ريان.. طفل بترت المليشيات الحوثية ساقه وقتلت شقيقه - (قصة إنسانية)

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/05/20

خاص / منبر المقاومة - عبدالصمد القاضيتعد انتهاكات حقوق الطفولة أثناء الحروب جرائم تعاقب عليها القوانين والمواثيق الدولية ولو بعد حين، فجرائم الحرب لا تسقط بالتقادم.
 
وفي اليمن ترتكب مليشيات الحوثي آلاف الانتهاكات لحقوق الطفل كحرمانهم من التعليم وفرض التجنيد الاجباري وتشويش عقولهم بعقائدها الخاطئة وبالطائفية والفكر الإرهابي، إضافة لجرائم الحرب الناجمة عن القصف العشوائي للأحياء السكنية التي تحصد مئات الأرواح. الطفل ريان رفيق (6 أعوام) نموذج للإنتهاك الملشياوي الذي تحول إلى ألم يعيش مع ريان يكبر مع برعم طفولته ونعومة أظافره البريئة حيث أصابته وحشية الحوثي بقذيفة الموت لتجعله يعيش بنصف جسد وقليل من الروح البمعثرة، هكذا يقول حال الطفل ريان، أحد ضحايا القصف العشوائي على مديرية مقبة بريف تعز الغربي. في تاريخ 29 اكتوبر لعام 2018 عصر يوم الاثنين انهالت قذائف الحوثي على القرية، وببراءة طفولية ممزوجة بوجع لا ينتهي من قلبه يروى ريان لـ "منبر المقاومة" تفاصيل مجزرة المليشيات الحوثية: بدأ بصمت عميق متذكراً تلك الفاجعة التى لا تفارق مخيلته ثم يقول : كنا حوالي خمسة أو ستة أطفال من اسرة واحدة أنا وأخي وأولاد أعمامي نلعب أمام الدار بالعصر، لا نعلم ما يحدث حولنا من حرب وما نسمع عنه نظن أنه بعيداً عنا ولا يقتل الأطفال، وعلى مسافة بعيدة سمعت صفير القذيفة وصراخ أمي من النافذة تطلب منا الدخول، لكن القذيفة كانت أسرع منا لتسقط وتمزق أجسادنا، الريح المصاحب للقذيفة استطاع أن يزيحنا عن بعض كثيرًا والغبار يملأ عيوننا. سارع أهالي القرية لإسعاف الضحايا وانقاذ الطفولة، حملوهم ولملموا اجزائهم بلحظات سريعة خوفاً من سقوط قذيفة ثانية، كطبيعة المليشيات التى تستهدف الأحياء بأكثر من قذيفة لمنع الاسعاف واستهداف المسعفين.ريان وبقية الأطفال أغمي عليهم قبل أن يفارق البعض منهم الحياة اسعفوهم إلى مستشفى البريهي بتعز لكن الطفل مميز رفيق، شقيق ريان الأصغر منه بثلاث سنوات، فارق الحياة تاركا فراغا لا ينتهي في حياة ريان الذي هو الآخر فقد قدمه الأيمن وبقية الأطفال أصيبوا بشظايا مختلفة في أجسادهم. كمن يفيق من الحلم يواصل الحديث: لم تأخذ القذيفة قدمي فقط بل اخذت روحي ونصف جسدي فما أصعب الحياة حين تعيش بنصف جسد. نجى ريان من الموت لكنّه لم ينج من رعب تلك القذيفة الغادرة ومازال يعاني من كوابيس تطارده في نومه وفي يقظته فكثير من الأطفال ضحايا الحرب يعيشون حياة مماثلة لحياة ريان فقذائف المليشيات حولت الحياة إلى كوابيس، واقتحمت براءة الأطفال وملأت أجسادهم بالشظايا وقلوبهم بالأسى والحزن الذي لا يفارقهم فكل الأحداث تكبر معهم والطفولة لم تكبر فهم يعيشون كمسنين تأخذ الحرب منهم نصيبها. ومهما تفاقمت الأحزان والاوجاع تظل فاجعة الأم الثكلى شعلة نار لا تنطفئ مهما تباعدت السنين، تقول أم ريان: ما قيمة الحياة حين تسلب روح طفلك أمام عينيك وتتقطع أعضاء الآخر ولا تستطيع أن تفعل شئ؟؟!! نعم نحن على قيد الحياة لكن قتلت من الداخل نعيش أجساد بلا أرواح بلا حاضر ولا مستقبل فكل شيء توقف عندما عدت للدار بدون ابني مميز في زاوية من البيت تلوح صورته أمامي هو لا يكبر بيننا لكن حزننا كبير لفراقه، ما أخشاه أكثر أن حياة ريان ومستقبله سيكون بقدم واحد هذه المصيبة قد يتجاوزها بطرف صناعي، لكن كيف سيتجاوز الذكريات المريرة بعد فقدانه لأخيه الأصغر؟؟ أصبح ريان ينبذ كل صديق ورفيق له لم يعد بوسعه أن يرافقه أحد، فرحيل أخيه وضع حاجزاً بينه وبين من حوله، وبصوت يختبئ خلفه القلق تواصل: يظل ريان في أوقات عديدة سابحاً في خيال لا أدري ما يدور في مخيلته وأحيانا يجهش بالبكاء ويصعب إيقافه حتى يسيطر عليه النوم، أخشى أن يصاب بحالة نفسية مزمنة، لذلك نوفر له كل متطلبات الطفولة ليغير أسلوب حياته لكننا نواجهه صعوبة في احداث ذلك التغير. الأطفال الناجون من المجازر يعانون كثيراً والحالات النفسية الصعبة، فحرب المليشيات جلبت لنا كل هذه العاهات وما نشاهده يوميا من الصور المؤلمة للقتلى والدمار والمصابين قد يكون الزمن كفيلاً بتجاوزها ونسيانها، لكنّه لن يمحو الآثار النفسية السيئة التي سترافق الأطفال، خصوصاً أولئك الذين عاصروها، وعايشوا الرعب والقلق، وفقدوا إخوانهم أو رفاقهم ليجدوا أنفسهم وحيدين في العراء" تائهين بين ذكريات الماضي ومأساة الحاضر المرير. كل تلك الجرائم تمارسها مليشيات الحوثي، واضحة كضوء النهار للمنظمات الحقوقية والإنسانية حتى المنظمات الموالية للمليشيات تعترف ببعض تلك الجرائم وتخفي بعضها، ورغم ذلك يسود الصمت أمام تلك مجازر الحوثي الموثقة والمنتهكة لحق الحياة المشروعة بحق اطفال اليمن ولن تتوقف الجرائم الا بتحرك جاد لوقف انتهاكات المليشيات.
 

ذات صلة