يحدثنا طه فارع مدرس "المسراخ": قتل الحوثيون زوجتي وطفلي وأخي واحتجزوا الجثث وشردوني

  • تعز، الساحل الغربي | إعداد: عبدالصمد القاضي - تحرير: التميمي محمد :
  • 06:41 2021/11/16

كانت الساعة الثامنة من مساء الجمعة 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، عندما تصاعدت رائحة الجريمة من منزل طه حسين فارع، حيث تعرضت أسرته لجريمة إعدام وحشية لم تشهدها المنطقة من قبل، كان ضحيتها زوجة وابن وأخ، لقوا حتفهم على أيدي مليشيا الحوثي الإرهابية، في جريمة يندى لها جبين الإنسانية.
 
ضمن جرائم مسيرة الإرهاب القادمة من كهوف الظلام الحوثية تعرضت العديد من الأسر اليمنية للإبادة والتنكيل لمجرد انتقادها أو فضح جرائمها، ولأنها قائمة على الجهل والدجل والخرافة وحكم الآخرين بقوة السلاح، تعمل مليشيا الحوثي في سبيل إحكام قبضتها في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، على قمع كل من يناوئها، وهو ما حدث في عدد من المناطق التي كانت تسيطر عليها قبل تحريرها أو المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها.
 
أسرة المواطن طه حسن فارع، كانت إحدى ضحايا جرائم مليشيا الحوثي في مديرية المسراخ، وسط محافظة تعز (جنوب غربي اليمن).
 
طه حسن فارع (46 عامًا) يعمل مدرسًا في مديريته (المسراخ)، التي كانت خاضعة لسيطرة المليشيا حينها، وكان أحد المعارضين لسيطرة المليشيا كغيره من المواطنين الرافضين لإرهابها الممنهج، فمارس معارضته بطريقته الخاصة وفضح جرائم المليشيا في المنطقة.
 
عمل طه على رصد انتهاكات مليشيا الحوثي وعملائها في قريته، ونشرها على وسائل التواصل المختلفة لردعهم من الاستمرار بالجريمة، لكنه كان وأسرته ضمن ضحايا إجرامها.
 
بمرارة وحسرة، يسرد طه لـ"لساحل الغربي" جريمة المليشيا بحق أسرته، قائلًا: "لم أكن أحمل سلاحًا لمهاجمة المليشيا، بل حروف وكلمات تفضح جرائمها، لكنها كانت في نظر المليشيا وعملائها أقوى من الرصاص".
 
يضيف: "لاحقتني عناصر حوثية ورصدت تحركاتي، فاضطررت إلى ترك القرية، هروبًا من مكر المليشيا وبطشها، واتجهت إلى مدينة تعز، ولم أتوقع أن يصل مدى إرهاب المليشيا إلى اقتحام منزلي وقتل زوجتي وولدي وأخي، وترويع أطفالي".
 
وعن مسرح الجريمة وتفاصيلها، يقول طه: "في الساعات الأولى من صباح الجمعة 9 أكتوبر 2017، تجمعت أربعة أطقم تابعة للمليشيا مدججة بأنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، وكان الهدف إعداما جماعيا للأسرة، لكني حينها كنت قد غادرت القرية باتجاه المدينة بشكل سري، بعد أن شعرت بخطر المليشيا".
 
يضيف طه: "وفي الساعة الثامنة من مساء الجمعة، اقتحم مسلحو المليشيا بوابة منزلي وطرقوا الباب يطلبوني، فخرج ولدي أنس (18 عامًا) يجيبهم، فأطلقوا النار عليه، فتلقى رصاصة في الرأس ورصاصة في العنق ورصاصة في الصدر، سمعت أمه الرصاص، فصرخت بصوت قلب يحترق على ابنها واتجهت نحو الباب، احتضنت ابنها، فقتلوها إلى جانبه وبالطريقة ذاتها، ومنعوا عنهما الإسعاف".
 
   | "بعد أن نفذت المليشيا جريمتها، بقتل زوجتي وولدي وأخي.. "حتى جثث الضحايا احتجزتها المليشيا".
 
 
 
"المجرمون قتلوا أمي وأخي"
 
"القرية مستحدثة ولا يوجد جيران لنا عن قرب، فالمكان شبه خالٍ من السكان، ما دفع المليشيا لمباشرة جريمتها بكل سهولة بعد أن أعدت العدة قبل ثلاثة أيام من الجريمة ونصبت متاريس في محيط المنزل، وعندما وصل أخي محمد حسن، إلى القرية بعد سماعه أصوات الرصاص عند المنزل، فاقترب من المنزل خفية، ونادى لأنس ليستفسر عما حدث، ردت عليه طفلتي الصغيرة بفزع وبكاء من داخل المنزل "المجرمين قتلوا أمي وأخي" كانت هذه آخر الكلمات التي سمعها أخي محمد قبل أن تقتله عناصر المليشيا بجوار المنزل"، بحسب طه فارع.
إقرأ أيضاً:
- انتحر "محمد القلص" برصاصة في الرأس، قهرا من ظلم الحوثيين
- في إب.. لم يحتمل قلبها تعذيب الحوثيين ابنها فماتت قهراً
- في عُتمة: مشرف حوثي يقتل زوجته بوحشية .. وقالت المليشيات "انتحرت"!
- "نزار" أطلق مؤخراً ضمن صفقة تبادل يحدثنا عن تجربته المريرة في سجون الحوثي وأساليب التعذيب
- زوجوه ثم قتلوه... مأساة "البليهي" عائد آخر إلى عمران و"وعد الأمان"
- فيديو مؤلم لطفل يمني مصاب: "الحوثي هجم.. الحوثي هجم"
- ملف (4)- ثالث ضحايا قناصة الحوثي بتعز.. قصة الناجي من 6 رصاصات في جولة القصر
- صور- "لغم دبابة" حوثي نسف هشام راوح وسيارته في جولة القصر بتعز
يقول طه: "عندما جاء أخي محمد، ولم يكن يعرف أن المليشيا تحاصر منزلي بمتاريسها من كل جانب، وبمجرد أن سمعت عناصر المليشيا صوته ينادي ولدي المقتول أنس، أطلقت عليه الرصاص، ومن ثم نزل عدد من عناصرها للتأكد من نجاح الجريمة، لترمي جثة أخي محمد إلى خلف المنزل المزدحم بالتين الشوكي، بينما استمرت في منع الإسعاف عن أنس ووالدته لأكثر من ساعتين".
 
يواصل طه قصة أسرته المأساوية، قائلًا: "بعد أن نفذت المليشيا جريمتها، بقتل زوجتي وولدي وأخي، جاء بعض الأهالي لإسعاف أنس ووالدته، اللذين فارقا الحياة في منتصف الطريق الوعرة التي تنتشر فيها نقاط التفتيش التابعة للمليشيا بشكل كثيف يوحي بأنها أعدت العدة مسبقًا لجريمتها".
 
ملاحقة الضحايا والمسعفين
 
بصوت ملغوم بالقهر، وملامح حزينة توحي ببشاعة الجريمة وذكراها الموجع، واصل طه حديثه: "حتى جثث الضحايا احتجزتها المليشيا".
 
لم تكتف المليشيا الإرهابية بجريمتها البشعة بحق أسرة طه فارع، بل لاحقت الضحايا والمسعفين إلى مستشفى الكرامة في دمنة خدير الساعة الواحدة ليلًا، يقول طه: "المليشيا أرسلت طقمين من عناصرها إلى المستشفى واقتادت المسعفين مع الباص إلى معتقل الصالح، واحتجزتهم فيه لمدة خمسة أيام، فيما نقلت جثتي زوجتي وولدي إلى أمام مسجد في الطريق العام بمنطقة الكدرة جوار محطة دومان، وتركتهما دون غطاء، وعند مرور أحد الشباب من أبناء المنطقة، تعرف على ولدي المقتول أنس، فذهب وأحضر بطانية وغطاهما".
 
ولم تفرج المليشيا عن جثتي الضحيتين بسهولة، بل اتخذتهما ورقة ضغط لإيصال طه فارع، هدفها الأول للجريمة، حيث أصرت على حضوره إلى معتقل الصالح، مقابل الإفراح عن الجثتين، لولا نجاح وساطة شعبية وقبلية استلمت الجثتين، ودفنتهما دون أن يودعهما أقاربهما الوداع الأخير.
 
المجزرة في ذاكرة الأطفال
 
"عندما ارتكبت المليشيا جريمتها كان في المنزل ثلاث طفلات كبيرتهن عمرها (11 عامًا) وصغيرتهن (خمسة أعوام) أصبن بحالة نفسية سيئة تتراكم مع مرور السنين وتذكر الجريمة التي من الصعب عليهن نسيانها، لا سيما وهنّ يعشن في مسرح أحداثها (المنزل)، ومع كل جريمة قتل يصل خبرها إلى مسامعهن تعود بهن الذاكرة إلى تلك الجريمة الغادرة في تلك الليلة الكئيبة وما تلاها من أحزان"، كما يقول طه، مختتماً حديثه بتلخيص أوجز فيها حاله وحال أسرته بقوله: "لا معاناة كذكرى مجزرة المليشيا". 
 
أسرة كاملة شردتها المليشيا الحوثية، بعد أن قتلت الأم والابن الأكبر، ليحمل والدهم مشقة التشرد والتهجير القسري لأسرة مكونة من 11 طفلًا، تتراوح فيهم نسب الصدمات النفسية وحالاتها المتكررة مع كل جريمة قتل، أو موت أو فقدان. 

ذات صلة