حكايات مصورة- ليل المكلا "استثنائي" بين الكورنيش والخور و.. "صوت الدان.. يا سُمَّار"

  • المكلا- حضرموت، الساحل الغربي، نبيلة العبسي:
  • 10:13 2022/08/11

"ويا سُمار ما يحلا السمر إلا بصوت الدان .. يا سمار".
ليل المكلا عكس نهارها الهادئ، ليل صاخب، زحمة أضواء، ونسيم عليل..
من قبل المغرب يبدأ النشاط والحركة وكأن حركة الناس مقترنة بقرب غياب الشمس حين تخف شدة الحرارة وتهل عليهم نسمات ليالي الصيف لتعانق أرواحهم قبل أجسادهم.
 
المكلا خاصة وحضرموت عامة لا تجد فيها متعاطين للقات جهاراً، يفضل أهلها المقاهي القديمة وأكثر روادها من كبار السن، يجتمعون حول أكواب الشاي وبعض الألعاب الشعبية بحميمية تتمنى أن تكون معهم لتسمع قصصهم.. ترى على وجوههم أثر السنين ومع ذلك ترى الطيبة في عيونهم، ومبادرون لتقديم العون إذا ما طلبها غريب منهم، وللشباب أيضاً تجمعاتهم الخاصة وبالذات حول طاولة البلياردو.
 
يهرب الناس من انقطاع الكهرباء الطويل إلى كورنيش الستين وإلى الخور، تزدحم المولات والشوارع والمطاعم..
 
 
نبحث عن مطعم مناسب في وسط المدينة نتفاجأ بقوانين صارمة أن قسم العائلات لا يُفتح إلا من بعد صلاة المغرب وكان حضورنا قبل ذلك ولم تنفع نظراتنا البريئة في إقناعهم بأن يتم فتحه لأننا زوار ولم نكن نعلم بخصوص قوانينهم، ورغم توسط أحد الموظفين لنا عند الحارس إلا أنه رفض أن يخالف القانون الخاص بهم.
 
ونضطر للانتظار والجوع لا يرحم لدرجة أني بدأت بكتابة قصة في رأسي بعنوان "جائعون" وفجأة تعاطف معنا الحارس وأدخلنا قبل الوقت، كأنه قرأ تفاصيل الحكاية في رأسي ونيتي في جعله تلك الشخصية الشريرة التي أحاول الانتقام منها.
 
طلبنا "مضغوط" وهو عبارة عن رز ولحم وكان شهياً لدرجة إقناعنا بزيارة المطعم مرات عدة لنجرب أطباقهم الشعبية.
 
 
معرفة تلك التفاصيل تجعل الزائر أكثر قدرة على التخطيط ليومه فبدلاً من الانتظار وتناول الطعام في المطعم بإمكانه الشراء والذهاب لتناوله على الشاطئ وخوض تجارب مختلفة.
 
بعد الأكل هناك خياران: أن نذهب لقضاء المساء وساعاته على خور المكلا، أو نذهب لكورنيش الستين، وهو خيار أوسع لمن أراد الخصوصية والبعد عن عيون الفضوليين.
المجتمع الحضرمي مجتمع محافظ جداً، لذا على الزائر تجنب التصوير العشوائي واحترام خصوصياته، وأيضاً قبل التصوير عليه أن يتأكد من أنه لا توجد لافتات تحذيرية عليها عبارة "ممنوع التصوير" وهذا ليس سهلاً، فسحر البحر قد يفصل الزائر عن بقية التفاصيل وحتى إن كانت واضحة كوضوح الشمس فيقع في المحظور.
 
 
السهر في خور المكلا والتجول حوله يتركك للتعجب كيف تم تهذيبه ليشق المدينة نصفين فيصبح معلما سياحيا وكأنه نهر؟!
 
يتدفق إليه ماء البحر العربي عوضاً عما كان عليه في السابق، فقد كان مكاناً تتجمع فيه السيول أوقات الأمطار أو مخلفات الصرف الصحي وتم إنشاء جسر بحري للسيارات بطول 200 متر وعرض 20 مترًا، يربط المكلا القديمة بمنطقة الشرج وفوه. وأيضاً عمل مراسي للقوارب على الجوانب بحيث يكون متنزهاً للناس الذين يحبون ركوب القوارب، وتم افتتاح المشروع عام 2005م بمناسبة الاحتفال بعيد الوحدة.
 
وتتوزع على ضفتي الخور مقاهٍ شعبية صغيرة يقدَّم فيها الشاي الحضرمي الفريد، وبعض الأكلات الشعبية.
 
 
وعلى جانبيه أيضاً الفنادق والمطاعم الحديثة التي تنعكس أضواؤها عليه كأنه لوحة جمالية، تغريك بالبقاء طويلاً كحسناء أسدلت شعرها الأسود وزينته بشرائط ذهبية وفضية فتقع في غرام الفتاة الشرقية؛ تشرع في نسج قصائد وردية عنها تعلم أنها ربما لن تفيدك بإقناعها بحبك ولكن ستخلد حبها في قلبك للأبد.
 
 

ذات صلة