عذر أقبح من ذنب

10:12 2025/10/24

كنتُ في شكٍّ من ضلوع المؤسسة العامة للأسمنت في هذه الجريمة بحق نفسها وبحق المستهلك، وتوقفتُ عن أي كتابة حول القضية حتى يتبيّن الأمر، لكن البيان الأخير أكّد المؤكّد.

فالتناقض الصارخ في بيان المؤسسة العامة للأسمنت يثير أسئلة مشروعة حول مفهوم “حماية المستهلك” الذي ترفعه شعارًا بينما تمارس ما يناقضه تمامًا.
إن استيراد مادة أسمنت من الخارج وتعبئتها في أكياس تحمل اسم شركة وطنية هو غش تجاري وخداع للمستهلك، مهما كانت المبررات. فالمصداقية لا تُقاس بالمواصفات الفنية وحدها، بل بالشفافية واحترام وعي المواطن.

وإذا كانت المؤسسة حريصة فعلًا على المستهلك، فلتعلن بوضوح أن المنتج مستورد، وتكتب على العبوة: “تم استيراده تحت إشراف المؤسسة العامة للأسمنت وبجودة مطابقة للمواصفات الوطنية”. أمّا استخدام عبوات وطنية لتسويق منتج أجنبي فهو تضليل متعمد وفقدان لأبسط معايير الأمانة المهنية.

البيان الصادر لا يبرر الفعل، بل يؤكد وقوعه. ومحاولة تحويل الأنظار بالحديث عن “استهداف المؤسسة” لا تلغي الحقيقة الجوهرية: أن المؤسسة هي من استهدفت سمعتها ومصداقيتها بيدها.

ليس العيب أن تستورد لتغطية النقص في السوق، فهذا إجراء اقتصادي مفهوم،
لكن العيب أن تستورد وتخفي الحقيقة عن المواطن.
فالشفافية هي أساس الثقة، والغش مهما تزيّن بالمبررات سيظل غشًّا، ومهما تغيّر الخطاب تبقى الحقيقة واحدة: الثقة لا تُشترى، بل تُبنى بالصدق فقط.