"عاصفة الحزم" بين مسار التنمية وفرص المصالحة

10:36 2021/03/26

تحل علينا الذكرى السادسة  لانطلاق عاصفة الحزم بقيادة المملكة وبمشاركة دول التحالف العربي، والتي جاءت كنتيجة حتمية وضرورية لما فرضته الأحداث والمتغيرات السياسية المتسارعة بأبعادها ودوافعها على المستويين الدولي والإقليمي والعالمي.
 
لعل ما يمكن قراءته هنا خلال ما تمخض من أحداث طوال السنوات الست الماضية، وبعيداً عن المشهد العسكري القائم، نستطيع القول ومن زاوية اقتصادية وتنموية، فقد كان للمملكة العربية السعودية دور محوري وهام في التعاطي مع مختلف الأحداث والمواقف كدولة حافظت على كل الروابط الأخوية التي تجمعها تاريخياً واجتماعياً وجغرافياً مع جارتها اليمن وعلى مستوى كافة الأجندة المحلية والدولية والإقليمية والعالمية.
 
من أبرز المحطات التي يجب التوقف عندها وقراءتها في هذا السياق تتلخص في حقيقة انتقال المملكة السعودية من مسار الإغارة والإغاثة إلى مسار الإعمار والتنمية، وهو البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في عام 2018م، وذلك بهدف توحيد الجهود التنموية وتكاملها لرفع كفاءة وفعالية المنح والمشاريع التي تقدمها المملكة لليمن ضمن منظومة التعاون الإنمائي الدولي، ومساعدة الحكومة اليمنية على تحقيق التعافي الاقتصادي والازدهار الاجتماعي والمضي قدماً بالتنمية الشاملة.
 
ورغم المنعطفات الخطيرة والتحديات التي واجهتها المملكة العربية السعودية، إلا أنها أثبتت حضورها ورسخت مواقفها الإنسانية بالتوازي مع مجريات الحرب القائمة لتؤكد من خلال ما قدمته من دعم ومساعدة ضمن برنامج تنمية وإعمار اليمن كمبادرة ذاتية غير مفروضة وذلك من أجل المساهمة في تطوير البنية التحتية وتحسين النفاذ إلى الخدمات الأساسية وتوفير فرص العمل للمواطن اليمني.
 
لم تكتف المملكة في تقديم ما أطلقته من دعم وتمويل وتنفيذ لمئات المشاريع الخدمية والتنموية، بل سعت إلى حشد وبناء الشراكات الوطنية والإقليمية والدولية والبحث عن شركاء إقليميين ودوليين من خلال عقد اللقاءات والاجتماعات لإيجاد التمويلات التي تساهم في معالجة التحديات التنموية التي يواجهها اليمن القائمة على مقتضيات تمكين اليمن من الانتقال من مرحلة الإغاثة والمعونة إلى مسار التنمية المستدامة، وذلك بالتوازي مع جهود الملكة في بناء قدرات الحكومة اليمنية والسلطات المحلية والمؤسسات المجتمعية على نحو فعال ومستدام، والتي من شأنها حشد الجهود وتكاملها من أجل التنمية والإعمار في جميع المحافظات اليمنية.
 
ما يمكن إضافته من  الرؤى والاستراتيجيات الشاملة في إطار الجهود المبذولة تتجسد في دور السفير السعودي محمد ال جابر في السعي المتواصل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية بين كافة القوى اليمنية في الداخل والخارج، وآخر تلك الجهود تمثلت في الإعلان مؤخرا عن المبادرة المقدمة والتي حظيت بتأييد واسع من قبل كافة الدول العربية والإقليمية والعالمية، وهذه المبادرة التي وضعت النقاط على الحروف تعد خطوة استراتيجية في سبيل تحديد ووضع متطلبات المرحلة الراهنة من أجل تعزيز جهود المصالحة والوصول إلى حل شامل ومستدام.
 
هذه الخطوات والمسارات المتقدمة التي تحسب تاريخياً لصالح شقيقة اليمن الكبرى تؤكد للمجتمع اليمني على وجه الخصوص بأن المملكة أبلت بلاءً حسناً، وما زالت، من أجل وحدة واستقرار اليمن والنهوض به اقتصادياً ليتمكّن من الخروج من دائرة الصراع ويتدرّج من مجموعة الدول الأقل نموًّا إلى رحاب التنمية والإعمار والسلام، وهي فرصة كبيرة يجب على كافة الأطراف اليمنية أن تستغلها وأن تعمل من أجل تحقيقها والاستفادة من ما تقدمه المملكة من جهود مضنية ومساهمة فعالة وصولاً إلى تحقيق المزيد من التسويات السياسية وإيقاف الحرب والمصالحة وفقاً لاستراتيجية التعافي وإعادة الإعمار والاستقرار الشامل.