من تعز تنطلق الحكاية.. امرأة تصنع مساحتها في عالمٍ يضيق بالنساء

  • الساحل الغربي – إلهام الفقي
  • 11:56 2025/11/18

في مدينةٍ أنهكتها الحرب ولم تُنهك إرادة أهلها، تفتح الشابة غادة العريقي دفتر حكايتها.. تقول في حديثها لـ "الساحل الغربي" بنبرة واثقة:
«رحلتي بدأت من تعز… المدينة التي علّمتني أن أثبت رغم كل شيء».
 
لم تكن بدايتها من بوابة العمل المجتمعي، بل من إدارة الأعمال. غير أن قلبها كان يتجه نحو طريق آخر… طريق مليء بالناس والقصص وصناعة الأثر؛ ومع الوقت، وجدت ذاتها في التنمية المجتمعية وتمكين المرأة، لتصبح جزءاً من حراك محلي يدافع عن حق النساء في التعليم والعمل والسلام.
 
خبرتها الإدارية ضمن منظمة شبابية، ثم انتقالها إلى مجال التدريب في بناء السلام والنوع الاجتماعي، صقلت قناعة راسخة لديها:
«تمكين المرأة ليس مشروعاً جانبياً… بل مفتاح التنمية المستدامة».
 
وتؤمن أن المرأة حين تملك الوعي وتُتاح لها الفرصة، تصبح قادرة على تغيير مجتمع بأكمله؛ من الأمان الشخصي والصحة النفسية، وصولاً إلى ريادة الأعمال وخلق فرص اقتصادية بديلة.
 
تعز… مدينة تلهم رغم الجراح
 
حين تتحدث غادة عن بداياتها، لا تستحضر شهادات وورش عمل بقدر ما تستحضر المدينة نفسها.
تقول:
«الإلهام الحقيقي لم يأتِ من الخارج… جاء من صمود الناس هنا».
 
نساء يصنعن الحياة بإمكانات محدودة، شباب يصرّون على التعلم رغم الحصار، وحياة يومية تُخلق من العدم… كل ذلك كان شرارة دفعتها للبحث عن حلول محلية مبتكرة.
 
هذا الشعور بالمسؤولية قادها للمشاركة في منصات تمنح الضوء وسط العتمة، مثل: (TEDx Taiz، ستاندب تعز)
 
 
لم تكن بالنسبة لها فعاليات عابرة، بل مختبرات أمل تنضج فيها أفكار الشباب وطموحات الفتيات.
وتقول:
«عندما ترى فتاة تصعد المسرح لأول مرة وتعرض فكرة مشروعها… تدرك أن دورك أكبر من مجرد تنظيم».
 
القيادة تحت الضغط… مدرسة لا تقدمها الجامعات
 
طريقها لم يكن مفروشاً بالسهولة. كل فعالية كانت امتحاناً جديداً.
تروي:
«إدارة أكثر من 100 متطوع ليست أمراً بسيطاً، خصوصاً في مدينة تواجه انقطاع الكهرباء، وتوتراً أمنياً، وصعوبة في التنقل».
 
هذه المعوقات منحتها خبرة عملية نادرة: قيادة فرق كبيرة ومتعددة المهام، والتخطيط تحت الضغط، واتخاذ قرارات سريعة وحاسمة، وحل مشكلات ميدانية بشكل لحظي، وتعزيز الابتكار في بيئة محفوفة بالعقبات.
 
وتلخص تجربتها بعبارة:
«تعلمت أن القيادة الحقيقية تظهر حين يتعطل كل شيء… وتضطر لابتكار حل من لا شيء».
 
التحديات… بين الصورة النمطية وجدار العادات
 
وعندما تتحدث عن الصعوبات، يتغير صوتها قليلاً.
تقول بصراحة تعرفها كل امرأة يمنية:
«التحدي الأكبر لم يكن العمل نفسه… بل القبول».
 
ما زالت بعض البيئات تنظر إلى قيادة الفرق أو إدارة الفعاليات أو تحمّل مسؤوليات عامة باعتبارها "حقاً رجالياً".
 
وكان عليها أن تفتح هذا الباب بصبر، وأن تثبت جدارتها من خلال النتائج.
 
وتضيف:
«المجتمع يضع أمام المرأة حدوداً غير مرئية… لا أحد يصرح بها، لكنها تتحكم في كل شيء».
 
الشابة غادة العريقي لم تواجه ذلك بالصدام، بل بالإنجاز.. عملت بصمت، وقدّمت فعاليات ناجحة، ودافعت عن مساحة المرأة عبر نموذجها الشخصي.

ذات صلة