ليس من السياسة

12:00 2020/08/31

أي حزب، أي تيار، أي مقاومة، أي جماعة، أي جني حتى في هذا الوقت.. يريد البقاء وحيدا، يعمل أو يحكم بمفرده، ويقصي الآخرين، فليعتبر أنه قد كتب شهاده فشله.. أنا وحدي ممثل الخلق، ممثل الشعب، ممثل الشمال، ممثل الجنوب، ممثل تهامة، ممثل تعز.. وأنا فقط وليس أحد غيري، مصلحتي أنا وانتهى الأمر.. من يرفع لافتات مثل هذه معتدا بما بين يديه اليوم، خاسر لا محالة بعد قليل من الوقت أو كثير.
 
ما الذي يجعل بعض الفئات المذكورة تشعر أنها في غنى عن الآخرين، أو أنهم أعداء لها..؟ هذا ليس من السياسة في شيء، ولا في دنيا تحكمها السياسة، والحوار، والمشاركة لتحقيق مصلحة عامة، أو تبادل منافع.. ينبغي أن يدرك كل واحد ممن ذكرنا أن سياسته هذه مصدر متاعبه.. ينبغي أن يدرك أن القوى الأخرى التي يستبعدها او يتعالى عليها، سوف يكون ردها التلقائي والطبيعي أيضا هو العمل ليلا ونهارا ضده، بسبب موقفه الانعزالي والاقصائي. ما يقوم به حزب الإصلاح في تعز من طغيان وانتهاك حقوق الإنسان، والاقدام على ارتكاب جرائم سياسية وجنائية واقصاء واستبعاد، سوف يحصد ثمرته المرة غدا، ولن يخفف مراراته أنه يفعل ذلك باسم الرئيس هادي والشرعية، لأن الناس يعرفون انه يتخذ من الرئيس والشرعية غطاء لإضفاء شرعية على سلوك غير شرعي ولا مشروع. الموقف الانعزالي للمجلس الانتقالي من الجمهورية اليمنية، جعل الشرعية ومعظم التيارات الجنوبية تهاجمه هجوما مكشوفا غير مسبوق، يأخذ من شعبيته، ويضعفه، وبمرور الوقت قد تعزله هذه التيارات وتخاصمه أيضا.. حكاية أني أنا جنوبي وهذا شمالي، والأحزاب في الجنوب شمالية، والشرعية شمالية، وأنا وحدي ممثل الجنوب، لا علاقة لها بالسياسة والمشاركة والتضامن والتعايش. بعض رجال المقاومة التهامية النزقين حاولوا محاكاة الحراك الجنوبي المتطرف أو الانفصالي، وعادوا شركاءهم، وتنقلوا من حضن إلى حضن ليعززوا مكانتهم، فحصدوا الخيبة، بسبب قلة حظهم من السياسة، ولم يفطنوا أن الأحضان التي تنقلوا بينها تميل إلى قيم التشارك الوطني وحماية النسيج الاجتماعي للشعب اليمني. هل من السياسة في شيء أن ترفض كل ما عداك، وتكابر على واقع أصبحت فيه الجماعة الحوثية صاحبة كلمة، بينما هي تعادي الجميع.. تعادي الاشتراكي والمؤتمري والاصلاحي والناصري والبعثي والاخواني والسلفي، وتصنفهم في الوقت الحالي صنفين: صنف تطلق عليه وصف مرتزقة عدون، وصنف تبع، وكلاهما يجب أن يكون دافع خمس لآل البيت، وليس دافع ضرائب لخزينة الدولة.
 
*(المقالات التي تنشر تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع)