عندما يصبح الموت بمثابة أمنية.. عبدالله جنيد فر من بطش المليشيات إلى ظلم ذوي القربى..!

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/04/11

خاص - منبر المقاومة – فيصل عبدالله في السنوات الأربع الماضية، تكررت حوادث إنتحار كثيرة إلى حد أنها كانت مصدر قلق من أن تتحول إلى ظاهرة.
 
كانت حالات الإنتحار ناجمة عن الأوضاع الإقتصادية والمعيشية بالغة السوء، إنها نتيجة طبيعية للحرب التي اشعلتها مليشات الحوثي ودفعت بالملايين إلى شفا المجاعة. إحدى اكثر حالات الإنتحار إيلاما تلك التي وقعت الاثنين الماضي بمديرية الدريهمي لنازح يبلغ من العمر نحو 35 عاما. بحسب أقرباء نشرت وسائل إعلام إفاداتهم، فقد ظهرت علامات حزن شديدة علي محيا ابراهيم جنيد، ذلك كان قبل أيام من وقوع الحادثة الأليمة. فسرت علامات الحزن على أنها ناتجة عن الوضع الذي يعيشه، هي حقا كذالك، لكن ما كان مؤكدا هو أنها تلخص مأساة النازحين وظروف الحياة القاسية، فحين يذهب البعض بمحض إرادتهم إلى حبال المشانق إنما أرادو من ذلك وضع حلا أخيرا لمعاناتهم بعدما أوصدت كل الأبواب أمام حلمهم بحياة كريمة. قصة جنيد تبدو أكثر حزنا مما هي عليها، إذ عجز لأيام عن تلبية توسلات أبنته المتكررة بشراء بعض الحلويات، وأمام ذلك العجز، أراد جنيد معاقبة نفسه، إذ أخذ أبنته إلى والدته التي تسكن في كوخ مجاور، أخذ يقبل أبنته، كما قبل رأس والدته أيضا وودعهما بحنان، كانت كلماته الأخيرة محل إستغراب، إنها تبدو كما لو أنه مسافرا إلى مدينة بعيدة لن يعود منها إلا بعد سنوات. لكنه عاد إلى عشته المتواضعة وربط حبلا على سطحها، ثم لفه حول رقبته وسمح لجسده بالتدلى بالمسافة الصغيرة التي تتيح له ذلك. ترددت أصوات أنفاس متحشرجه على نحو متقطع، وانينا يصدر بشكل خفيف من بين ثناياه، ولربما ترددت في أرجاء عشته حرفين أخيرين يختزلان كل أنواع الوجع الذي عاشه طوال السنوات الماضية ( اح) لكأنما أرسلت تلك الكلمة من بين ثناياه قبل أن تصطك أسنانه في لحضتها الأخيرة. وجد مشنوقا في كوخه المتواضع، تاركا أسرته المكونة من الزوجة وأربعة أطفال أكبرهم طفلة لا يتجاوز عمرها ثلاث سنوات وأصغرهم رضيعة لا يتجاوز عمرها شهرين ونصف. من بين الأماكن التي سجلت حالات إنتحار عديدة، كانت مخيمات النازحين في ابين، غالبيتهم مواطنين ينتمون لمحافظة الحديدة. قبل أيام، أقدم النازح محمد حسين جحبلة على شنق نفسه داخل غرفته المتواضعة في أبين. يبلغ حجبلة من العمر 33 عاما وهو أب لثلاثة أطفال، وقبل إنتقاله من الحديدة، باع كل ما يملك من أثاث متواضع كي يستخدم ثمنه في دفع إجرة إنتقاله إلى أبين، وهناك حصل على مكانا بنى فيه عشة تهامية تأوي إليه عائلته المكونة من الزوجة وثلاثة أبناء، كان الرجل معدما، ومحبطا أيضا فهو من عمال الأجر اليومي، وقد كانت الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي سببا في إنعدام مصدر رزقه، مثلما هي سببا لإنعدام مصدر رزق ملايين المواطنين، الذين تركوا لوحدهم يغالبون ظروف الحياة القاسية. أغلب المنتحرين من الذكور، لكن مخيمات النازحين في تلك المدينة الجنوبية شهدت حادثة إنتحار فتاة بقرية الوادي غرب مدينة زنجبار. بعد واقعة تلك الحادثة بأيام، إنتحر شاب في قرية حصن شداد جنوب المدينة، كلاهما نازحان من محافظة الحديدة،ومن فقرائها أيضا. إقدام شخص على قتل نفسه، لا يحدث إلا بعد أن يكون قد وصل إلى مرحلة متقدمة من اليأس، إذ يصعب عليهم مشاهدة أبنائهم وهم يتضورون جوعا بعد أن ظل الأب لأشهر عاجزا عن تدبير غذائهم بشكل منتظم ذالك هي غريزة الأبوة، لكن حالات الإنتحار غدت مقلقة، إذ تحمل مؤشرات خطيرة على إن النازحين يواجهون خطر قتل أنفسهم بعدما تفاقمت معاناتهم وساءت حالاتهم المعيشية حدا يعجز وصفها. أمثلة الإنتحار بسبب الفقر يصعب حصرها، ووفقا لتقارير عدة من منظمات حقوقية، فقد تزايدت حالات الإنتحار في السنوات الأخيرة نتيجة تصاعد حالات الفقر وظروف الحياة الصعبة. وبالرغم من عدم وجود أرقام رسمية بعدد حالات الإنتحار، إلا أن ما هو مؤكد، هو أنه لا يكاد يخلو شهر واحد من تسجيل حالة إنتحار كانت الظروف المعيشية عاملا في حدوثها، لكأن الموت شنقا أصبح للبعض أمنية. بعد كل حادثة أليمة، توجه التهم للمنظمات العاملة في البلاد، بأنها أبعد ما تكون إلى صفة الإنسانية، إذ تركت النازحين يعيشون في ظروف بالغة السوء، يصارعون قسوة الحياة وظروفها السيئة، فيما تنفق المنظمات ميزانياتها على الأجور والتنقل ووضع دراسات غير مجدية ولا ذات أهمية.
 

ذات صلة