مقاتل حوثي سابق يروي أساليب التعبئة الطائفية للمليشيات وكيف أجبر على إطلاق الرصاص الحي على معتقلين

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/08/03

خاص منبر المقاومة - عبدالصمد القاضي: من كل الاتجاهات يحاصرك الموت وما يشابه، فالمليشيات الحوثي تنشره في كل أرجاء الوطن سموماً وسهاماً موجهه لصدور الامنين الشاب رشيد سعيد (22عاماً) أحد ضحايا الشحن الطائفي والفكر الجهادي الذي تمارسه المليشيات الحوثية بين فئات المجتمع محدثةً تفكك الترابط الاجتماعي وتمزيقاً لنسيجه المتماسك.
 
وبدأت رحلة العشريني رشيد في سلك الظلام مع انتشار قوات المليشيات في ارياف وعزل مدينة تعز مطلع عام 2016، تعلقت في مخيلته فكرة الانضمام لصفوف المليشيات,بتحفيز خطابي وشحن طائفي عبر المساجد والمدارس والتجمعات الشبابية، ومع انتهاء مرحلة تعليمه الاساسي بعد مراحل شاقة عرض عليه مسئول التجنيد بالمنطقة قطعة سلاح (بندق) في حال نجاحه بهدف اغرائه، وبالفعل وقبل ظهور النتائج امتلك السلاح ليلتحق بعد ذلك بصفوف المليشيات الحوثية مقاتلاً. الشاب رشيد يروي لـ"منبر المقاومة" طريق الهاوية كما وصفها، بالقول: كنا نتباهي بكل من يقاتل في قريتنا مع الحوثيين وكانت قيادات صغيرة محسوبة على الحوثيين يعرضون علينا التجنيد، بصفوف المليشيات بداية عام 2016 حيث جاء طقم فجر يوم مشئوم لا اتذكره وحملني وثلاثة من قريتنا منهم الاخوين درهم ومحمد وكان في الطقم عدد من المقاتلين من قرى مختلفة، وصلنا إلى مقرهم بالحوبان حيث استقبلنا القيادي بصفوفهم الشيخ مقبل تحت مسمى مندوب القرية ليسلمنا بعد ذلك للمدعو أبو شهاب ويعتبر من القيادات البارزة في صفوف المليشيات في تلك الفترة، كان مشرفاً على التدريب واجبرنا على التدريب لمده شهرين ثم صرفوا لنا بطائق عسكرية وسلاسل عليها ارقام توضع على ايادينا، ولتكن أول مشاركة بالقتال في جبهة الجوف، على أمل أن يدفعون لنا رواتب شهرية لكننا لم نتلقى أي شيء من ذلك. ويواصل رشيد حديثه قائلاً: كنا في صفوف المقاتلين كمتارس للجبهة لا غير ولا ندري ما يخبىء لنا ففي جبهة مفرق الجوف وضعونا في المقدمة لنكون فريسة للاستهداف وتفاجئنا بحشد عسكري يطوق المنطقة ولا مفر لنا تركنا كل الذخائر وما نمتلك من سلاح وهربنا باعجوبة من الاستهداف العسكري الذي تشنه قوات حكومية. ويضيف: أكثر ما كان يتعبنا هي الطاعة العمياء وهو أن لكل كتيبة مجموعة أشخاص يطلق عليهم فريق التوعية الجهادية مهمته الشحن الطائفي وغسل عقول الشباب كما كنا نخضع لدورات تسمى دورات ثقافية وكل محتوياتها ملازم حسين الحوثي. ويواصل حديثه: بعد هروبنا مجبرين من مواقعنا وصلنا بعد ثلاثة ايام مدينة الحوبان حفاة الأقدام، منهكين الابدان لا طعام ولا شراب وبفجيعة تكفينا لصيام مائة عام قادم، ثم لجأنا إلى الشيخ مقبل الذي أوانا لنتفاجىء بهجوم عسكري علينا يقوده أحد المشرفين الحوثيين من أبناء صعدة على الشيخ مقبل بتهمة مختلقة بعد خلاف بينهما لرفض المشرف من صعدة الأفراج عن أحد أبناء الشيخ من سجن مدينة الصالح، فكان الهجوم المسلح الساعة 2 منتصف الليل، هربنا وهرب اولاد مقبل بعد اقتحام المليشيات المبنى ومقتل الشيخ وملاحقة البقية، ليعتقلوا 3 من ابناء القرية وواحد من ابنائه، هربت أنا إلى القرية واعتقلوا جثة مقبل لاكثر من شهر، ليفرجوا عنها بوساطة قبلية، فحوثين صعدة وغيرها كانوا يطلقون علينا زنابيل مع ممارسة أبشع الاضطهادات ضد مجنديهم بمافيهم الأطفال. وبتنهيدات متكررة يقول الشاب رشيد: بعد فترة اضطريت لدخول مدينة الحوبان ليخطفوني الى مدينة الصالح ويجبروني على ممارسة انتهاكات بحق نزلاء السجن، اتذكر أني اطلقت رصاص حي على بعض المساجين أكثر من مرة ووجدت نفسي مجبرا على فعل ذلك تحت تهديد السلاح، خرجت من السجن بعد عفو عام شمل بعض الشباب الذين تخلوا عن خدمتهم العسكرية في صفوف المليشيات، لكني في أسوء حال فقد ضاع شبابي واختطفوا ذاكرتي وقتلوا انسانيتي ومستقبلي، فأنا انسان شرير في نظر نفسي ونظر من حولي. يضيف والده الكهل سعيد حسن 69 عاما: انتشرت المليشيات في منطقتنا كأنتشار الطاعون وسرعان ما سيطرت على معظم القرى فكريا وعقائدياً فكان ولدي رشيد أحد ضحايا ذلك الاستهداف الذي استباح حلم الشباب واستغل قدراتهم لهدم وتدمير الوطن و تدشين حروباً لا حدود لها، كانت بداية طريق رشيد عبر فعالية المولد النبوي الذي اقامه الحوثيون بمديرية السلام، فسلبوا عقله حتى أنه لم يأخذ الأذن أو يطلب الوداع مني حين استقل الطقم العسكري فجر ذلك اليوم الذي كان بمثابة بوابة النفق المظلم وتابوت الحياة الذي مازال يعاني منه حتى اليوم، خصوصاً بعد خروجه من السجن التابع للحوثيين بمدينة الصالح، فهو مصاب بشيء من الجنون، لم اتوقف شهراً واحدا وأنا اعرضه على اطباء نفسيين، نتيجة تدهورت حالته النفسية داخل السجن كما يتضح أنه تعرض للتعذيب، ونعجز أن نعيده لحالته النفسية السابقة أو ما يشابهها، فحسرتي على ولدي.
 

ذات صلة