الحوثية منظمة إرهابية.. الوجه الآخر للقرار الأمريكي!!

11:44 2021/01/26

في 19 يناير/ كانون الثاني الحالي دخل حيز التنفيذ قرار أمريكي يقضي بتصنيف ميليشيات الحوثية كمنظمة إرهابية، هذا القرار قدمته وزارة الشؤون الخارجية والخزانة قبيل يوم من رحيل إدارة الرئيس ترامب راعي القرار، وتنصيب خلفه بايدن رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية في 20 يناير 2012.
 
دعونا من الرحيل والتنصيب،  لأن ما بينهما وجهاً آخر يذهب بالقرار إلى تحايل فظ على الوعي العام العالمي واليمني على وجه الخصوص، حيث إنه جاء في وقت كان ترامب في البيت الأبيض يجمع ملفاته ويلملم شتاته استعداداً للرحيل، بعد أن فقد سلطته التنفيذية التي انتقلت لبايدن..
 
بمعنى آخر كان توقيت القرار أشبه بالرقصة الأخيرة لترامب على جراح الشعب اليمني، التواق للخلاص من كهنوت وفكر سلطة جثمت على صدره وأذاقته الويل والمر لا لشيء، فقط لأنها تعاني عقدة نقص السلطة التي عجزت بالاستحواذ عليها دستورياً فلجأت إلى الانقلاب لتحكم بشماعة السلطة الدينية.
 
قرار كهذا إذا ما عدنا إلى منطقه سنجد أنه بُني على المادة 219 من قانون الجنسية والهجرة الأمريكي، التي تذهب فقط إلى تقييد بعض تحركات الطرف المستهدف وتجميد قد يكون شكلياً لأرصدته، ليبقى الجانب المهم من القرار هو كيفية وآلية وقف العمل به!؟
 
فللقرار آليات توقف العمل به، منها أن يكون محدداً بمدة زمنية وبانقضائها يصبح كأن لم يكن، أو بموجب قرار آخر ينقض حيثياته التي بني عليها ليصبح بعد ذلك لاغياً، وتبقى كل تلك إجراءات تخضع للسياسات الأمريكية وتفاهمات مصالحها مع الطرف المستهدف.
 
علينا فقط أن لا نبالغ بتفاؤلنا، وهذا لايعني بالضرورة أن نقلل من شأنه أيضاً، إذ يجب علينا كيمنين وحلفاء أن نسعى إلى تدويل القرار لنكسبه صبغة تنفيذية أقوى وبأجل أطول حتى تتلاشى تلك الميليشيات، أو أن يضغط عليها للخضوع لدستور الجمهورية اليمنية كطرف سياسي وجهته صندوق الانتخابات ليحكم لا بترهيب الناس وإثارة الحروب.
 
علينا أيضاً أن نتعامل معه بتروٍ مدروس ومخطط للدفع به إلى مراحل أكثر فاعلية تتجاوز حدود العقوبات الشخصية والاقتصادية المفروضة على ميليشيات الحوثية ونفر من قيادتها، ليشمل بذلك جوانب اقتصادية أوسع وشخصية أشمل وأمنية وعسكرية تفضي لأنها سلطتها الانقلابية وتحرير العاصمة ومحاسبتها على كل انتهاك ارتكبته بحق اليمن واليمنيين.
 
وما عدا ذلك فالقرار لن يختلف عن ما سبقه من قرارات اتخذت بحق الكثير ممن شملتهم لائحة التصنيف ولم يتغير في واقعها وسطوتها وممارستها من شيء أمثال (حزب الله، وإيران، وعصابة بوكو حرام)، فجميعها رغم تصنيفها منظمات راعية للإرهاب وداعمة له، فبرغم العقوبات تلو العقوبات المفروضة بحقها، إلا أنها ما زالت بذات الممارسات الإرهابية وتتوسع في نشاطها دون أن يحدها بذلك حد.
 
إن أي قرار ترد به استثناءات لهي دليل واضح على عدم جديته في إنهاء صراع أو الحد من تفاقم أزمة ما، فاستغرب هنا!!! كيف لك أن تصنف جماعة بأنها منظمة إرهابية ولا تسعى إلى تجفيف منابع دعمها، حيث استثنيت الأمم المتحدة والصليب الأحمر من هذا القرار بحجة الدعم الإنساني، وكان بالإمكان لك فرض آليات معينة لإيصال المساعدات بالتنسيق مع حكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً، لا أن تبنى استثناءات تتيح وصول الدعم المباشر للميليشيات تحت أي مسمى وإن كان إنسانياً.
 
استثناءات وبحجج ودواع لا ولن تختلف عن تلك التي تشدقت بها اتفاقية استكهولم، فلا هي أمنت القنوات الإنسانية، ولا هي التي حدت من انتهاكات الميليشيات بحق أبناء الساحل الغربي والحديدة على وجه الخصوص، بل أضحت اتفاقية تحصين للميليشات برعاية بريطانية ومباركة أممية.
 
وأقول هنا... كفى تحايلاً على الوعي العام، ولتكن هناك مبادرات صادقة!! لتجريم مليشيات الحوثية، تبدأ بقطع كل تواصل لها مع أي قوة داعمة لها أياً كانت إقليمية أو دولية، ولتكن هناك أيضاً خطوات جادة لإنهاء أكثر الأزمات اجراماً بحق شعب أعزل تكالب عليه الجميع، وذنبه بذلك انه يعيش على رقعة جغرافية تمتاز بموقع استراتيجي متحكم بالملاحة الدولية، ناهيك عن عوامل تاريخية وديموغرافية تفرد بها عن غيره من الشعوب.