هديل.. طفلة قتلتها مليشيات الحوثي مرتين..! – "قصة إنسانية"

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/05/04

خاص/ منبر المقاومة - عبدالصمد القاضييدفع المدنيون وفي مقدمتهم الاطفال الفاتورة الأكبر من جرائم حرب مليشيات الحوثي، والتي تتضاعف بشاعتها مع ارتفاع عدد ضحايا القصف والقنص في مختلف المحافظات وتعز على وجه الخصوص أكثر المناطق ضحايا من القذائف العشوائية والتى مصدرها مليشيات الحوثي التى صنعت من الدماء ورائحة الجثث المتفحمة انتصارات وهمية يسوق لها أذنابها عبر وسائل الإعلام المأزومة.
 
الطفلة هديل محمود (13 عاماً) ضحية قذئفة عشوائية أطلقتها مليشيات الحوثي على قرية العراري ريف مديرية جبل حبشي لتحول بينها وبين المستقبل، تقول والدتها لمحرر "منبر المقاومة": والقهر يعبر تجاعيد وجهها ومن خلفه وجع لم يتسع له قلبها المثقوب بناكسار طفلتها في التاريخ الاسود 7 من أبريل لسنة 2017 كانت هديل تمارس هوايتها باللعب والتسلق بين الأشجار المجاورة للمنزل إلا أن قذيفة حوثية سقطت جوارها، وبصمت وآهات تواصل القول: يا وجعي على طفلتي لم تدرك أن قذائف الموت ستحيل أيامها الى وجع دائم وجرح جاثم سيبقى معها ما بقيت على قيد الحياة.ومن جهة يصف سكان القرية قذائف مليشيات الحوثي بنيازك متناثرة تتساقط على القرية والقرى المجاورة بشكل شبة يومي، وبهلع اكبر يشعرون به يقولون مع سماع صفير القذيفة لم يكن بوسعنا سوى نطق الشهادة منتظرين الموت القادم من شرق المدينة المحتلة من قبل مليشيات الحوثي حتى الاغنام أخذوا نصيبهم من القذائف الحوثية، فلا حول لنا ولا قوه سوى الشكوى إلى الله. ولكن يضل لهديل لون آخر من القهر والألم لتقف ضحية بين وحشية المليشيات وقبح المتاجرين بضحايا حرب الحوثين بتعز لتروي لـ"منبر المقاومة" تفاصيل فاجعة القذيفة وصدمة الاستغلال قائلة: كنت أمارس هوايتي المعتادة في اللعب أمام منزلنا بقرية العراري غرب مديرية جبل حبشي، فجأة سقطت قذيفة "حوثية" علي وأنا أتسلق أحدى الأشجار القريبة من المنزل ولم أفق إلا في غرفة الإنعاش بمستشفى في عدن، الخبر الصاعقة ما كنت أظن وأنا مستلقية على سرير المرض ويداي ملفوفتان بالرباط الأبيض، أنهما قد بترتا وأن الأصابع التي كنت أمارس بها عشقي في الكتابة والرسم قد ذهبت دون رجعة.بتلك الكلمات، تستذكر "هديل" يوم علمها ببتر أطراف يديها، وتقول، "نزل علي الخبر كالصاعقة، لم أستوعب الأمر وأمي تحثني على الصبر واحتساب الأجر عند الله، كنت حينها بين واقع الحقيقية المؤلمة، وعدم التصديق أنني أصبحت بلا يدين"، أسودت الدنيا في عيني وشعرت أن الأرض قد ضاقت علي بما رحبت، ثم تساءلت والحسرة تملىء قلبها: "كيف سأمسك القلم وأقرأ الكتاب وأتناول الطعام واستحم بنفسي كما كنت سابقا؟".تسربت المسرات من داخل هديل كما يتسرب الماء من بين فروج الأصابع، لم يعد باستطاعتها الذهاب إلى مدرستها التي تحبها كثيراً، ولم تعد تقوى على اللعب مع صديقاتها.وتضيف "هديل": شعرت حينها بحسرة كبيرة، لم أتخيل أنني لم أعد قادرة على فتح الكتب المدرسة وممارسة عشقي وهيامي في الكتابة، كنت أشعر بالعجز والقهر معاً. عاشت هديل أياما صعبة وليالٍ مؤلمة، كانت فيها كثيرة النشيج والإحساس باليتم، ترى في عينيها وهي تحدثك توسلات طفلة كسيرة جار عليها الزمن ونال من إشراقة وجهها وابتسامتها الدائمة.. هديل وجع لا ينتهي. تضاعفت آهات هديل مع مطلع هذا العام الدراسي الجديد ورغم ذلك عادت هديل إلى مدرستها، لكن بدون ذراعيها، عادت وقهرت القذيفة وقهرت الحرب واستطاعت الفتاة رغم إعاقتها الوثوق في نفسها، وتعلمت كيف تستطيع الكتابة من جديد ببقايا ذراعين انتصاراً للحياة لترسم المستقبل من جديد رغم الإعاقة ورغم انين الحياة في خطوط وجهها وماتبقى من ذراعيها.طه هزاع خال هديل يقول: رغم هول الفاجعة لم تستسلم هديل للواقع فسرعان ما حاولت الكتابة، فمسكت القلم بأصابع قدميها ومن ثم بأسنانها إلا إنها لم تستطع لكن وأمام اصرارها على مواصلة تعليمها، تمكنت من مسك القلم بكلتا يديها المبتورتان، لكن الأمر لم يكن سهلا البتة.معاناة أخرىالمصائب كما يبدو لا تأتي فرادى، فيقول خالها: أن منظمة محلية "نحتفظ بإسمها" تبنت قضية هديل وزراعه أطراف صناعية لها في مصر برعاية داعمين دولين تلك المبادرة فتحت نافذة امل جديدة أمام هديل لكن سرعان ما انكسرت الفرحة بعد سفرهم إلى مصر لأسابيع قليله لتنكسر أطرافها الداخلية حسب قوله وعزيمتها وقفت هديل أمام صدمه حقيقية مماثله لقذيفة المليشيات لتمكث في القاهره مع خالها لعدد ايام دون تكاليف حياة أو مأوى كانت بمثابة المتاجرة بمعاناة الضحايا من قبل المنظمة المحلية مستغلين الأوضاع المادية لأسر الضحايا، غابت الإنسانية وحلت مكانها النرجسية.. سيطرت الأنانية وطغت على الوفاء والإحساس بأوجاع الآخرين لتكن هديل ضحية قذيفة الموت وجشع المنظمات، وبعد كفاح مرير ومناشدة واسعة لتعود من المهجر الى القرية، فعادت كحمامة بين رصاصتين قتلتها مرتين فمازالت تحلم أن تمسك قلم .. ومع مجابهة الإعاقة يظل الكثير من الضحايا مبتوري الأطراف يعانون حالة نفسية سيئة، وبحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل نفسي وحركي يساعدهم في العودة إلى الحياة.اختلطت مشاعر هديل ما بين ابتسامة صافية تستقبل الحياة وعيون غارقة في الدمع، ابتسمت حين سألتها عن أحلامها ثمّ قالت في مرح طفولي نادر أحلم أن أكمل دراستي وأن أتمكّن من التغلّب على فقد يداي وأن أمارس حياتي كبقية الأطفال، لتصمت قليلاً ثم تتساءل: متى ستتوقف القذائف على قريتنا وتعود الحياة كما كانت واجمل؟
 

ذات صلة