"التطييف الحوثي".. ثمة ما هو أشد فتكاً باليمنيين من حرب البارود

  • صنعاء، الساحل الغربي، عبدالمالك محمد
  • 08:40 2020/11/24

لا يمكن في أي حال التقليل من بشاعة "حرب البارود" التي تخوضها جماعة الحوثي ضد اليمنيين منذ ست سنوات، كما لا جدال في حتمية التوجه نحوها بخطابات الإدانة والاستنكار، إلا أنه بات من المهم أيضاً ألا نغفل عن حرب أخرى ناعمة تخوضها الجماعة، وبضراوة أكبر ربما، مستعملة سلاح" المَلازم" أو التعبئة الفكرية بالمعنى الأوضح.
 
يكاد عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا جراء قذائف، رشاشات، قناصة وألغام المليشيات يناهز مئات الآلاف، وهي جرائم لا تسقط في أي ظرف كان، يضاف لها بالطبع موجة التشرد والمجاعة والأزمات التي تضرب البلاد.
 
مع ذلك فالبعض يزعم أن هذه ليست حرب الحوثي الحقيقية، بل يذهبون إلى أن الممارسات الدموية تلك وسيلة حوثية شنيعة لصرف الأنظار عن حرب غائية أخرى، بعبارة أخرى، لإلهاء الرأي العام عن حرب ضارية تشنها السلالية الكهنوتية هناك فيما وراء الجبهات مستهدفة الهوية الفكرية لأجيال قاطبة. حسب تعبيرهم.
 
 
وينظر هؤلاء إلى كنه عراك الحوثي من زاوية أنه في حال أسقطت القذائف والألغام مدنيين أبرياء كُثر؛ فإن حملات التعبئة الفكرية والتحريضية تزيد من شدة القتل، إذ إنها تصنع المزيد من راجمي تلك القذائف والقناصة وصناع الألغام، ما يشجع على إطالة أمد الحرب. من وجهة نظرهم.
 
وعليه يغدو من الصواب الحكم «‏بأن اليمن لم يتعرض في العصر الحديث لخطر يهدد وجوده كما هو الحال مع الحركة الحوثية، تبدو كدمار منظم للدولة والمجتمع وحروب متناسلة تخرج من أحشائها» وفقاً لنجيب غلاب.
 
لا تختلف وجهة نظر المدونة على تويتر "ندى عادل" كثيراً عن ذلك، غير أنها  تضيف مقاربة فيما بين النازية الألمانية والجماعة الحوثي‏ة «عمدت النازية الحوثية على تدمير العملية التعليمية وإفقار المجتمع اليمني لتغذي حروبها العنصرية ضد الشعب اليمني بجيوش من الجهلة والأميين» وذلك، بحسب ندى، سر الزخم الذي ارتكزت عليه النازية الألمانية في أربعينيات القرن الماضي.
 
الواقع يتماثل تماماً مع ما سبق، سواء بعين المواطن المحلي أو المتابع البعيد، فهي ذي مجلة "إنسايد أرابيا" الأمريكية، المهتمة بنشر الدراسات التحليلية، تؤكد، في تقرير، تكثيف الحوثيين حملتهم القاسية ضد الحريات التعليمية والمجتمعية في اليمن.
 
وتوضح «حتى إنهم غيروا المناهج الدراسية لتمجيد الإمام الهادي يحيى، رأس الإمامة في البلاد، والتي حكمت شمال اليمن من عام 897 حتى عام 1962». 
 
ذلك لفرض منهجهم الطائفي العنصري المتشدد، من أجل إحياء عهد الإمامة التي عفى عليها الزمن ودفنها اليمنيون. وهذا الأمر، بحسب المجلة، على رأس أهداف الحوثيين.  
 
وتعود وتشير إلى أن هناك تركيزاً أكبر على انتهاكات الحوثيين وغالباً ما يتم التغاضي عن تلاعبهم بأيديولوجيتهم الطائفية «على الرغم من أن هذا الأخير يؤدي إلى المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان». 
 
المليشيات الحوثية تعمد في حربها الضروس هذه إلى استعمال القنوات التلفزيونية والإذاعية، وجميع أشكال الإعلام، بيد أن الدور الأكبر يعود للمدارس والمساجد والمناسبات الاجتماعية.
 
وقد تلجأ، غالباً، إلى استبدال مديري المدارس والكليات والجامعات ورؤسائها بآخرين أكثر انسياقاً معها، وهي خطوة ضامنة لتمرير أفكارها في أوساط الطلاب، كما أوضح تحقيق وثائقي لـ«الساحل الغربي» في مناسبة مطابقة.
 
وفي ظل الضغط الحوثي العنيف لتغيير ملامح اليمن، لا يزال الروائي اليمني علي المقري، يجد في احتفاء اليمنيين بثورة 26 سبتمبر نوعاً جيداً من المقاومة، لكنه يأمل أيضا لو يستلهم المحتفون منها «طريقة للنجاة من بطش السلالة الكهنوتية الرجعية التي عادت من جديد وأعادت ما كانت هذه الثورة قد تجاوزته بإقامة حكم جمهوري هدف إلى إزالة الفوارق بين الطبقات».

ذات صلة