ما وراء اقتحام الحوثيين لمجمع الأمم المتحدة في صنعاء؟
- عدن، الساحل الغربي:
- 04:54 2025/10/20
في تطور خطير يعكس تصاعد التوتر بين جماعة الحوثي المجتمع الدولي، اقتحمت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، السبت 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، مجمعاً سكنياً تابعاً للأمم المتحدة في حي حدة بصنعاء، واحتجزت أكثر من عشرين موظفاً أممياً من جنسيات مختلفة، بينهم كبار ممثلي منظمات دولية بارزة.
الخطوة الحوثية جاءت بعد أيام من خطاب لزعيم المليشيا عبدالملك الحوثي، اتهم فيه وكالات أممية، بينها "اليونيسف" و"برنامج الأغذية العالمي"، بممارسة "أنشطة تجسسية"، في ما فُسّر على نطاق واسع كتمهيد لحملة منظمة ضد المؤسسات الدولية العاملة في مناطق سيطرة الجماعة.
تفاصيل الاقتحام والاحتجاز
وفقاً لمصادر أممية ومحلية، اقتحمت عناصر من جهاز الأمن والمخابرات الحوثي المجمع السكني UNCAF، وصادرت أجهزة اتصالات وحواسيب وخوادم، وأغلقت المنطقة بالكامل.
وأكد "جان علام" المتحدث باسم منسق الأمم المتحدة المقيم في اليمن، أن المسلحين الحوثيين احتجزوا خمسة يمنيين وخمسة عشر موظفاً دولياً، قبل أن يُفرج لاحقاً عن 11 منهم بعد استجوابات مطولة، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة على تواصل مع السلطات في صنعاء والدول الأعضاء لحل الوضع الخطير في أسرع وقت ممكن.
من بين المحتجزين بيتر هوكينز الممثل المقيم لـ"اليونيسف" في اليمن (بريطاني الجنسية)، وميو نيموتو نائب الممثل (يابانية)، وزينة علي أحمد ممثلة "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" (لبنانية)، وأحمد حمادة رئيس عمليات الأمن والسلامة (مصري).
ويُعد هوكينز أرفع مسؤول أممي يُحتجز في اليمن منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عقد.
وصفت الأمم المتحدة ما جرى بأنه احتجاز تعسفي خطير وغير مقبول، مؤكدة على لسان المتحدث باسم أمينها العام ستيفان دوجاريك أن الاتهامات الحوثية لا أساس لها وتعرض حياة العاملين الإنسانيين للخطر، مطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الموظفين المحتجزين.
كما عبّرت بعثات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن قلقها العميق، محذّرة من أن استمرار الاحتجاز يهدد برامج الإغاثة الحيوية التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين.
وقال السفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فاغن إن ما يحدث يمثل نمطاً ممنهجاً لاحتجاز الرهائن، مذكّراً بحادثة احتجاز موظفي السفارة الأمريكية قبل أربع سنوات.
خلفيات ودلالات
يرى محللون أن الاقتحام الأخير جاء كرد فعل على قرار نقل مقر منسق الأمم المتحدة الإنساني من صنعاء إلى عدن في سبتمبر الماضي، وهو قرار اعتبره الحوثيون عزلاً سياسياً وتقويضاً لهم.
كما يربط المحللون هذا التصعيد بمحاولة الجماعة فرض وصايتها على النشاط الإنساني وتمويلاته، واستخدام الملف الإغاثي كورقة ضغط سياسية واقتصادية على المجتمع الدولي.
وتؤكد تقارير أممية أن الحادثة ليست معزولة؛ فقد سبق أن احتجز الحوثيون 11 موظفاً أممياً في أغسطس الماضي، ليصل إجمالي المحتجزين حتى أكتوبر إلى 53 موظفاً، ما يعكس نمطاً متكرراً من الترهيب والابتزاز.
هذا السلوك أدخل علاقة الحوثيين بالمجتمع الدولي في نفق مظلم، وأثار مخاوف من شلل محتمل في شبكة المساعدات الإنسانية، التي يعتمد عليها أكثر من 17 مليون يمني.
ويرى متابعون أن الجماعة بفتحها هذه المواجهة مع الأمم المتحدة تخوض حرباً جديدة، لا تُستخدم فيها البنادق بل رهائن المنظمات الإنسانية.
ومع غياب أي مؤشرات على تراجع الحوثيين، تبقى صنعاء أكثر عزلة من أي وقت مضى، فيما يظل مصير العشرات من موظفي الأمم المتحدة معلقاً بين الاتهامات ونداءات إنسانية تصطدم بجدار من القمع الحوثي.
