لماذا لم تنجح حرب الحوثي النفسية في مأرب؟

12:21 2021/05/09

النفس الأخير.. 
هكذا أطلقت مليشيات الحوثي المسمى للمعركة المصيرية مأرب، وفعلًا يحق لهم كتابة ذلك، لقد صدقوا من حيث لا يعلمون، مأرب هي آخر أنفاسهم من حيث يعتقدون أنها آخر أنفاس اليمنيين.
 
بروباجندا الإعلام والضخ الدعائي كان سلاحهم ولا يزال، وهو السلاح الذي يعتقدون أنه أقوى من ترسانتهم العسكرية وقد صدقوا في ذلك، يطلقون جيشا من الأطفال والشباب المغرر بهم ويطلقون معهم ألف ألف دعاية تساعدهم، كما يطلقون آخرين بملصقات وشعارات حوثية يزرعونها ليلًا داخل المدينة المستهدفة وعلى واجهات المباني البارزة حتى حين يأتي الصباح تثير في الناس نوعا من الهلع ويتم التقاط صور لها لإثارة الرعب وبث الوهن في قلوب أهل المدينة وتحقيق مكسب معنوي أن أهالي المدينة مع الأنصار أو أن جيشهم يحارب داخل المدينة.
 
كما يقومون بإجراء تواصل واتصالات تحاول تحييد مشايخ وأخرى تحاول استقطاب آخرين وتزييف في المواقع الإلكترونية والاستعانة بصحف ووكالات رخوة وشراء تصريحات وجمل وعبارات، كل هذا في سبيل تحقيق خرق ونجاح واحد في المعركة.
 
حقيقةً يملكون الجرأة على الكذب ويتحكمون باحترافية بالحرب النفسية وقد نجحوا بالتهام المدن واحدة تلو الأخرى بتلك الحرب النفسية وتلك الطريقة وتلكم الإشاعات التي تثير الرعب وتحدث تفكيكا وإضعافا للعزيمة لدى الطرف الآخر، لكن ماذا حدث في مأرب؟؟؟
 
لماذا لم تنجح تلك الدعايات والاتصالات في مأرب؟
 
ببساطة في مأرب واجهوا رؤوسًا سبئية مشنِّفة ترتطم الإشاعات بها وتتفتت وأكثر الأحيان تنعكس ضحكات وكشف لما تحويه من سموم..
 
لقد حدث العكس فعلًا في مأرب وارتدت دعاياتهم وأحدثت هلعًا في قلوب المجندين والقبائل في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم حتى إن كثيراً من الآباء أدركوا الحقيقة المرعبة ووصلهم حمأ نار مأرب المسنون حتى لفح وجوههم فحاولوا تهريب وإخفاء أطفالهم، وكثيرون ما زالوا معتقدين للأسف بأن عبدالملك سيمنحهم دولة فاضلة.
 
اختار الحوثي مأرب لتكون مرحلتهم الأخيرة في الاستيلاء على بقية اليمن، ولأن مأرب هي رمز القبيلة ورمز الجمهورية الأخير فسقوطها يعني نهاية كل شيء ولذلك كلفهم الأمر استدعاء إيرلو خصيصًا ليدير المعركة متخفيًا بوجه ديبلوماسي.
 
ولأن حسن إيرلو فشل في مهمة إسقاط مأرب تم تعزيزه بثانٍ وثالث حسب بعض الناشطين ناهيك عن التعزيزات السرية والمجندين من خارج اليمن الذين أتوا لنصرة علي وفاطمة حسب الأفكار الطائفية التي يزرعونها ويشحنون بها أتباعهم.
 
ولكن ما الذي حدث؟
 
التهمتهم مأرب أنساقاً وأفراداً وجماعات، التهمت المهاجمين والمتلصصين داخل المدينة والتهمت الإشاعات وحولتها إلى سخرية، وانهزموا، وعند كل هزيمة يشعرون بالتورط في الهجوم فيبثون دعايات أخرى بأنهم لا يقاتلون مجرد قبائل مأرب وقليل من المرتزقة حد قولهم، وإنما يقاتلون دواعش وجنجويد وقوات صهيوامريكسعودي ومن هذه التخريفات التي يصدقها شبابهم المحشوون حشوًا بملازم وثقافات تضمن لهم أنهم يقاتلون مع الرسول وعلي وأن النبي وعلي وفاطمة يشرفون عليهم من جبال هيلان ويرون قتالهم.
 
سيستمر الحوثي في الهجوم على مأرب، لأنه يخاف من التراجع، سيستمر حتى تدركه الأمم المتحدة بمبعوثها الخاص أو تعلن إيران مبادرة صلح ولن يسمحوا له بالتراجع والانسحاب، لأن إعلان الهزيمة سيوقظ يمنيين غاضبين في كل بقعة من البقاع التي خضعت لهم، سيخرج يمنيون غاضبون بالسلاح الأبيض والعصي والهراوات يطاردونهم في الشوارع فالغيض الذي يحملونه لهم قد تشكَّل إلى قنابل في صدورهم ويحتاج فقط لهزيمة أو قائد محنك يسير بهم إلى النصر..
 
مأرب غلبت الحوثي بإشاعاته وترسانته، لأنها حوت خلاصة اليمنيين الأحرار من أبناء القبائل وحوت خلاصة الأحرار الذين التجأوا إليها من بقية المناطق والمدن وسيرتدون في وجه الحوثي كالعواصف وحينها سيعلم الحوثي أن القطرنة لم تعد تليق بشعب أدرك معنى الحرية وتذوق حقيقةً العكفة.