الفوضى الهامشية.. كيف يستنزف الحوثي الشرعية داخلياً؟
- خاص - الساحل الغربي:
- 05:23 2025/11/23
تشير التحليلات الأمنية والسياسية في المناطق المحررة إلى أن المشهد الحالي يتجاوز حدود الفوضى العارضة أو النزاعات المحلية.. ما يُرى من تمردات وأعمال تخريبية هو جزء من مخطط سياسي–أمني مدروس يهدف إلى تفكيك القوة المناهضة للحوثيين من الداخل، بدل المواجهة المباشرة في الجبهات.
تعتمد استراتيجية الجماعة على استثمار هشاشة الروابط الداخلية داخل معسكر خصومها، وتحويل العصابات المحلية إلى أدوات لضرب التماسك الداخلي.. ففي مديرية الوازعية "على سبيل المثال" تكشف الأحداث عن وجود غرفة عمليات وراء الهجمات التي تقوم بها "عصابة أحمد حيدر" الخارجة عن القانون وتحركاتها المسلحة، الهادفة إلى زعزعة الأمن وإضعاف الروابط والثقة بين سلطات الدولة والمواطنين.
ولا تقتصر العمليات الإرهابية على الساحل الغربي، بل تمتد إلى عدن والضالع وشبوة وأبين ومأرب والجوف وحضرموت و...، حيث تتداخل الأبعاد الأمنية والسياسية؛ فمدينة عدن ليست مجرد عاصمة مؤقتة، لكنها رمز للشرعية ونموذج للدولة الجنوبية المستقرة.. وأي محاولة لإرباكها تمثل مشروعاً سياسياً بامتياز يهدف إلى تعطيل هذا النموذج قبل استقراره.
وتعمل الخلايا الإرهابية على تحويل المدن اليمنية إلى فضاءات متآكلة من الداخل عبر التخريب والتحريض الإعلامي والتمويل الخارجي الموجّه، فيما يختار الحوثيون عدم خوض معارك مباشرة طالما شبكاتهم الإرهابية تقوم بدورها على أكمل وجه؛ وبهذا، يصبح الاستنزاف الذاتي للشرعية وإنهاك القوى المناهضة هو الهدف الأكبر والأخطر في آن واحد.
المعركة اليوم لم تعد تقتصر على خطوط التماس التقليدية، بل تجري في الفضاء الداخلي لمناطق الشرعية، حيث كل تمرد، وكل اختراق، وكل خطاب تحريضي يمثل محاولة لتقويض تماسك الدولة وقدرتها على مواجهة المشروع الحوثي.
ولتجاوز هذا الخطر، يحتاج معسكر الشرعية إلى تعزيز منظومته الأمنية والسياسية الداخلية، عبر توحيد غرف العمليات، وربط قواعد البيانات، وتشكيل قوة مهام مشتركة، وإرساء ثقافة المراقبة والاستخبارات الميدانية، لضمان صيانة التماسك الداخلي وتحويل الدولة إلى فاعل سياسي قادر على مواجهة مشروع التفكيك.
الحرب في اليمن ليس فقط على الأرض أو عبر المدافع، لكنها على الهيكل الداخلي للشرعية وروابطها الرمزية والسياسية.. من يحافظ على هذا التماسك يصبح خصماً حقيقياً للحوثيين، ومن يفشل، سيخسر قبل أن تبدأ المواجهة.
