اغتيال الطبطبائي يعيد لبنان إلى قلب العاصفة

  • عدن، الساحل الغربي:
  • 11:19 2025/11/24

أعاد اغتيال القيادي البارز في حزب الله هيثم علي الطبطبائي المشهد الأمني اللبناني إلى الواجهة، في ضربة إسرائيلية تُعد الأعنف منذ وقف إطلاق النار العام الماضي.. العملية التي استهدفت مبنى في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لم تُسقط مجرد قائد عسكري رفيع، لكنها حملت رسائل تتجاوز البعد الأمني إلى حسابات سياسية وإقليمية ودولية متشابكة.
 
فجر الأحد، نفذت إسرائيل غارة دقيقة على الضاحية الجنوبية، أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 28 آخرين؛ وبعد ساعات أعلن حزب الله رسمياً استشهاد الطبطبائي، واصفاً العملية بأنها "عدوان غادر" استهدف أحد أبرز قادة الحزب.. بدورها تبنت إسرائيل العملية سريعاً، ووصفت الطبطبائي بأنه "القائد الأبرز" داخل المنظومة العسكرية، فيما تحدثت وسائل إعلام عبرية عن كونه "الرجل الثاني" بوزن يوازي منصب رئيس الأركان داخل الحزب.
 
ورغم إعلان حزب الله سابقاً أنه سد معظم الثغرات التي كشفتها الحرب الأخيرة، إلا أن اغتيال الطبطبائي بعث برسالة معاكسة: قدرة إسرائيل على الاختراق لا تزال فاعلة، وربما تعززت؛ المقارنة مع اغتيال القيادي فؤاد شكر في يوليو 2024 تبدو حاضرة، لكن العملية الحالية ـ وفق محللين ـ أكثر إيلاماً نظراً لموقع الرجل ودوره في الإشراف على ملفات عسكرية حساسة.
 
الاغتيال جاء كذلك في توقيت يعمل فيه الحزب على إعادة ترميم بنيته الأمنية والعسكرية وشبكات اتصالاته، ما يجعل العملية ضربة مباشرة لجهود إعادة الهيكلة، وكشفاً لاستمرار ثغرات أمنية رغم إجراءات التشديد.
 
ترجيحات تقول إن طهران قد تتدخل لفرض شخصية من "قوة القدس" لقيادة المرحلة مؤقتاً، كما حدث سابقاً حين قُتل جنرالات إيرانيون إلى جانب حسن نصرالله في الضاحية.
 
إسرائيل ترفع مستوى التأهب.. والحزب في مأزق الرد
 
عقب الاغتيال، رفع الجيش الإسرائيلي مستوى الجهوزية شمالاً، مع تعزيز دفاعات سلاح الجو تحسباً لرد محتمل؛ نتنياهو أكد أن تل أبيب "لن تسمح لحزب الله بإعادة بناء قوته"، في رسالة سياسية–أمنية متكاملة تقول إن إسرائيل ماضية في استراتيجية تفكيك البنية القيادية للحزب.
 
المحللون يرون أن حزب الله يعيش "مأزقاً حقيقياً": الرد يهدد بفتح مواجهة واسعة؛ وعدم الرد يعني استمرار مسلسل الاغتيالات والاستنزاف.
 
إسرائيل تتحدث عن "1200 هدف جاهز للاستهداف"، ما يجعل القرار أكثر حساسية.
 
وبرغم تأثير العملية، يشير المحللون إلى أن الاغتيال لم يغير المشهد جذرياً، وأن الحزب مستمر في ترميم قدراته العسكرية بالتوازي مع التزامه الرسمي بقرارات الدولة اللبنانية.. ويرى آخرون أن الرد -إن حصل- سيكون ضمن سياق أوسع يتعلق بسلسلة الاعتداءات منذ وقف النار وليس رداً منفرداً.
 
خيارات حزب الله المحتملة
 
وفق تقديرات خبراء عسكريين، تشمل الخيارات المتداولة: إطلاق صواريخ على عمق إسرائيل، أو محاولة تسلل نحو موقع عسكري إسرائيلي، أو إشراك الحوثيين في عملية مرتبطة بالطبطبائي، أو تأجيل الرد، وهو خيار مطروح بقوة بسبب الضغوط الإقليمية وتطورات سياسية مرتقبة مثل زيارة البابا للبنان ومسارات التفاوض حول الملف النووي الإيراني.
 
بين طهران وتل أبيب.. أين يقف لبنان؟
 
الآراء تختلف حول دور إيران: فريق يرى أن الحروب في لبنان وفلسطين وإيران منفصلة، وطهران لا تدير ردود الحزب المباشرة، وفريق آخر يعتقد أن لبنان قد يكون "ورقة على طاولة المفاوضات الأميركية–الإيرانية"، متسائلاً عن سبب سقوط هذا العدد من القيادات دون رد مقابل.
 
لبنان على حافة مرحلة حساسة
 
اغتيال هيثم الطبطبائي يضع لبنان أمام اختبار حرج: حزب الله بين ضرورة الرد ومتطلبات تجنب حرب واسعة كارثية، وإسرائيل مصممة على مواصلة سياسة الاغتيالات النوعية في لحظة إقليمية مليئة بالتحولات.
 
وبين هذين المسارين، تبقى الجبهة الشمالية على صفيح ساخن، فيما يترقب الداخل اللبناني والإقليم القرار الذي سيحدد ملامح المرحلة المقبلة — وربما مستقبل الصراع نفسه.

ذات صلة