منبر المقاومة يوثق القصة المأساوية.. كيف اعاقت المليشيات الحوثية عبدالله وسلبت روح شقيقه؟ - (فيديو)

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/03/11

خاص منبر المقاومة - محمد المغاربي: أثناء رصدنا لانتهاكات المليشيا الحوثية قادتنا مهمتنا هذه المرة نحو الحيمة غرب مديرية التحيتا جنوب الحديدة لتتبع قصة عبدالله أحمد (11عاما) أحد المصابين بألغام المليشيات الحوثية.
 
قبل نصب الكاميرا التقطت أعيننا الصورة الأولى لهيئة عبدالله وهو متشبث بحضن والده كطفل رضيع لكنه متوجس من السقوط في أية لحظة من قادم العمر. قربنا من عبدالله وجها لوجه فاستقبلنا بابتسامة بريئة ورزانة تنم عن عقلية عبقري لكنها لا تخلو من الرضى وعشم السعادة بمجيئنا علنا نمتلك مفتاح الحلول أو القدرة على إيصال معاناته إلى الجهات الرسمية والحقوقية بالأخص التي ثبت مؤخرا من خلال الأرقام المعلنة أنها تتاجر بمعاناة ضحايا الحرب لصالح مسؤوليها وموظفيها. تجاذبنا و بحذر كبير مع عبدالله أطراف الحديث لانتزاع كنه القصة فقط، مراعين اعتبارات نفيسة تخصه وأسرته ومراعين أيضا تلكؤه في الحديث كما هي العادة بأقرانه وأبناء بيئته الملجمين جهلا لكنه فاجأنا بطلاقة لسانه - العضو الوحيد الذي مازال في جسده على ما يرام - وبدأ يسترجع بسردية وتقنيات القاص المتمكن الحادثة بتفاصيلها وهوامشها. يقول عبدالله - وفي حديثه إشارة إلى تحمل الطفل التهامي في الغالب مسؤوليات تفوق عمره فضلا عن حرمانه من جميع حقوقه كطفل - يقول: ذهبنا ذات صباح باكر للاصطياد في البحر أنا ووالدي وأحد أخوتي فوقع نظري على فارغ رصاصة مرمية بالشاطئ ولم يهدأ لي بال حتى التقطتها خفية من والدي وأخي الأكبر، وفي فحوى حديثه يضيف: ارتفعت ضربات قلبي بعد حيازتي اللعبة وأحسست أني قد استفردت بها من بين أطفال القرية لأكون سيدهم الآمر الناهي ولو لساعات قليلة. لم يكن مدركا الطفل المسكين أنها مخبوءة بقدر إعاقته المدمرة وموت أخيه نادر الأقرب إلى قلبه. في اليوم الثاني أخرج عبدالله فارغ الرصاصة لينطلق إلى المكان المحدد لتجمع أبناء القرية مصطحبا أخيه نادر - أمين سره والذي يصغره عمرا - وقبل التوجه إلى المكان المحدد أجرى على اللعبة بروفات الاستخدام على جدار المنزل الخارجي لتتجه - منذ تلك البروفة- حياته وحياة الأسرة نحو منعطف جديد بعد انفجارها فورا وإصابة أخيه بمقتل في رأسه وبطنه أسفرت عن تطاير دماغه وخروج أمعائه بينما عبدالله فقد الوعي ليفق بعد أسبوعين في أحد مستشفيات عدن على إعاقته المزدوجة بفقأ أحد عينيه وتأثر شبكية الأخرى وهي في طريقها لفقد النظر تماما وبتر قدميه ويده اليمنى وشلل كفه الأيسر وسكون ٧٠ شظية في جسده النحيل. يتحدث والده عن معاناة قاسية ذات شجون بعد إصابة عبدالله حيث اضطر لترك عمل الاصطياد والتفرغ لمعالجته هنا وهناك من المخا إلى عدن-وباع ما فوقه وما تحته حسب تعبيره - لكنه لم يف بإتمام علاج عينيه التي يتهددها العمى بعد خسارته قرابة مليوني ريال يمني. لم يجد العم أحمد - والد عبدالله - أمامه من خيار سوى العودة بعبدالله إلى منزله في منطقة الحيمة مسلما نفسه للحسرات التي تسل عليه صوارمها مع كل لحظة يتنفسها وابنه على هذا الحال من الضر بينما أمه ظلت واجمة دهرا وهي تذرف دموعها ثم نطقت قهرا بمزيد من الدموع الحارة: "لقد هان علي رحيل نادر إلى جانب المصيبة التي حلت بعبدالله" معللة: "إذا مت لا سمح الله أو مرت ٣ أعوام بالكثير على عبدالله وهو بهذا الشكل من الإعاقة وأصبح رجلا شابا من سيحممه و يؤكله و يتحمله إذ من الصعوبة بمكان أن أدخله الحمام أو حتى يستطيع الدخول بنفسه" تطرح ام عبدالله بطريقتها العفوية تساؤلات كثيرة عن مستقبل ابنها الذي اعاقته مليشيات الحوثي الإرهابية ولا تجد اجابه وذات التساؤلات يرددها عبدالله ع الدوام كما يقول أبواه ما أدخله في دوامة نفسية و حدس التفكير المستمر بمستقبل السنوات القريبة وهو على ذات الحال ففضل الانتحار أكثر من مرة أبرزها محاولته مرتين القاء نفسه في بئر القرية الغائر الذي لا يرى قعره. هكذا عبأت المليشيا الحوثية حقدها السلالي في فارغ رصاصة لترتكب جرما بحق أسرة من آلاف الأسر التي راحت بشكل أو بآخر ضحايا لحربها العبثية في ظل غياب الجهات الحقوقية المعنية بمعالجة آثار الحرب المدمرة ولعل حالة عبدالله اليوم كفيلة بقرع جرس ضمائرها خاصة بعد إعلان والده الفقير عجزه عن معالجته.
 

ذات صلة