمن فقدوا أعمالهم، مما سهل على المليشيات الزج بهم في الجبهات أو اجبارهم على الالتحاق بتنظيمات وجماعات إرهابية مقابل لقمة عيشهم، وآخرين يتعرضون للاستغلال بالعمل بأقل أجر يومي لا يغطي الاحتياجات الأساسية لأسرهم. "كل شئ توقف" هكذا يصف الاربعيني أمين محمد الحياة في زمن الحرب، حيث يسابق أشعة الشمس ليحجز مكانا مناسبا على رصيف حراج العمال بحي بير باشة بمدينة تعز بحثاً عن فرصة عمل يومي، يقول لـ "منبر المقاومة": يومياً آتي قبل بزوغ الشمس إلى هذا المكان بحثاً عن فرصة عمل، أي كان نوعها، انا اشتغل اي شي حجر وطين، نجارة، بناء، لكن سوق العمل رديء جداً، مثلاً يوم احصل على عمل وأربعة أيام أمكث على الرصيف لساعات من الفجر حتى قريب الظهر وأرجع الى البيت بأدواتي كما خرجت بها، الحرب أوقفت كل شي، ومليشيات الحوثي تذبحنا من الوريد الى الوريد فلو كانت الطريق مفتوحة بتعز كنا نستطيع نذهب خارج المدينة لنبحث عن عمل بالحوبان ومحيطها. يرافقه بالبحث عن العمل طفله البالغ من العمر عشر سنوات ليسانده ويقف بجانبه لتغطية نفقات أسرتهم، امين محمد و ملايين العمال انقطعت بهم سبل العيش ليرتموا بأرصفة الشوارع بعدما استغنى عنهم أرباب العمل نتيجة تدهور السوق الاستهلاكي لأسباب متعددة خلفتها حرب المليشيات كانقطاع المرتبات والشعور بقلق حيال المستقبل وما يحمله من كوارث. أحمد حيدر أحد تجار مدينة تعز اضطر إلى تسريح عماله، وهو ما فسره، في حديث مع "منبر المقاومة" بأن العمل توقف في مجال صياغة الذهب و محل بيع مواد غذائية بالجملة، "احتفظ الآن بسبعة عمال من أصل 33 عاملا"، وأضاف حيدر: العمل توقف تماما منذ بداية الحرب ، وتضاعف كساد سوق العمال مع استمرارية الحرب، حاولت أن أحتفظ بالعمال وأدفع رواتبهم، لكن لم أتمكن من ذلك، واضطررت إلى تسريحهم مجبرا". يقول المواطن إيهاب محمد، ويعمل في مهنة الحدادة: هذه المهنة الشاقة مصدر دخلي الوحيد لتوفير الاحتياجات اليومية لكن في ظل استمرار الحرب أصبح العمل شبة متوقف وارتفعت الأسعار، لا ندري أين سنذهب مستقبلاً ومن اين سنحصل على قوت اطفالنا فأصحاب الدخل المحدود والعمالة الحرة لا يجدون اي مصدر دخل آخر ومع ارتفاع معدل البطالة أصبحت الحياة المعيشية مزرية جداً أمام غياب حقيقي للدور الحكومي وعجز كلي عن توفير الحلول لتفادي سوء الوضع المعيشي في الحاضر والمستقبل. وللحرب تداعيات متباينة تتضاعف مع استمرار المليشيات بجر البلد الى حروب لا تنتهي ونفق مظلم يخيم على المواطن لسنوات. استاذ علم الاجتماع بجامعة تعز الدكتور ياسر يقول في حديثرلمنبر المقاومة: ما من شك أن عمال الأجر اليومي كانوا اكبر المتضررين من حرب المليشيات التي أوقفت الكثير من الأعمال وحركة الاقتصاد والبناء وكل الأعمال التى تحتاج إلى عمال الأجر اليومي، الذين ليس لهم دخل ثابت بل يعتمدوا على حركة الاقتصاد ونشاطهم اليومي وبسبب تعطل النشاط التجاري تحول الكثير من العمال الى البطالة بالإضافة إلى تدهور العملة الوطنية وارتفاع الأسعار الذي ضاعف من معاناتهم. وبالإضافة إلى انتشار جائحة كورونا أصبح وضعهم صعبا للغاية وباتوا أمام خطر الموت جوعا في منازلهم أو الخروج للبحث عن العمل ويكونوا أكثر عرضة للإصابة بالفيروس. وبسبب حرب المليشيات المستمرة منذ ست سنوات، أصبح أطفال اليمن عرضة للخطر وسلبت الحرب طفولتهم وزجت بهم في أسواق العمل فالبطالة لها تأثير مباشر فحين يفقد رب الأسرة مصدر الدخل يؤثر على جميع أفراد الأسرة بما في ذلك الأطفال الذين يعتبرون أكثر حاجة للتغذية والرعاية ما يدفعهم الى دخول سوق العمل، رغم ما يتعرضون له من مخاطر صحية واجتماعية حيث يعمل الأطفال بمجالات مختلفة كباعة متجولين في الشوارع أو ببسطات صغيرة وهو ما يحرمهم من حقهم في التمتع بالطفولة وتنشئتهم تنشئة سليمة، فيخسرون حاضرهم ومستقبلهم، ناهيك عن الأطفال في المناطق التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي حيث يأخذونهم الى جبهات القتال مقابل مبالغ مالية بسيطة يتعرضون خلالها للقتل أو الاعتقال ليضعهم أمام مشاهد يصعب على الطفولة تخيلها، بالإضافة الى مضاعفات انتشار الأوبئة المختلفة. يقول أحد العمال المقيمين في العاصمة صنعاء أن المليشيات الحوثية تأخذهم بالقوة من جولات الحراج إلى أماكن مختلفة لتنفيذ أعمال بناء أو حفر انفاق أو المشاركة بالجبهات مستغلين الوضع المعيشي السئ وبأقل أجر يومي لا يتجاوز 3000 ريال، فالعشرات من الشباب، احبرتهم المليشيات على الإلتحاق بمعسكراتها الإرهابية. الشاب عمار جميل يقول لـ "منبر المقاومة": ما كنت أتمنى يوما أن أكون في صفوف المليشيات، لكننا وجدنا أنفسنا مجبرين على هذا المسلك، لضمان توفير لقمة عيش لي ولأسرتي. ومع كل الانتهاكات التي تمارسها المليشيات تظل نقابة عمال اليمن مجرد اسم يظهر في مناسبات واعياد عمال العالم ويغيب في كثير من متطلبات العمال وصوتهم الخافت منذ زمن ، ووفقا لفضل العاقل أمين عام نقابة عمال اليمن أن أكثر من مليون موظف ينضمون كل عام الى دائرة العاطلين عن العمل، ومن لم يفقد العمل يتعرض للاستغلال من قبل أرباب العمل بعيدا عن أي دور نقابي تحدد قيمة الأجر اليومي للعاملين في قطاعات مختلفة حسب شكاوي الكثير من العمال. ست سنوات مرت من حرب مليشيات الحوثي على الشعب اليمني أوصلته الى وضع إنساني كارثي، وما يعانيه بشكل حقيقي هو ارتفاع أسعار المواد الغذائية وعجز الحكومة عن ضبطها وتوفير الخدمات الأساسية في مناطق سيطرتها.
 
 

ذات صلة