أطفال في عمر الزهور أفقدتهم المليشيات الحوثية معنى الحياة - "تحقيق مصور"

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/05/28

خاص / منبر المقاومة - عبدالصمد القاضي: تتسع رقعة المعاناة والمأساة في تعز ، مع استمرار المليشيات الحوثية استهداف أبناء المدينة، فلا صوت يعلو فوق صوت الوجع المنبثق من جراح الضحايا، معاناة جعلت أهل المدينة ينامون في أحضان الجراح، وأسر لم تتمكن من العودة إلى منازلها المحاصرة بالمدافع والالغام وضحايا تحصدهم أدوات الحوثي الأجرامية، ومهجرين لا يجدون مأوى لهم، إنه مشهد يلخص واقعا مرا ومؤلما للغاية.
 
أما انتهاكات الطفولة في تعز فقصة معاناة أخرى مع جرائم المليشيات الحوثية، بدأت بكلمات تكسر القلب " لا تقبروناش " ولم تنتهي برحيل هادئ للكثير من أطفال المدينة. مروان طارش السامعي يروى لـ "منبر المقاومة" تفاصيل مجزرة المليشيات التى استهدفت ثلاثة من أطفاله بقذيفة غادرة سقطت على منزله شرق المدينة، بكثير من جراح الماضي يقول: ليس لي ثروة في الحياة سوى أطفالي، ولم نحلم بأكثر من حياة كحياة البسطاء، لكن المليشيات دمرت منزلي بالقذائف ونجونا من موت محقق، خسرنا مصدر دخلنا، ضاق بنا الحال من كل جانب، ونتيجة لصعوبة الحال وتردي الأوضاع المعيشية اجبرتنا الحياة أن نسكن في منزل شرق المدينة بمديرية صالة اقرب ما يمكن للمليشيات ولم ندرك أننا سندفع ثمن ذلك ارواح أطفالنا. حل القدر المشؤوم يوم الجمعة (13 سبتمبر من العام الماضي) في الساعات الأولى صباحاً سمعت صفير قذيفة هاون لأفقد كل قدراتي على الحركة حين ايقنت أنها بجوار منزلي مع دوي صراخ طفلي معتصم الذي مازال يوقظني في كل ليلة وأشلاء تميم وسما تأخذني لساعات وتعرج بروحي إليهم في كل وقت وحين، تلك الفاجعة نزعت خيوط روحي عن جسدي، وبقيت بعد ذلك جسدا بلا روح، رجلا بلا هوية، بدون تميم وسما اخذتني الفاجعة بغير إرادتي، كنت أتخبط بين دخان القذيفة وغبار الارض باحثاً عنهم أتحسس أصواتهم أو انينهم، ويا وجعي حين تلملم أشلاء أطفالك بيديك، نظرت الى تميم وسما النظرة الأولى وظننت أنهم نيام لكن صوت خافت كان يقول ايقظهم، ليعودوا إليك حاولت ذلك لكنهم فارقوني وأظلمت الحياة بوجهي، التفت يميناً وأرى معتصم قد تمزقت أحشاء بطنه وجسده، أسرعت إليه وكانت اصابته بالغة والحياة ما زالت تدب في عروقه اسعفناهم الثلاثة لكن سماء وتميم تركونا بين مخالب الحزن للابد. طفلتي سما لم تتجاوز الرابعة من عمرها، وتميم لم يبلغ الثالثة بعد، كانوا يلعبون معاً برفقة اخوهم معتصم أكبرهم عمراً أمام المنزل، لتسقط تلك القذيفة التي أطلقتها المليشيات الحوثية وتبعثر أشلائهم وأحلامهم البريئة، ياحسرتي على أطفالي وأحلامهم التى ما زالت تساورهم، صوتهم يهتز في سمعي ويكبر أمام عيني كروح بلا جسد، أتذكر تميم يقول لي حين أكبر سأوقف الحرب وأنتقم لكل الأطفال الذين قتلتهم القذائف وأبني لنا منزلا اكبر من الذي دمره الحوثيين، وحين يكمل حديثه تباشر سما بالقول: أما إني سأعالج كل الجرحى وأنقذ حياتهم، ومعتصم شارد تائه في أحلامهم، كل ذلك توقف بفعل القذيفة الحوثية القاتلة، كمن يحاور نفسه يواصل الحديث بتساول: كيف ستواجه الحياة حين تجمع أشلاء اطفالك بيدك؟ يذهبون ويتركون لنا قليل من أحلامهم وكثير من المعاناة. الطفل معتصم مروان استطاع أن ينجوا من الموت بأعجوبة، قتل اخويه أمام عينيه ليظل في العناية المركزه وحيداً متخبطا بين الزوايا وأسرت المرضى باحثاً عن إخوانه يواصل والده بالقول: حين أفاق معتصم من غيبوبته متسائلاً عن مكان إخوانه، لم نستطع أن نثبت له أنهم مازالوا على قيد الحياة أو نخبره بالحقيقة. معتصم ورث من اخويه حلم ثقيل يصعب أن يحققه لهم في وطن سلبت المليشيات كل الاحلام منه حتى الحلم بالوطن اضحى مستحيلاً في زمن الكهنوت الحوثي حسب تعبير والد الأطفال الثلاثة. فقد الطفل معتصم أطرافه الاثنين ليتحول إلى كومة جسد عاجز عن أي تحرك، فقد حاضرة ومستقبله معاً. حتى براءته الطفولية كسرتها المليشيات الحوثية. تقول والدته: أكثر ما يبكيني حين يقول معتصم: كيف أعيش بدون اخواني؟ ثم يقول بحرقة طفولية: الحوثيين قتلوا اخواني، كأنه يعيد سجل الماضي الأليم ومعه كل تفاصيل الوجع والذكريات المريرية. تواصل أم معتصم: يظل معتصم شاردا معظم وقته والصراخ لا يفارقه أثناء النوم ما زالت الفاجعة تسيطر على مخيلته الصغيرة الممتلئة بهموم رجل ستيني أو أكبر من ذلك. أسرة مروان طارش نموذج من نماذج الإجرام مليشيات الحوثي التي تخوض حرب ابادة بحق الكثير من الأسر اليمنية بمختلف المناطق، فمنهم من فقدوا أسرا بكاملها وبعضهم فقدوا أفرادا من أسرهمو اثر قذيفة أو لغم أو قناص حوثي.
 
 

ذات صلة