وقف تسليح الحوثي... الامتحان الأول لـ"اتفاق بكين"

  • توفيق الشنواح | independentarabia
  • 09:19 2023/03/28

مسؤولون أميركيون وسعوديون يؤكدون موافقة طهران على الخطوة كجزء من صفقة إعادة العلاقات
 
ما زالت أصداء اتفاق عودة العلاقات بين السعودية وإيران برعاية الصين تتوالى بالكشف عن موافقة إيران على وقف تسليح الحوثيين المنقلبين على الحكومة الشرعية والإجماع اليمني عام 2014، مما يعزز فرص عودة الهدوء إلى المنطقة.
 
جزء من صفقة العلاقات
 
كشف مسؤولون أميركيون وسعوديون لصحيفة "وول ستريت جورنال"، عن أن "إيران وافقت على وقف إرسال شحنات الأسلحة إلى حلفائها الحوثيين في اليمن"، كجزء من صفقة إعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية.
 
وقال المسؤولون، وفقاً للصحيفة، إنه إذا توقفت طهران عن تسليح الحوثيين "فقد تضغط بذلك على الجماعة للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع".
 
وتعد السعودية وإيران أبرز قوتين إقليميتين في الخليج، وهما على طرفي نقيض في معظم الملفات الإقليمية، وأبرزها الحرب في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفاً عسكرياً داعماً للحكومة المعترف بها دولياً، فضلاً عن دعم اقتصادي وإنساني هو الأكبر بين الشركاء الدوليين، في حين تدعم طهران الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد، أبرزها العاصمة صنعاء، بالسلاح وخبراء المتفجرات.
على محك الالتزام
 
مع إعلان التقارب السعودي - الإيراني ذهبت جميع التحليلات لربطه بمدى انعكاسه على الملف اليمني المثقل بدماء حرب ضروس أشعلها الحوثي منذ ثمانية أعوام، حيث أدرك الجميع أن مفاتيح إنهاء الانقلاب وتحقيق تفاهم موضوعي مع الميليشيات الطائفية تكمن بحقيبة داعميهم في طهران.
 
في رد على المخاوف من عدم التزام النظام الإيراني بالاتفاق الجديد، أضاف المسؤولون "نريد معرفة ما إذا كانت إيران ستتمسك بالصفقة من عدمه، وهذا اختبار لها"، بينما تمضي طهران والرياض في الخطط المحددة في الاتفاق لإعادة فتح سفارتيهما في غضون شهرين.
 
وتزود طهران الحوثيين بالأسلحة المتطورة، إضافة إلى خبراء التفجيرات والصواريخ والطيران المسير، وهو ما تسبب في إطالة أمد الحرب في اليمن، بحسب تقارير لمفتشي الأمم المتحدة الذين تعقبوا مراراً شحنات أسلحة مصادرة في عرض البحر.
 
ماراثون تفاهمات
 
والأربعاء، كشف مسؤول سعودي، وفقاً لـ "وول ستريت جورنال"، النقاب عن المحادثات الدبلوماسية التي جرت بين الرياض وطهران وسبقت إعلان الاتفاق الذي رعته الصين الأسبوع الماضي، لإنهاء قطيعة دامت سبع سنوات بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
 
ووفقاً للمسؤول السعودي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أرست اجتماعات عدة أخرى الأسس لمحادثات الأسبوع الماضي في بكين. وتضمن ذلك تبادل آراء موجزة بين وزيري الخارجية السعودي والإيراني خلال قمة إقليمية في الأردن، أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ثم محادثات بين وزير الخارجية السعودي ونائب الرئيس الإيراني خلال تنصيب الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، وزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى بكين في فبراير (شباط) الماضي.
 
وكانت العلاقات بين البلدين انقطعت عندما هاجم محتجون إيرانيون البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران بعد أن أعدمت المملكة رجل الدين الشيعي نمر النمر.
 
التزامات ملموسة
 
اتفاق بكين ما زال يشكل مفاجأة غير متوقعة، خصوصاً أنه جرى في الصين ذات التأثير المحدود في المنطقة، إذ أوضح المسؤول السعودي أن المحادثات شهدت "خمس جلسات مكثفة للغاية" حول القضايا الشائكة بما في ذلك ملف الحرب في اليمن واستمرار دعم طهران للحوثيين.
 
وقال المسؤول، بحسب ما ذكرت الصحيفة، إن المحادثات أسفرت عن "التزامات ملموسة" في شأن اليمن من دون الكشف عنها، متابعاً أن "إيران هي المورد الرئيس للأسلحة والتدريب والبرامج الدعائية للحوثيين، ونحن الضحية الرئيسة لهذه الصواريخ والطائرات من دون طيار وأشياء أخرى، لذا يمكن لإيران أن تفعل كثيراً وينبغي أن تفعل، وعليها وقف إمداد الحوثيين بالسلاح".
 
لن نتسامح
 
أما في حال عودة التهديدات وانتهاج سياسة دعم الميليشيات الحوثية، فقال المسؤول "نحن نتشارك أيضاً في حدود طويلة مع اليمن، وبالتأكيد لن نتسامح مع أي تهديد لأمننا من أي مكان"، مضيفاً "يمكن لإيران بل ويجب عليها أن تلعب دوراً رئيساً في الترويج لذلك"، وفقاً لما ذكرت "وول ستريت جورنال".
 
وتابع أن محادثات بكين شهدت أيضاً تجديد التزام الجانبين بعدم مهاجمة بعضهما بعضاً في وسائل الإعلام، لكنه أشار إلى أن السعودية ليست من يوجه قناة "إيران إنترناشونال"، وهي قناة باللغة الفارسية مقرها لندن وتعتبرها طهران "منظمة إرهابية" وقد اتهمت السعودية بتمويلها.
 
واستطرد المسؤول "هي ليست وسيلة إعلامية سعودية ولا علاقة لها بالسعودية"، مشيراً إلى أن الخطوة التالية في تنفيذ اتفاق التقارب هي اجتماع بين وزيري الخارجية السعودي والإيراني، لكن لم يتم تحديد موعد لذلك بعد.
 
لغة إيرانية متفائلة
 
عقب عودة العلاقات، علق المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام بقوله إن المنطقة بحاجة إلى عودة العلاقات الطبيعية بين دولها.
 
هذه اللغة يساندها الموقف العام لداعميهم الإيرانيين، ومنها ما جاء على لسان أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، من أن طهران اتفقت مع الرياض على فتح صفحة جديدة بناء على مصالح البلدين والأمن الإقليمي، في حين عبرت الحكومة اليمنية عن ترحيبها باتفاق استئناف العلاقات بين ‎السعودية و‎إيران، واستدركت في بيان لخارجيتها بأنها "مستمرة في التعامل الحذر مع ‎طهران حتى تلمس تغييراً حقيقياً في سلوكها".
 
وعلى رغم انتهاء الهدنة فإن الحكومة اليمنية والتحالف العربي لم يخترقا وقف إطلاق النار، ولم تتوقف رحلات صنعاء، ولا تدفق الوقود إلى الحديدة، بينما ارتكب الحوثيون جملة انتهاكات، بعضها تمثل في هجمات صنفها مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي والخارجية الأميركية بـ"إرهابية"، وهي تلك العمليات التي طاولت موانئ تصدير النفط واستيراده.
 

 

ذات صلة