التشكيلي اليمني رشاد اسماعيل و دروب الجوع و الضياع

  • صنعاء، الساحل الغربي، محمد عبدالقوي:
  • 04:02 2021/05/03

الفنان التشكيلي اليمني رشاد اسماعيل، مدرسة لونية خاصة، يعد من كبار الفنانين التشكيليين في اليمن، صاحب بصمة خاصة، أقامَ العديد من المعارض الدولية.
 
يعرفه كبار المثقفين العرب، و كان صديقاً مقربا من وزير الثقافة المصري، حتى أنه عندما زار اليمن في صنعاء عاصمة الثقافة كان أول سؤال له " أين صديقي رشاد إسماعيل ؟ " و تأمل حينها كثيرا للحالة المأساوية التي وصل إليها صديقه الفنان التشكيلي في بعد يأكل أبناءه ... 
 
يقول عنه الفنان التشكيلي طلال النجار : رشاد إسماعيل الفنان الذي طحنه الفن ولم يطحن الفن لا بيت لا زوجة لا أطفال ولا CV يبهر من يقرأه بعد قطع الرواتب ربما يعيش على وجبة واحدة في اليوم لكنه أبدع فناً راقياً يجعل كل الفنانين الكبار منهم والصغار ينحنون له رافعين القبعات إحتراماً وتبجيلاً لفنه الخالد.
 
و يقول عنه مفيد نعمان : رشاد يكتب تاريخنا.. أحلامنا.. وشوشات الليل و الصباحات بالفرشاة و الألوان، الآن نكتبه غضبا من حكومة قذفت به تحت قضبان قطار الجوع و بين أضراس الحاجة المميتة . 
 
هذا الرجل كان مدرسة إبداع فصار شبحاً من ركام و حطام . 
 
الفنان رشاد اسماعيل يعاني أكثر من أي وقت مضى و لعل الصورة ستكون اوضح عند قراءة ما كتبه الكاتب عمران الحمادي عنه :
 
يظهر في الصورة التي إلتقطها الفنان عبد الرحمن الغابري الفنان التشكيلي والإنسان النبيل رشاد إسماعيل والذي أصبح اليوم في حالة يرثى لها نتيجة الإهمال والتقصير من قبل المعنيين تجاه الأزمة التي يعيشها رشاد .
 
يأتي شبه يومياً إلى مقهى مدهش فيأخذ كأس الشاي الذي في الغالب يسجله المالك على حسابه حتى يأتي نصف الراتب فيقوم بسداده عندما تحين الفرصة.
ثم يقعد مبتسماً ومرحباً بمن يعرفه ومطلع على بعض تفاصيلة .
 
 
من لايعرف رشاد يظنه مجنوناً أو مصاباً في نوع من الأمراض النفسية، والحقيقة أن رشاد إنساناً وشخصاً عزيزاً يرفض المال من أي أحد وإن أخذ القليل منها فلا يأخذها إلا ديناً يدونه مع تاريخ اليوم في دفتره الذي يحمله داخل كيس عادي إتخذ منه حقيبة له.
 
"أريد أن أنتقل من حياتي هذه"
 
لا زلت أتذكر في إحدى الأيام التي جلست فيها معه وهو يتحدث لي بعدما سألته عن رسوماته وعن نيته في العودة لحياة الرسم من جديد بعض الكلمات الدالة على مدى الألم الذي يعيشه رشاد.
 
هاهو يظهر في صورة شبابية تقابلها صورة موجعة معبرة عن وجع اليمني بالكامل .
 
قد أكون مجازفاً بالقول إن قلت بأنه تم خذلان هذه الريشة وإهمالها من قبل المثقفين والنقابات ذات الصلة ولكن وضع رشاد الكارثي يستدعي وقفة عقل جادة.
 
فلماذا ترك لبؤسه من دون الحصول على أبسط الحقوق .
 
يقف الفنان الإنسان لساعات داخل حوش وزارة الثقافة بشكل شبه يومي حتى مغادرة الجميع ومن ثم يذهب لشراء وريقات القات.
 
أذكر قبل أيام سألني المقوتي في الشارع عن رواتب موظفي وزارة الثقافة و عن راتب ... ؟ وبعد سؤاله أكد لي عن وفاء رشاد معه . 
وهذه سيرته على لسان من يعرفونه فلماذا خذل رشاد و ترك للإهمال ؟ 
 
تظهر في صورته الحديثة طعنات الحياة القاسية و لكنه يقاوم بكل معاني الإصرار حاملا الكثير من القيم النبيلة حتى اللحظة و هذا ما يفتقر إليه الكثير من بعض الفنانين اللاهثين وراء المال والشهرة من خلال رسوماتهم لبعض الشخصيات العفنة . 
 
ها هو رشاد و في كل ما حدث له يصر على البقاء في ظل جغرافية قاسية أهلتكه، و هاهي لوحاته باقية و فيها الكثير من الجمال و الحياة .

ذات صلة