شر المبادرات ما يضحك!

09:56 2020/11/26

قبل أيام بثت قناة المسيرة التابعة لميليشيات الحوثي الإيرانية، ما قال عنها رئيس ما يسمى بثورتيها العليا، مبادرة الحل الشامل لإنهاء الحرب باليمن، شكل الثور الأكبر مبعوث فارس، كيَّف وخدّر وصدق نفسه أنه رسول محبه وسلام !!!
 
بدأ المذيع يقرأ على لسان محمد الحوثي مستهل المبادرة، وبدأ يستأنف أقسامها ويفند بنودها، وهات يا هدار يلحقه هدار، عن وقف إطلاق النار وتجميد للقوات، وإعادة انتشارها، وفتح الطرق ما بين المحافظات، وتشكيل لجان و... و... الخ، المهم شوفانية وجنان ومرض سلالي سلطوي ونقص متجذر بعقول جماعة الانقلاب.
 
كلنا يعرف أن فاقد الشيء لا يعطية، وأن ناقص الأصل لا يمكن يتأصله ولو تحزم بالجنبية، وعلى ذكر الجنبية، لا تستغربوا فصاع الحوثية بالجنابي، هم يفصعون به لأنهم عارفين أنهم دخلاء على اليمن، وكان العرف القبلي يحرم عليهم أن يتحزموا الجنابي أو يتسلحوا، طبعا هذا عرف قديم منظم بوثيقة قبلية هم يعرفونها عز المعرفة، حيث حددت اصلهم وفصلهم ووضعهم ومكانتهم بين القبل ولا يمكنهم نكرانها.
 
خلونا نرجع لموضوع مبادرة ثور الحوثية، فيا مصلين على النبي، هذه المبادرة وبنودها، لا جديد فيها فهي ذاتها التي يتم تتكررها كل مرة، وهي مجرد حيلة وطعم لكسب الوقت، وللفت الانظار بعيدا عن أي حدث أو تحرك تعزم الميليشيا القيام به، واكبر دليل على ذلك، هو توقيت هذه المبادرة الذي جاء مع حدث معين، تعرفوا ايش هو!! أنا بخبركم.
 
عصابة الحوثي لها عدة اشهر تحاول السيطرة على مأرب، وتتبكد هناك الخسائر تلو الخسائر مثلما تتكبدها بجبهة الساحل الغربي، وعشان تظهر نفسها للرأي العام المحلي وترفع معنويات مرتزقتها، وتداري هزائمها التي لحقت بها بأصدق جبهتين وطنيتين، قام محمد علي إيرلو عفوا اقصد الحوثي، باخراج مسودة تلك المبادرة من ادارج مكتبه، ونفض الغبار المتراكم عليها، سنه بعد سنه، وقدمها لوسائل اعلام الميليشيات، وهات يا نخيط، وحسسنا انها مبادرة صلح الحديبية.
 
لا بد أن يعرف الجميع بأن الميليشيات لا تؤمن بأي مبادرات لحل وطني شامل!!!، فمن الستحيل أن تقبل بأي طرف يشاركها السلطة، لانها ببساطة لن تعترف بأي نهج يناقض فكرها وطموحها وفلسفتها بادارة الدولة، فهي لأ تؤمن اساسا بنهوض المجتمع أو تعترف له بأي حقوق وحريات، دون أي تمايزات عرقية أو طبقية أو عقائدية، هي بمبادراتها تلك تتحايل على الوقت، وعلى مرتزقتها، وتتحايل ايضا على غضب الشعب لامتصاصه.
 
وبعدين من خول المدعو محمد علي إيرلو بصلاحيات النيابة عن الشعب، وأي مبادرة يتحدث عنها طرف لا شرعية له سوى أنه انقلابي فرض سطوته على الدولة والشعب بقوة السلاح، فلكي تكون هناك مبادرة فعلية يجب أن تسبقها اجراءات تعزيز الثقة بين الاوساط الرسمية والشعبية، ومن سوء حظ الجريدل الحوثي، أن جميع تلك الاوساط لا تثق بميليشيات إيران وحلفائها وكل من والاها.
 
فإذا كان بالإمكان القول بأن هناك مبادرة وطنية فعلية، فهي فقط مبادرة الشعب، من له أحقية تقديمها وتفنيد بنودها، فليس من المعقول أن تكون لغيره بعد الاجرام الذي ارتكبه بحق الوطن المواطن، وبعد كل تلك الدماء والدمار الذي الحقه باليمن واليمنيين، وبعد كل التشوهات التي افرزها انقلابه ونظام حكمه السلالي البغيض، نعم وحده الشعب المخول اليوم باطلاق المبادرات، ووحده له الحق أن يتفاوض ليقرر مصيره، وله في ذلك وسائل وطرق وقنوات رسمية ومجتمعية، يعبر من خلالها عن ارادته، ولا تخاطب اليوم إلا مع الشعب وحده.
 
وقبل الخوض في مسار التفاوض يجب على الميليشيات أن تثبت جديتها بذلك، فعليها أن تؤمن بالشعب والنظام الجمهوري أولا، وأن تسحب عناصرها إلى جحورها في صعده، وأن تعيد سلاح الدولة إلى ثكناته، وأن تعيد كل ما تم نهبه واغتصابه من حق عام وحق خاص، وأن تمتثل وتمثل طرفها بحزب سياسي ثانيا، بعد ذلك يترك للشعب حريته المطلقة في تقرير مصيره وتحديد الطرف الذي ارتضاه حاكما عليه، دون ترهيب أو ترغيب، ودون تهديد ووعيد أو نهب أبناء رموز المجتمع، لضمان الضغط عليهم.
 
بعد كل ذلك اصبح الجلوس للتفاوض تحت سقف الوطن وعلى ارضه ممكنا، شريطة أن يكون على طاولة تفاوض يمنية _ يمنية، تفاوض بعيد عن تأثيرات الأطراف والاملاءات المصدرة من غرف السيطرة والوجستي، نعم طاولة يمنية _ يمنية يخضع كل من حولها لدستور اليمن وعقيدته الواحدة، ولاعرافه العربية الاصيلة، وما عدا ذلك فكلها خزعبلات وهزليات غير مقبولة، فتاريخ تلك الميليشيات وسلالاتها حافل بالتحايل والتسويف والخداع، وعلى ذلك نؤكد أن لا مبادرات معها، إلا ساحة المعركة الوطنية حتى اجتثاثها.
 
فالشعب وبعد هذه المرحلة لن يقبل بأي افرازات ميليشاوية في مرحلة لاحقة، فقد خبر اليمنيون تاريخيا أن بقاء ادنى شرذمة وشذوذ لها، سينذر بعودتها بعد حين، بنفس الغوغائية والعدائية، وبنفس النهج والمنهج والممارسة والسلوك التدميري العصباوي، فلم يعد لدى الشعب اليمني اليوم أي استعداد لتكرار هزلية التفاوضات التاريخية مع تلك السلالة، وليس عنده ايضا استعداد لأن يكرر اخطاء تفاوضات ما بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م المجيدة.
 
وبعيدا عن تلك المبادرات المصدرة للداخل اليمني بحسب اهداف الاجندة عابرات الحدود، تبقى المبادرة الوطنية الوحيدة هي حسم معركة اجتثاث تلك السلالة التي ومنذ ما يزيد عن الالف عام تجرع اليمن وشعبه ويلات حقدها وحنظل عنصريتها، ومرمر ادعاءاتها ولايتها ونسبها لنبينا المصطفى، الذي لا يمتدون اليه بأي صلة إلا باستراتيجية مخرج تلك الميليشيات، الذي أسس لاهدافه وعدوانه في بلد الحضارة ومنبع العروبة، على أسس جعلت من الدين والنبي محمد (ص) دثارا لتمرير اجندته في اوساط أمة عرف عنها النصرة والبأس الشديد.
 
يكفي إلى هنا يا شعب اليمن، افق من غفوتك وانفض عنك غبار الكهنوت، واعلم أنه لا خير سيتحقق لك إلا بكسر شوكته واجتثاث سلالته، أفق فأنت وحدك صاحب الحق، وانت المشرع، ومصدر كل السلطات، وحدك أنت أيها الشعب من له زمام المبادرة في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ أمتنا، ولك حق رسم ملامح وطنك المنهك ومستقبل ابنائك المطحونين بمحارق حروب الميليشيات.
 
أيها الشعب الأصيل، أنت لا سواك الحكم والحاكم ولك شرعية الرأي الفصل بما يقرر مصيرك، وما عدا ذلك فلن تقوم لك قائمة، وستتجرع طاعون السلالة الازلي (فقر، تخلف، مرض، عبودية)، ولن ينظر اليك بعين الإنسانية، فقط اليوم عليك أن تصحو من سباتك وسترى اليمن بعد ذلك تتوج بألوان الإنسانية والمواطنة العادلة.