الذكرى الثالثة في المخا!

03:31 2020/12/07

تخيلوا انا الذي اكتب عن كل شيء لم أكتب أمس عما شهدته في الذكرى الثالثة لاستشهاد الزعيم والأمين ، تساؤل جوهري ، لماذا ؟ 
 
قال أحدهم لقد خفت صالح في قلبك،وقال الآخر،الذي يعرفني حق الحقيقة، لقد طفيت يا عبدالسلام ، ولم يعد قلبك يلمع ، أنت منهك حد الموت ، مفتت حتى الثمالة ، مثخن بالطرقات والمنافذ ، والسياسة ، والتعصبات والاخبار وطارق وصالح وهاك وهكذا وهلم جرا وهلم برا ، وكات وكيت ، وكذلك 
 
لكن ..
 
 أحدهم لم يقل أنت تعاني من الأرق ، تعاني قلة النوم ، نم يا عبدالسلام القيسي لتكتب 
 
ليلة ذكرى صالح لم أنم ولو لحظة واحدة
 
 في السادسة صباحا  هيا الى الزهراء ، وتذكرت وهو يقول الزهراء مدينة الناصر ، عبدالرحمن ، الأموي الثامن في الأندلس ، السلطان العظيم،خليفة الغرب من الأندلس الذي كانت تصله رسائل الامبراطور الفرنسي يترجاه قبول ابنته أن تدرس في جامعات قرطبة ، لكن الزهراء التي تحدث عنها زميلي مدرسة ، اسمها مشتق من مدينة الناصر زهراء أسبانيا ، قطعة الفردوس الهابطة الى الأرض ، كانت مدينته أعجوبة ، قلما بني مثلها في عهده وشيد 
 
قال لي الشيطان لا تذهب ، أنت سهران يا قيسي وكيف ستعود من الذكرى في الظهيرة لتكتب ولم تنم لحظة حتى فقلت له : هيه ايها اللعين ، إنها ذكرى صالح ، بهذه اليوم كان الزعيم يقاتل وكنا نحن نغط بالنوم ، الشهيد ورفيقه يموتان ونحن نعاني من التخمة،عليك اللعنة أيها الرجيم ، اذا لم أحتمل أرق يوم فقط من أجل صالح فما الذي سوف أحتمله، أغتسلت وانا أكرر هذه اللزمة ( اذا لم أحتمل السهر من أجل صالح فلست برجل ابدا ، غادرت وقبالتي زميلي وأنا أقول : اذا لم أحتمل سهر واحد من أجل صالح فلي اللعنة من رجل، وذهبنا جميعنا الى المدرسة المشتقة،كما قلت لكم ، من مدينة الزهراء 
 
أنا وكل رفاقي من المركز الاعلامي ، وكل مصوري الساحل الغربي ، وكل كتاب ومحرري المقاومة ، وكلنا نسخة مصغرة عن اليمن،قلت لأحدهم كان السبعين تكتظ فيه اليمن من كل مدينة ، والآن نحن نمثل كل المدن ، أنا من مدينة تعز ، عادل النزيلي من اب ، ومحمد الردمي من صنعاء ، وشرف الموشكي من تهامة ونمران من مأرب ، وماجد من محافظة حجة ، ووليد من أبين ، وأحمد غيلان من جبلنا العالي ريمة ، وأنور من الحديدة، وفلان لا يجب ذكر اسمه من ذمار، ومن عمران فلان ومن كل مدينة يمنية ، هل فهمتم هذا ؟ 
 
كل أحد فينا يمثل مدينته ، إضافة انه يمثل اسرته وعائلته ، نحن هنا اليمن الكبير حضرت تنعي وتؤبن صالح للسنة الثالثة ، في السابعة كنا بمدرسة الزهراء ، كان الأمن في كل ذرات التراب المخاوي يرتب ويفتش ويدقق ويلحظ ببزاتهم التي تذكرنا بالميقات النبيل،كن صور صالح والزوكا والطارق في كل زاوية ، وعلى كل سيارة ، هؤلاء هم ثلاثة ديسمبر ، وكانت المدرسة تزهو بشكل مرتب وجميل، الراية اليمنية ترفرف ، راية المقاومة الوطنية ، والصهيل ، وكذلك لوحات كبيرة تجعل تقول صالح حي وهاهو قبالتك وعارف والطارق ينظر اليك رغم كونه لم يحضر الذكرى 
 
وصلت واسماء كبار الضيوف لم تكتب بعد على كراسي الجلوس ، قلت لأضيع الوقت بالكتابة وكتبت كتبت كتبت ، وجدت أن البلد كلها حاضرة، من شبوة الى الحديدة، ومن صنعاء الى تعز ، كل العائلات الكبيرة هنا وكل الألقاب والصفات ، وكانت الحشود لم تحضر بعد ، كنت أشاهد صالح وعيناي تدمع، رأيت شيبته بإحدى الصور وقلت لماذا تركنا الرجل وحيدا يقاتل بشيبته تلك ، لنا اللعنة ، لماذا ؟ 
 
لأنه صالح ، ويكفيه عارف الزوكا، كان جانبه بالصور ، يده بيده ، عندما جسد المصور قبلما سنوات لهما تلك الصورة في صنعاء ترى هل خطر بباله أنه جسد لقطة القيمة المثلى لعارف وأوقف الزمن أنذاك بل تعداه الى المستقبل كي يلتقط المعنى الأسمى للخلود ، لقد خلدهما معا بصورة وهما قابضان ببعضهما كجبال صافحت بعضها بالتفتت ، وفعلا تفتتا بالشهادة وكانتا يداهما الى اللحظة لم تفترقا ، أخبروني عن مجسد تلك الصورة ، من هو لأنحني له ..!  
 
بدأت تتوافد الحشود ، الألوان بمختلف السيمات ، الرجال النساء ، الصغار والكهول والعجائز ، وفرق التنظيم تعمل بجد ، بصراحة أعجبوني ، كانت ذكرى مرتبة بشكل ملائكي تليق بصالح ورفيقه وبذكرى ثورة كانت ولن تكون الا هي معركة الخلاص الوطني ، رأيت لوحة تشكلت ولن يصدقني أحد ، لقد نسخنا صنعاء التي كانت تحوي كل فن الى هنا، كل شيء ، يا لعظمة صنعاء، وسوف نعود اليها قرتنا وهذا وعد الرجال للارض والسماوات 
 
أقترب مني طفل ، سألني هل طارق سوف يحضر ، قلت له لا أعلم ، لماذا تسأل ؟أريد اراه لأول مرة ، اسمع عن طارق طارق طارق ولم أره ابدا ، قلت في نفسي ترى هذا الصغير كيف يتخيل القائد في خلده ، وجاوبتني نفسي كما كنت تتخيل علي عبدالله صالح قبل ان تكبر وفعلا صدقت نفسي ، ومن حق الطفل أن يسألني ، فطارق ملهمهم ، ومعينهم ومحررهم والقائد الذي يشاطرهم هذه الغوبة الغبارية 
 
إلاه فقط يتردد كل لحظة في شفاه الناس وشفاه الأعداء والأصدقاء ، المحب يردده عن حب ويردده المكره عن خوف ، فعندما ينطق اسمه تتقافز الأسماع ، مرحى يا طارق ، نعم نعم نعم ، مرحى ، أنت حديث البلد كله،فقط
 
 
وجاوبني الصدى : من اليمن الى أصفهان 
 
طال مقالي ، أعتذر ، لا لا لا ، لم يطل ، عن ذكرى شهادة صالح لن أكتفي بنص صغير دون أن أؤبجد كل شيء ، تشكرات لمن يكمل معي النص كله ، ولمن يتحاشاه من طوله ايضا تشكراتي ، ولمن لم يقرأ البتة زندجيه، حياة بالهندي ، كتبتها حرفيا الى العربية فلم أزر الهند بعد لأعلم لغتهم حيثما اشاطر سكني عائلة هندية تحمل ثلاث لغات بل اربع بل عشرون لغة وهذه الكلمة فقط حفظتها من استاذة في الجامعة ، اسمها سما السماوي ، كانت تقلها لنا بعد حديث من احاديثنا ولم انس الهندية هذه ونسيت مادتها بالكلية
 
ألتقطت لنا الكاميرات قبل بدء الذكرى كمشة صور ، مع كل الزملاء ، كل أحد يريد أن يجعل من خلفه صالح ، لقد كان صالح خلفنا كل مرة كما هو طارق الآن من خلفنا ، كان هو يحمينا ولم نحمه ، كان يحفظ ظهورنا من السكاكين من كل عدو ومن كل بروتوس ، كان ظهرنا وظهيرنا ، كان عزنا وعزيزنا ، كان صالح وطناً وكنا نحن نغفو بين راحتيه بأمن وبشموخ 
 
ساعة ، ساعتان ، ثلاث ، أنتهت الترتيبات ، توافد كبار الضيوف ، على رأسهم صادق دويد واللواء القوسي وناصر باجيل ، وكان الناس، كل الحشود قد توافدوا من قبل ، نهض محمد الردمي ، أفتتح الذكرى، ثم أيات من القرأن عن الشهادة والشهداء ، كلمة المخأ ، ثم كلمة ناصر باجيل ، ومن ثم الأوبريت الغنائي بصوت الصوت المميز ابن شرعب محمد الوديع الذي بأوبريته مع أطفال من الذكور والإناث وبسرد حكاواتي وسجع مميز يتخلل الأغاني أبكانا والله ، دموعي سقطت ، شعرت أن الجندي قبالتي يرى دمعاتي فأحسست بالحرج، 
 
ولكن ما شدني فقط هو إحدى العجائز 
 
نظرت اليها ، كانت تمسح دموعها بشاشتها السوداء ، على اليمين والشمال ، وكان صالح يتخلل الأوبريت بوصاياه وأحاديثه المرفقة بموسيقا تليق بمقام الشهيد وكذلك الزوكا،ياله من أوبريت ، انحناءة لمحمد الوديع ، الذي أبكى الجميع ، بعد الأوبريا غادرت الى خلف المنصة حيث المكسر ، قال لي زميلي ماجد الحيلة هل بكيت؟ لا لم ابكِ فقال:أنا بكيت 
 
ماجد الحيلة قضى سنوات في معتقلات المليشيات الحوثية بعد ديسمبر ، لم تبكيه الزنازين ولا ألات التعذيب ولا الجثامين التي كانت تؤخذ من امامه في السجن بعد تعذيبها وظل محافظا على موقفه الى إن غادر السجن شامخاً كمئذنة لم يبك بكل تلكم السنوات ولكنه بكى لأنه أستمع لأوبريت عن الشهيد صالح وهنا تذكرت منشوري الذي كتبته أمس الفائت على الفيس بوك وتويتر وقلت فيه : الرجال لا تبكي الا في حالة واحدة ، تبكي لفقدان رجل كعلي عبدالله صالح،أكدها صديقي ماجد، وبكى، وانا والعجوز والبقية مؤكدا بكوا ومن لم يبك يحترق الى الداخل 
 
لم يحضر القائد ، القى العميد صادق دويد الكلمة ، كلمة المقاومة ، وأرسل عدة رسائل للجميع من أجل الخلاص من أجل الكهنوت وتذكرت الصغير الذي كان يريد رؤية طارق صالح لأول مرة ، حزنت عليه ، ولكن طارق محق بعدم حضوره ، اذا كانت هناك ذرة خطورة من حضوره على تلكم الجماهير فلا عليه ، فالمليشيات من اجل اصطياده يمكنها قتل الاف الحشود بصاروخ واحد من أجل الخلاص من طارق صالح ، وهنا أكتفي
 
 أكتفيت ، ولكن لم أخبركم لماذا لم أكتب بالأمس ، أتريدون معرفة الحقيقة ؟ 
 
بالأمس كنت قهدااااااااان 
 
غالبيتكم لا يدري معنى قهدااااااااان ...!