استهداف العمل الإنساني في الساحل الغربي يكشف مشروع الفوضى والأطراف المحركة له

  • خاص - الساحل الغربي:
  • 06:53 2025/11/22

كشفت الأحداث التي شهدها الساحل الغربي خلال الفترة الماضية محاولة منظمة لاستنساخ الفوضى الحوثية عبر عصابة مسلحة استهدفت العمل الإنساني والأمن المحلي، في تحرك بدا واضح الأهداف والدوافع منذ اللحظة الأولى.
 
وبحسب مصادر أمنية ومجتمعية، فإن العصابة حاولت تكرار ذات التكتيكات التي اشتهرت بها مليشيا الحوثي: قمع العمل الإنساني، ونهب المنظمات، وافتعال الفوضى تحت عناوين مزيفة من قبيل "الحقوق" و"المظلومية"، غير أن الفارق كان في الأدوات والسياق، وفي الأهداف التي اتضحت سريعاً.
 
وتشير المعلومات إلى أن ما وراء تحركات العصابة لم يكن المال ولا النفوذ، بقدر ما هو مشروع سياسي يستهدف تشويه الأمن في المناطق المحررة وتقديم الساحل الغربي كمنطقة خارجة عن السيطرة، في محاولة لضرب سمعة المقاومة الوطنية والنيل من حضورها الأمني المتماسك خلال الأعوام الماضية.
 
وتعزز هذا الترابط من خلال حملة إعلامية تحركت بالتوازي مع الحدث، شاركت فيها حسابات وأقلام محسوبة على أطراف خارجية، عملت على التضخيم وإعادة تدوير الحقائق كدليل "فوضى"، فيما كانت الأجهزة الأمنية تلاحق الجناة خطوة بخطوة حتى سقوطهم.
 
وتعود بداية نشاط العصابة إلى عام 2021، بقيادة أحمد سالم حيدر (المشولي)، الذي قاد سلسلة من الجرائم تراوحت بين الاختطاف والاعتداءات والابتزاز ومنع إسعاف امرأة مصابة، وصولاً إلى الضغط للإفراج عن شقيق متهم أُدين بالتخابر لصالح الحوثيين - وهي واقعة تكشف بوضوح مصدر الإلهام والارتباط.
 
وتطورت الجرائم لاحقاً إلى استهداف نقاط أمنية، والاعتداء على شاحنات عسكرية، ونهب مساعدات إنسانية، مستغلةً فترات من الوساطات القبلية التي منحتها مهلاً متتالية "حقناً للدماء"، ما سمح لها بتوسيع نفوذها وتحولها إلى ما وصفته مصادر محلية بـ"سرطان أمني" نما بصمت.
 
وجاء الاعتداء على فريق منظمة "إدرا" ليمثل نقطة التحول الأخطر؛ إذ شمل نهب أجهزة وبيانات وكشوفات مستحقين وأموالاً واحتجاز فريق ميداني، في منطقة تعتمد بشدة على المشاريع الإنسانية.. وقد اعتُبر هذا الهجوم استهدافاً مباشراً للعمل الإنساني ومحاولة متعمدة لإظهار الساحل كمنطقة مضطربة أمام الرأي العام المحلي والخارجي.
 
من تلك اللحظة، انتقل الملف إلى مستوى أمني واسع يجري التعامل معه باعتباره تهديداً للأمن الإنساني والإداري والسياسي.. وتشير معطيات التحقيق إلى عدم براءة تزامن الجرائم مع الحملة الإعلامية المسعورة، التي حاولت تسويق العصابة كـ"غضب شعبي"، وتصوير الجناة كـ"ضحايا"، واتهام الأمن بالتقصير، واستهداف المقاومة الوطنية ونائب رئيس مجلس القيادة الفريق الركن طارق صالح بصورة مباشرة.
 
ورغم كل ذلك، تعاملت الأجهزة الأمنية في الساحل الغربي مع الأحداث بإجراءات منظمة شملت التحرك العسكري، وتعقب الجناة، ورفع البلاغات الرسمية، وإصدار أوامر ضبط قهرية، وتوفير حماية للفرق الإنسانية، وإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
 
وكان موقف أهالي مديرية الوازعية وقبيلة العلقمة حاسماً في هذا السياق؛ إذ عبّر إعلانها الصريح بالوقوف مع الدولة والقانون عن رفض القبيلة لأي محاولة للتغطية القبلية على الجريمة، موجهاً صفعة معنوية للعصابة وللأطراف التي حاولت الاحتماء بالقبيلة وتوظيفها كدرع.
 
وبسقوط العصابة، سقطت معها الحملة الإعلامية التي حاولت تضليل الرأي العام، وتهاوت رواية الأطراف التي سعت لتكرار تجربة الحوثي في الساحل الغربي.
 
اليوم، تمضي القضية نحو الحسم الأمني والقانوني، والرسالة التي خرجت بها الأحداث واضحة:
الساحل الغربي ليس ساحة مفتوحة للفوضى ولا منصة للمشاريع الخارجية، ومن يحاول استنساخ نموذج الحوثي سيصطدم بجدار الدولة والمجتمع معاً.

ذات صلة