بين وهم القوة وحتمية السقوط.. الحوثي يُجمّل الخرائط ويُطفئ الكاميرات كي لا يرى نهايته

- خاص - الساحل الغربي
- 09:13 2025/04/17
لا شيء يفضح الزيف كصاروخ يهوي على معسكر أو مصنع أسلحة مموّه بشعارات مدنية، ولا شيء يكشف العجز كغارة تُدمي قلب العاصمة بينما أبواق الحوثيين تمطر كذباً بشعارات الصمود.. ففي اللحظة التي كانت فيها الجماعة تعزف على وتر "الجاهزية الأمنية" جاءت الغارات الأميركية لا لتدمر مواقع عسكرية فحسب، بل لتهدم معها آخر ما تبقى من قناع القوة المزيفة، وتكشف هشاشة المشروع من صنعاء إلى طهران، وتُبرز وهم السيادة المزعومة التي تدار من إيران.
أكثر من عشرين ضربة دقيقة دكّت معسكر الحفا ونقم والكلية الحربية والخرافي، فأسقطت السردية الحوثية وخلخلت حتى منابرهم، إذ لم يسعف الوقت خُطباء الجماعة لاختراع رواية مُفبركة؛ ارتبك إعلامهم وبدأ بإعادة رسم خرائط صنعاء، مدّعياً أن الحفا في السبعين، وأن النهدين حيٌّ مدني! وكأن الجغرافيا تُحرّف كما حرّفوا التاريخ والدين والمعنى.
فجأة، تحوّل الرد العسكري على عبثهم المتصاعد إلى "عدوان" في خطاب جماعة نصبت ثكناتها وسط الأحياء، وخزّنت السلاح تحت الوسائد، ثم صرخت: "استهدفونا في منازلنا!"
وفي محاولة لتكميم العيون لا الأفواه فقط، سارعت وزارة القمع – المسماة زوراً بالداخلية – إلى إصدار قرار يمنع ربط كاميرات المراقبة بالإنترنت؛ ليس حرصاً على الأمن كما تزعم، بل خوفاً من الصورة ومن الدليل الذي يفضح انتهاكاتهم وجرائمهم أكثر مما تفعل الغارات، ويوثّق لحظة سقوطهم حين تحين.. إنها توصية مباشرة من الحرس الثوري الإيراني - خبراء فتح المقابر تحت البيوت - في مشهد يُشبه دفن الحقيقة قبل أن تنطق بها العدسات.
الضربات لم تُسقط الثكنات فقط، بل زلزلت أركان الكهنوت وهشّمت جدران الوهم التي احتمى بها طويلاً، من الحاكم المختبئ في سردابه إلى المهرج الإعلامي المتلعثم الذي عجز عن لملمة كذبته.. تهاوت سردية "الممانعة" وتبعثرت أوراقهم كأوراق التوت عن مشروع لا يملك من القوة سوى ادعائها؛ لم تعد الجماعة قادرة على الاختباء خلف شعاراتها، فالتبعية لإيران برزت عارية والهشاشة تفوقت على الجهوزية المزعومة؛ عالقون بين كذبة "العدوان" وحقيقة "السقوط" جماعة مهووسة بالسلطة مذعورة من الحقيقة، ومرعوبة من الكاميرا أكثر من رعبها من ضحايا الغارة.
الحوثي لا يحكم من قصر جمهوري بل من خندق وهميٍ محاطٍ بالخرافة والدجل والكذب الممنهج، يعيق الحقيقة بتضليل الصورة وتعطيل الإنترنت.. لكنه اليوم بات محاصراً، ليس بالضربات وحدها بل بنظرات الناس التي لم تعد تصدق أكاذيبهم لتنتظر ساعة الخلاص؛ بات محاصراً بالخرائط التي لم تعد تنفع في تزييف نهايتهم، بشعب استيقظ من سُباته، وبمدينة ترفض أن تُختصر في نشرة أخبار مؤدلجة أو منشور طائفي.
إنه وقت سقوط الأقنعة، حيث تُفضح طهران لا من واشنطن فقط، بل من شرفة جائع في صنعاء، يحدّق في السماء... وينتظر ما بعد الكذبة، وما بعد الجماعة.