سجون الحوثيين «مقابر الأحياء» (8): سجن زين العابدين بصنعاء

  • الساحل الغربي، سلسلة تقارير - ماجد الحيلة:
  • 07:44 2021/03/01

قبل مجيئهم، كان مسجداً ومركزاً لتحفيظ القرآن وتعليم أصول التجويد. حوَّلته مليشيا الحوثي من جامع يُرفع فيه اسمُ الله إلى سجن لتعذيب المواطنين بأساليب لم يُسمع بها من قبلُ ولا يصدقها عقل.
 
يقع معتقل مسجد "زين العابدين" في منطقة حزيز على بُعد 500 متر من سوق حزيز المركزي جنوب مدينة صنعاء.
 
وهو أحد أكبر المساجد في "حزيز"، وله عدة ملحقات، منها: مدرسة، وسكن طلاب، ومبانٍ للعاملين، ودكاكين كانت تُستخدم كوقف خيري للإنفاق على المسجد وملحقاته، قبل أن تحوله مليشيا الحوثي إلى سجن.
 
وحتى الشارع الذي يفصل بين الملحقات والجامع، لم يسلم هو الآخر، تم تحويشه من قبل المليشيا من أجل توسعة محيط السجن.
 
يقبع بداخل سجن "زين العابدين" أكثر من (300) مختطف، توزعهم مليشيا الحوثي على ثلاثة أقسام حسب التهمة الموجهة لهم.
 
ويتكون من ثلاثة أقسام: 
 
• قسم خاص بالمعتقلين الذين يتم اختطافهم من بيوتهم ومن طرقات السفر بين المحافظات. 
 
• القسم الثاني، يسمى (البرج)، ويتم فيه احتجاز الأسرى من جبهات القتال.
وفي البرج، أيضاً، غرف عدة عبارة عن مقر للتعبئة العامة لعناصر المليشيا.
 
• أما القسم الثالث، فهو الدكاكين الملحقة بالمسجد، وقد خصصتها المليشيا لاحتجاز المختطفين من أبناء مدينة صنعاء، حيث يوضع أكثر من 12 شخصاً داخل كل دكان، بلا تهوية ولا إنارة عدا عن فتحة صغيرة بحجم العين، تطل على حوش السجن.
 
يدير معتقل زين العابدين المدعو "أبو هاشم المحاقري"، واسمه الحقيقي علي المحاقري، وينتمي لقرية المحاقره التابعة لسنحان. بالإضافة للمسؤول المالي للسجن ويُدعى "عرفات المسعودي".
 
 
التحقيق
 
عند وصول المختطف إلى سجن زين العابدين، يتم استدعاؤه في أول أيامه إلى غرف خاصة، بعد عصب عينيه وتقييد يديه، للتحقيق معه في جلسات مطولة تصل إلى أكثر من سبع ساعات، تبدأ من غروب الشمس وتنتهي مع طلوع الفجر.
 
ويشرف على عمليات التحقيق في معتقل "زين العابدين" كبير المحققين الملقب أبو جعفر، واسمه الحقيقي إبراهيم صلاح، من قريه المحاقرة التابعة لسنحان.. يعاونه في ذلك المدعو فؤاد النوعة وأكثر من خمسة محققين آخرين.
 
التعذيب
 
بداخل سجن "زين العابدين" غرف مخصصة للتعذيب، مجهزة بالسياط والعصي والسلاسل، ناهيك عن التعذيب بالكهرباء.
 
ومن وسائل التعذيب التي تستخدمها ميليشيا الحوثي بحق المختطفين في سجن زين العابدين: "التعليق باليدين على سقف الغرفة، والرش بالماء البارد طوال الليل، والمنع من النوم والضرب المبرح الذي يترك آثاراً على الجسم".
 
مسؤول التعذيب الأول في "زين العابدين" يُدعى "أبو معيض" واسمه الحقيقي سليم معيض، من سنحان، ويعاونه في عمليات التعذيب المدعو "أبو سيف الحرف" من محافظة إب، بالإضافة إلى آخرين، كما يتعرض المختطفون للتعذيب من قبل المحققين أنفسهم أثناء جلسات التحقيق.
 
شهادات
 
المختطَف المحرَّر محمد الجحدري، وصف طرق التعذيب الذي يتعرض له المختطفون في سجن زين العابدين بالوحشية وغير المعقولة.
 
قال الجحدري، إن مسؤولي التعذيب يقومون بتعليق المختطف لمدة 4 ساعات إلى 20 ساعة حتى تقطعت أعصاب أيدي بعضهم، ووضع المختطف في الحوش، وصب الماء البارد عليهم، وإدخال مجانين عليهم.
 
وأضاف، إن "المشرفين يقومون بفتح الأبواب بقوة عند التحقيق، وفي الليل عند النوم، ويعتدون على المختطفين بالضرب المبرح بالعصي وبأعقاب البنادق حتى تكسرت عند بعضهم فقرات في الصدر أو الظهر واللطم على الوجه".
 
وتابع الجحدري: "تعرضت أنا شخصياً للتعذيب النفسي أكثر من الجسدي عندما كانوا يقومون بربط عينيّ برباط محكم وتقييد يدي ورجليّ بالحديد من أول يوم اختطفوني من الظهر إلى بعد صلاة العشاء وأثناء التحقيق".
 
وكشف أن مشرفي المليشيات في زين العابدين، أدخلوا عليه المجانين كنوع من التعذيب والسب والشتم والتهديد بالضرب وإخفائه قسراً أكثر من 3 أشهر.
 
 
المختطَف المحرر سمير الضبياني يقول: "منذ اختطافي وإخفائي في سجن "زين العابدين" تلقيت ألوانا من العذاب لمدة استمرت سنة وثمانية أشهر".
 
وذكر المختطف الضيباني، أنه مكث 10 أيام فترة التحقيق مربوط العينين واليدين والرجلين طوال الفترة لمحاولة إجباره على القول بما لم يفعل، منها 3 أيام بلياليها تحقيق متواصل يبدأ العصر وينتهي قبل الفجر يتناوب عليه عدد من المحققين لا ينام فيها أبداً، وفي اليوم الرابع أغمي عليه من شدة ما تلقى من التعذيب".
 
نظام السجن والتغذية
 
لا يُسمح للمعتقل بالذهاب للحمام سوى ثلاث مرات يومياً، أما نظام الأكل فلا يُستساغ، ويعتمد أغلب المعتقلين "الذين يُسمح لهم بالاتصال بذويهم" على ما يجلبه لهم الأهالي، حيث ينظم المعتقلون فيما بينهم جدولاً لجلب الطعام من البيوت عبر أهاليهم حتى يستغنوا عن الأكل الرديء الذي تقدمه لهم مليشيا الحوثي داخل معتقل زين العابدين.
 
وبالنسبة للزيارات فلا يُسمح بها إلا مرة واحدة كل عشرة أيام، وأحياناً يتم إلغاؤها دون أي مبررات، وعند الزيارة يُسمح للسجين برؤية أهله في غرفة واحدة مع عدد كبير من المعتقلين الآخرين وذويهم، بتواجد حراس من عناصر المليشيا في الغرفة ذاتها.
 
كما يتم إجبار المختطفين على حضور محاضرات تُقرأ فيها خطب الهالك حسين الحوثي مؤسس المليشيا وتُعرف بـ”الملازم”، يتولى تدريسها ما يسمى بالمشرف الثقافي في معتقل زين العابدين.

ذات صلة