توفي أخوته الأربعة بجريمة حوثية.. وبقى يوسف معاقآ وشاهدآ على أثارها

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/03/18

وقع اختيارنا هذا الأسبوع ع واحدة من كبار مآسي الحرب الحوثية ضد أسرة ناصر دربوش بإحدى قرى الرمة شمال المخا وضحيتها ٦ أطفال ما شدنا لتوثيقها والتعرف ع تفاصيلها ، ورغم حديث الكثير عن مخاطر الزيارة بسبب الألغام الحوثية التي يحتمل اختباؤها خلف أي شجر أوحجر هناك إلا أننا اعتلينا مقود سيارتنا مفضلين الوصول إلى مسرح الجريمة لتوثيقها بالصوت والصورة من يوسف ثاني اثنين نجوا من الموت ليكونا شاهدين على الجريمة الحوثية أمام العالم الحقوقي والإنساني لما تقترفه المليشيا بحق أطفال اليمن
 
قبل تفرعنا من يختل شرقا عبر خط ترابي حدثنا دليلنا ( سليم هايل) بلغة تحذيرية قائلا : - للمرة الأخيرة .. الطريق إلى بيت دربوش مسكون بالألغام - لم نعر تحذيره أي اهتمام ولم يثن عزمنا الذي عقدناه بنية أقوى من لهجته وتعابيره السيميائية الناطقة بالخوف وخطورة الموقف وضعنا أيدينا ع قلوبنا وسلمنا دليلنا مقود السيارة ومضينا نحو الهدف الذي يفصلنا عنه من ٧ إلى ١٠ كم لكنها استغرقت قرابة الساعة من الوقت كانت عصيبة بكل ثوانيها.. أخطأنا فيها الطريق أكثر من مرة وأحسسنا في أكثر من لحظة وموقف أننا نخوض مغامرة كنا في غنى عنها خاصة بعد مرورنا تباعا ع سيارتين مدمرتين - أخبرنا دليلنا أنهما انفجرتا بألغام الحوثيين - ثم مرورنا على حفرة غائرة تتناثر حولها شظايا لزجاج باص انفجر به لغم قبل يومين فقط وكانت الحصيلة النهائية لمجموع الحوادث الثلاثة حوالي ١٠ ضحايا بين قتلى ومعاقين تنفسنا الصعداء بوصولنا لمنزل دربوش المحاط بمزرعته - في وقت تتسلل إلى أذهاننا مخاوف العودة إلى أقرب نقطة أمان وسط يختل - تراءى لنا من بعيد يافع يتحرك ع كرسي بشاطئ المزرعة فأدركنا أنه بغيتنا يوسف فحثينا الخطى نحوه وكانت خطواتنا أسرع من نزوله من الكرسي وجثوه ع الأرض يزاول مهنته الزراعية المتمثلة حاليا في حصاد البصل وإلى جانبه ابن عمه معاذ الناجي الآخر من الموت أشفقنا كثيرا ع حالة يوسف بعد أن رأينا رجلية مبتورتين من الفخذ لكن لم يكن لدينا وقت للتحفظ أو استدراج يوسف ووجهنا له سؤالا مفتوحا عن إعاقته ووفاة أخوته الأربعة وإصابة ولد عمه معاذ - وكان منهمكا في حش البصل - - وفي سكتة لطيفة عن العمل لا تحتمل النفس - رفع يوسف رأسه نحونا مصغيا للسؤال ومعبرا عن نوع من أدب الحوار ، - وفي قبضته نصف حزمة من البصل وفي الأخرى شريم (آلة محش ) - ثم أطرق رأسه إلى الأرض ثانية يواصل حش البصل ويسرد لنا تفاصيل قصته يقول يوسف : عدنا إلى الأرض بشغف الحبيبين بعد أن هجرنا الحوثيون منها عدة أشهر قبل انتصار المقاومة المشتركة في مايو ٢٠١٧ ودحر الحوثيين منها ،.. وفي الأيام الأولى من عودتنا قمنا على التو بممارسة نشاطنا الزراعي - وكان الموسم غرس فسيلة البصل - كنا نعمل ع فترتين دون توقف وفي أحد الأيام بعد تناول غدائنا استقليت كالعادة دراجتي النارية ومن خلفي أشقائي توفيق ورضوان وجمال وشمس الدين وأمامي معاذ ولد عمي وانطلقنا لملاحقة وقت الموسم وزرع ما تبقى من الأرض قبل فوات الأوان ، وقبل وصولنا للمكان المحدد ببضعة أمتار انفجر بنا لغم فردي أثناء مرور التاير الخلفي للدراجة ولم أفق إلا بعد ١٠ أيام في أحد المستشفيات بعدن أسأل عما حدث ولم أشعر حتى اللحظة بإصابتي التي نبهني لها والدي وبعد أن تسىرب الحزن إلى نفسي ع نفسي وقضيت لحظة حداد ع حالي ومستقبلي رجعت بي الذاكرة فورا إلى أجزاء من الثانية الأولى لوقوع الحادثة وما قبلها فسألت عن أخوتي فطمأنوني عليهم ولكن بعد ذلك واجهتني الحقيقة المرة بوفاتهم الأربعة بعد أن تقطعت أوصالهم بينما معاذ تلقى أخف الإصابات كونه في الموقع الأمامي من الدراجة التي كنا نستقلها مع كل حرف كان يتلفظ يوسف وجعا يقرع مشاعرنا ويهد قلوبنا ع تغير مسار حياته جذريا بسبب لغم حوثي حرمه من دراسته وأخوته وحياته بوضعها الطبيعي ملمحا في حديثه أن العمر يمر منغص بكل ثوانيه و دقائقه غير معترض ع قضاء الله لكنه يندب حظه أنه من جيل وقع تحت طائلة الانتهاكات الحوثية التي أعقبت آثارا نفسية وجسدية وخيمة بشكل مباشر وغير مباشر ع مستقبل النشئ والأجيال
 

ذات صلة