تاريخ «حيس» التسمية والأعلام والمعالم.. مع عبدالجبار نعمان باجل (لقاء)

  • حيس، الساحل الغربي، رشاد الكامل:
  • 10:12 2020/12/10

الأديب الشاعر والمؤرخ الأستاذ عبدالجبار نعمان باجل، نائب رئيس اتحاد الكتاب والأدباء فرع زبيد، أحد من لهم باع في الشعر والأدب والبحث التاريخي، مع تشعب هذه العلوم.. يمثل لمحبي الأدب والتاريخ مصدراً معرفياً لا يمكن الاستغناء عنه. 
 
له إصدارات أدبية عدة، منها: الشعر الحميني، الريادة والأصول، تأصيل الشعر الحميني، وديوان سفور الحبيب.
 
ومحبة في معرفة غيض من فيض هذا الرجل كان لنا في (الساحل الغربي) معه هذا الحوار الشيق حول تاريخ مدينة حيس في تهامة اليمن.
 
التسمية
 
في إجابته عن تساؤلات (الساحل الغربي) حول تاريخ بناء مدينة حيس، وأصل التسمية، وعن الممالك التي حكمت حيس منذ تأسيسها.. قال باجل، إن تسمية "حيس" نسبة لمؤسسها الأمير حيس بن يريم بن ذو رعين الحميري، والذي كان أحد قادة جيش الملك أسعد الكامل هو وأبوه وجده ذو رعين، والشاهد على ذلك وجود مقبرة ذو رعين في حيس، وكذلك وجود مقبرة ذو رعين في يريم، ما يؤكد صحة نسبها إلى حيس بن يريم، والذي أسسها في العصر الحميري وتحديداً في القرن الرابع، أي في 450.
 
وذكر، أن الموقع الجغرافي المميز لحيس لعب دوراً كبيراً في الجانب الاقتصادي والسياسي للدولة الحميرية، حيث كان يربط بين العاصمة السياسية ظفار ومينائها في موشج والذي أورده المؤرخون باسم الأوشج في كتب عدة لتاريخ الدولة الحميرية.
 
البعثة الكندية
 
وأوضح باجل أن بعثة كندية زارت موقع كيدة التاريخي والذي عثرت فيه على خربشات تاريخية ورسوم توضح حكم الدولة الحميرية والعلاقات الفرعونية اليمنية، وبحسب تأكيد خبراء البعثة فإن الرسوم والخرباشات تعود إلى ما بين 6 آلاف و8 آلاف سنة قبل الميلاد، مما يؤكد على عراقة حيس وتاريخها.
 
وبحسب باجل، خرجت البعثة الكندية بانطباع أن المجتمع اليمني كان متحضراً ولم يكن مجتمعاً بدائياً بحسب الرسوم والخرباشات التي وجدت، حيث أظهرت الرسومات مباني حضارية مكونة من طابقين، وأن المجتمع كان مجتمعاً زراعياً بحسب الرسومات ذاتها.
 
الرسوليون
 
وأشار الأديب والكاتب عبدالجبار نعمان باجل، إلى أن "حيس" حُكمت كذلك من قِبل الدولة الرسولية، مستشهداً على ذلك بجامع حيس الكبير، والذي يعتبر من المعالم التاريخية والأثرية، والذي بناه الملك المظفر في تاريخ 682 هجرية، ويطلق عليه اسم الجامع المظفري، وبُني على نمط جامع المظفر بتعز والذي ما زال موجوداً وشهاداً على ذلك، وكان في عهد الدولة الرسولية يطلق على المنطقة الواقعة بين موزع وحيس بالجهة "الحيسية" نسبة لحيس، كذلك لعبت دور الرابط بين عاصمة الدولة الرسولية بتعز وزبيد كونها تقع في الوسط، وكانت الرابط بينهما وهمزة الوصل.
 
وكذلك القلعة التاريخية التي ما زالت أطلالها في شرق جامع حيس والتي اتخذ منها أمير الجهة الحيسية حصناً لصد هجمات الأعداء والغزاة. وكانت محطة العبور لقوافل التجارة واستراحة المسافرين، وكانت أيضاً مركزاً لتجمع الجند ومدرسة دينية تخرج منها عدد من العلماء والكُتاب.
 
وقال باجل: في المرتفعات الجنوبية يوجد جبل البراشا الذي يقع فيه "دار الكافر" والذي ما زال يحير المؤرخين وعلماء الآثار، ويرجح أنه منطقة السويهرة كانت عاصمة دولة السهرة التي حكمت من المخا إلى جازان في الحجاز.
 
العثمانيون
 
وأكد أن الإمبراطورية العثمانية كذلك حكمت حيس؛ لموقعها الجغرافي الرابط بين المرتفعات الجبلية والساحل، والتي كانت تعتبر مركز الدفاع الأول ضد هجمات الغزاة والمحتلين من البحر وطريق مرور القوافل التجارية من المخا إلى كافة مدن اليمن وقراها، حيث أعادت بناء قلعة حيس التي كانت قد تأثرت بعوامل الزمن، فقامت بإعادة بنائها على نفس الأساسات، وبنفس الشكل الهندسي، وجعلتها مقراً لحاكم حيس ومجمعاً للجند وبيت المال وداراً للعمل، وكانت تعتبر بمثابة المجمع الحكومي لها لجمع الضرائب، وكذلك مدرسة لطلاب العلم والتي للأسف أصبحت أثراً بعد عين ولم يبق منها إلا الطين.
 
معالم
 
وعن المعالم الأثرية بحيس، أوضح باجل، أن من أهم المعلم الأثرية والتاريخية بحيس، ما ذكرنا سابقاً "جامع المظفري"، والذي شيده الأمير مبارك بن برطاس الكردي في عهد الملك المظفر. كان الجامع يجمع بين وظيفتين: الأولى، مدرسة للعلم والتي كانت تدعى خانقة. والثانية، جامع لأداء الصلاة، من أبرز من درس في هذا الجامع العلامة أبوبكر العزاف حفيد رئيس وزراء دولة بني رسول في عهد الملك المفضل  وقرار التعيين موجود في "مجهول اليمن" والذي حققه الأديب عبدالله الحبشي، والعلامة الفقيه أبوبكر بن الشيخ بن أحمد ركيز. أيضاً مسجد النور في قرية الرون والذي أسسه مؤسس الدولة الرسولية نور الدين بن رسول، والذي ما زال قائماً إلى اليوم.
 
تاريخ نضالي
 
وتابع: في عهد الدولة المهدية حصلت الكثير من الأحداث والتي أشار إليها المؤرخ أحمد بن حسين النعمي في كتابه المسمى "حواليات النعمي" والذي حققه الدكتور العمري، ذكر ما كان يتعرض له الجيش المهدي.. وكذا القتل والتشريد الذي كان بسبب الخسائر التي يتعرض لها الجيش، وقام بتوقيع معاهدات واتفاقات بعدم غزو حيس مرة أخرى، وانسحب من المعارك بسبب الخسائر، مما يؤكد تاريخ حيس النضالي ضد الاضطهاد، كما هي اليوم تؤكد رفضها المليشيات الإمامية وصمودها في وجه صلفها ورفضها الاستسلام، وهذ دليل تاريخي لمدينة حيس التاريخية.
 
علماء
 
ومن أبرز علماء حيس -بحسب باجل- هم: علي بن علي أبي بكر الزيلعي صاحب مخطوطة "الجواهر البهية في مدح خير البرية" والمخطوطة موجودة في جامعة لندن، والفقيه العلامة أبوبكر إبراهيم الحكاك، ينحدر من قرية الحمينية والذي ينسب إليه الشعر الحميني، وهذ ما أثبتنا في كتاب الريادة والأصول، وله ديوان شعر فصيح وديوان شعر حميني نتشرف باحتفاظنا بنسخة منه، وسنقوم بنشرها بعد استكمال تحقيقها.
 
مناشدة
 
وجه الأستاذ عبدالجبار باجل مناشدة إلى الجهات المعنية والمنظمات العاملة في مجال حماية  التراث والتاريخ لحماية ما تبقى من منازل تاريخية وأثرية، ومعالم في مدينة حيس والحفاظ عليها.

ذات صلة